-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بيع وتسويق خدمات ومشاريع جديدة لإرساء نموذج اقتصادي جديد

“سيال”.. التحرر من الألغام الفرنسية

حسان حويشة
  • 9324
  • 0
“سيال”.. التحرر من الألغام الفرنسية
أرشيف

اعتمدت شركة “سيال” في نسختها الجزائرية بعد فض الارتباط بالشريك الفرنسي “سياز”، على نموذج اقتصادي جديد، مكنها من تقليص وترشيد النفقات من جهة، وبيع وتسويق خدمات من جهة أخرى، إضافة لنشاطها الرئيسي المرتبط بالمياه، ظل الطرف الأجنبي غافلا أو متغافلا عنها لسنوات طويلة.
ويؤكد مسؤولون وإطارات بشركة “سيال” في لقاء مع “الشروق” بأن أفكار وتسيير وتنفيذ النموذج الاقتصادي الجديد للشركة، جاء بسواعد وعقول جزائرية مائة بالمائة، فضلت البقاء في الوطن والمساهمة في تطويره وخصوصا قيادة شركة “سيال” منذ رحيل الشريك الأجنبي، الذي تزامن مع ظرف اقتصادي ومائي شديد الصعوبة، ورفع تحدي نجاح الشركة في نسختها الجزائرية من خلال النموذج الاقتصادي الجديد.

مخبر بأعلى تكنولوجيا لضمان جودة الماء و540 زبون خارجي
في هذا السياق، أوضح المدير التقني بشركة “سيال”، فضيل توازي في لقاء مع “الشروق” أن المخبر يحوز على شهادة المطابقة إيزو 9001/2015 و71025/ 2017 من الهيئة الجزائرية للاعتماد “ألجيراك”، وهي دليل على الكفاءات التقنية للمخبر.
وأوضح المتحدث أن تحاليل المخبر المركزي لـ”سيال” لمياه العاصمة وتيبازة، معترف بها حتى خارج الوطن، مشيرا إلى أن عملية أخذ العينات لمراقبتها تتم من مختلف المياه التي يتم إنتاجها سواء جوفية أو سطحية أو مياه البحر المحلاة، وصولا إلى الزبون، حسب ما تنص عليه القوانين الجزائرية، وشدد على أن “سيال” تزيد من المعايير فوق الحد المشروط من طرف القوانين، من أجل رفع مستوى الجودة أكثر، وتصل إلى مراقبة 75 معيارا في حين القوانين تنص على 43 فقط.
ولفت توازي إلى أنه خلال القمة العربية الأخيرة قامت فرق “سيال” عبر مخبرها بمراقبة نوعية المياه عبر كافة المنشآت التي كانت مخصصة لاحتضان القمة العربية، إضافة إلى بطولة إفريقيا للاعبين المحليين “الشان”.
وتحول المخبر المركزي، حسبه، إلى مصدر دخل للشركة من خلال عمليات مراقبة لمؤسسات وهيئات صناعيين وخواص وعيادات طبية ومخابر وشركات صيدلانية وغيرها، ما يدر مدخولا إضافيا للشركة إضافة لتحاليل مضادة لأطراف خارجية أيضا.
وإجمالا يحصي المخبر، يؤكد توازي، 540 زبون خارجي تقدم لهم “سيال” خدمات التحاليل المختلفة للمياه التي تعد مصدرا إضافيا للدخل.
من جهته، ذكر رئيس دائرة الجودة بـ”سيال”، فريد غربي، أن المخبر المركزي يتوفر على أحدث الوسائل والمعدات التكنولوجية، ويجري 135 ألف تحليل بكتيري في السنة على المياه، و26 ألف تحليل فيزيائي كميائي، في حين يبلغ عدد عمليات أخذ العينات سنويا أيضا 11 ألفا و800 عملية، موضحا أن النتائج تنشر عبر المنصات الاجتماعية للشركة وتعلق أيضا في الوكالات التجارية.
وعندما يكون هناك شك أو شكوى من زبون فيما يتعلق بنوعية المياه، يتم أخذ عينات من العداد وأخرى من الحنفية، وغالبا ما يتم العثور على مصادر ملوثة في شبكة الزبون الداخلية، على غرار الصدأ وغيرها من العوامل.

نظام ذكي لتسيير إنتاج وتوزيع المياه الشروب عن بعد
يعمل تقنيو وإطارات سيال الجزائريين على نظام ذكي للمراقبة الشاملة لعمليات إنتاج وتوزيع المياه الشروب بالعاصمة وتيبازة انطلاقا من غرفة تحكم بمقر الشركة بالقبة وآخر بولاية تيبازة، بخصائص تقنية وتجارية على علاقة بالزبائن.
وأوضح أمين إياركان مدير المراقبة الشاملة بـ”سيال” لـ”الشروق”، أنّ غرفة التحكم تراقب الإنتاج على مستوى المياه السطحية (السدود) والجوفية (الآبار) ومحطات التحلية بداية من تاقسبت وكاب جنات وبوكردان وبورومي وغيرها، إضافة إلى أنه يسمح بعرض معلومات وبيانات آنية عن وضعية شبكة التوزيع ومستويات الخزانات ومعدلات التدفق ومحطات الضخ والضغط من خلال مجسات استشعار عبر الشبكة.
ويشرح أمين إياركان أن مختلف المؤشرات التي يظهرها النظام تسمح بتسيير أحسن لتوزيع المياه من خلال زيادة التدفق في منطقة ما وخفضه في أخرى وتحويل الماء من جهة إلى أخرى وهكذا.
كما طور مهندسو وتقنيو “سيال” تطبيقا ذكيا جزائريا أيضا يسمح في الوقت الآني بنقل المعلومات الواردة إلى مركز النداء الذي يستقبل اتصالات وشكاوى الزبائن وأيضا تلك التي تصل إلى الوكالات التجارية، إلى وحدة المراقبة الشاملة وتتم متابعة الشكاوى عبر النظام والجهة الجغرافية التي تأتي وتتمركز بها، ما يسمح بتدخل سريع وإصلاح الاختلالات أو تجنيد فرق التدخل والتحقق من طبيعة المشكل المطروح وتسويته بأسرع وقت ممكن.
كما يتيح النظام توفير كميات كبيرة من المياه في حال حدوث أعطاب وتسربات كبرى خصوصا، من خلال قياس الضغط ومعدلات التدفق وتقديم إشعارات آنية، ما يتيح نشر فرق التدخل على الفور والتحقق من طبيعة المشكل وإصلاحه.
كما يختار النظام عينة نسبتها 10 بالمائة من الزبائن المتصلين أصحاب الشكاوى للتحقق من تسوية مختلف الوضعيات التي اتصلوا بشأنها وخصوصا الأعطاب والمشاكل التقنية للشبكة.

مديرية الأشغال تتحول إلى شركة انجاز مشاريع لجهات خارج المؤسسة
من مظاهر النموذج الاقتصادي الجديد لشركة “سيال”، هو تأهيل مديرية الأشغال التي صار لها تصنيف الدرجة 9 مثلها مثل كبريات شركات الأشغال العمومية الأخرى، والتي صارت تنجز مشاريع لجهات خارجية تدر مداخيل على “سيال”.
في هذا الصدد، أوضح محمد توبة، مدير الأشغال لـ”الشروق”، أن هذه المديرية تعتبر الدرع العملياتية لمديريات الإنتاج والتوزيع والتطهير، لتصليح التسربات التي تطرأ على قنوات ذات قطر 600 ميليمتر حتى 2000 ميليمتر، وتقوم سنويا بتجديد وتوسيع الشبكة بمعدل 20-25 كيلومترا.
ولفت المتحدث إلى أن المديرية حصلت على التصنيف درجة 9 على غرار المؤسسات الكبرى للأشغال وتم إدراجها في السجل التجاري، موضحا أنها حققت في 2022 رقم أعمال بـ250 مليون دينار، نظير أشغال قامت بها لجهات خارجية، موضحا أن المديرية تقوم بأشغال توسيع الشبكات وتجديدها بالنسبة للماء والتطهير، إضافة لعمليات التوصيل الجديدة، واختبارات الضغط في الشبكات وغيرها.
وحسب المعلومات التي قدمت لـ”الشروق”، فإن وزارات ومديريات ولائية مختلفة صارت تطلب خدمات مديرية الأشغال، وهذا سيكون مصدر دخل للمؤسسة، وخصوصا المنشآت التي ستقوم “سيال” باستغلالها لاحقا، على غرار المنشآت الهيدروليكية، وقدرتها على إنجاز مشاريع جاهزة “Clé en main”، حيث تتكفل هي بشق الهندسة المدنية والبناء والإنجاز وغيرها، إضافة لمكتب الدراسات التابع للمؤسسة الذي يقوم بإعداد دراسات أيضا لأطراف من خارج “سيال” وهو أيضا مصدر إضافي للمداخيل.

هكذا تم توفير الملايير بمديرية الوسائل العامة واللوجستيك
كشف يوسف رياض، مدير الوسائل العامة واللوجستيك بشركة “سيال”، لـ”الشروق” أن المديرية شرعت منذ تولي الكوادر الجزائرية عملية التسيير، في الحد من الاعتماد على متعاملين خارج المؤسسة للقيام بعمليات مختلفة تشمل الحظيرة واللوجستيك وغيرها، مكنت من توفير عشرات الملايير من السنتيمات.
وأوضح يوسف رياض أن الحظيرة تتوفر على 1700 مركبة منها 944 سيارة عملياتية، إضافة لآليات وشاحنات تطهير وصهاريج، موضحا أن كل الخدمات المتعلقة بها كانت سابقا تتم باللجوء إلى مناولين ومتعاملين من خارج “سيال”، ما يترتب عنها مبالغ كبيرة تنهك التوازنات المالية للشركة.
بالأرقام، يوضح مدير الوسائل العامة واللوجستيك، تم إجراء 12 ألفا و881 عملية داخلية بالحظيرة في 2022، مشيرا إلى أن نفقات الحظيرة في 2019 كانت في حدود 188 مليون دينار (18.8 مليار سنتيم)، بينما تراجعت التكلفة إلى 115 مليون دينار (11.5 مليار سنتيم) في 2022 أي توفير 7.3 مليار سنتيم، أي بنسبة 39 بالمائة.
ويضاف إلى ذلك توفير 4.5 مليار سنتيم من تحويل المركبات على السير بالغاز “جي.بي.أل”، من خلال تحويل 460 مركبة.
وحسب يوسف رياض، فإن المديرية قامت بتفعيل نظام ذكي لتسيير المخازن (قطع الصيانة خصوصا) عبر 12 مستودعا ثانويا والمخزن المركزي، يقضي بجرد كافة ما تتوفر عليه المستودعات معلوماتيا، والإخطار أيضا بمكان توفر القطع التي يتم البحث عنها من طرف فرق التدخل للشركة.
وحسبه فإن حملة كبيرة جرى تنفيذها في 2022 لإعادة إدخال جميع قطع الصيانة المتواجدة على مستوى الفرق العملياتية إلى المخازن ورقمنتها وفق نظام معلوماتي، في إطار ترشيد النفقات، وهي العملية التي تقدر قيمتها المالية بـ126 مليون دينار (12.6 مليار سنتيم).
وشمل النموذج الاقتصادي الجديد للشركة، يؤكد المتحدث، مباني ومنشآت الشركة التي على غرار الكهرباء والترصيص والدهن والنظافة وغيرها التي كان بعضها سابقا يتم عبر شركات مناولة من خارج المؤسسة، لكن حاليا جل الخدمات أصبحت داخلية، ويتم اللجوء للمناولة فقط في الحالات القاهرة عند عدم توفر فرق داخلية للشركة أو في حال وجود أثر مالي كبير لها إذا تم إنجازها داخليا.
وحسب المعلومات، التي قدمت لـ”الشروق”، فإن الحالات التي تستدعي اللجوء للمناولة وهي محدودة، يتم التوجه نحو المؤسسات المصغرة والناشئة للانخراط في خارطة طريق السلطات العمومية.

مركز للتكوين وزيادة مداخيل شركة “سيال”
امتدت آثار النموذج الاقتصادي الجديد لشركة “سيال” إلى مركز التكوين الذي تم تدشينه حديثا، يضمن تكوينا مستمرا للعمال والموظفين على اختلاف مناصبهم ومهامهم ودرجاتهم في مهن المياه والتطهير، فضلا عن تقديم دورات تكوينية مدفوعة لصالح مؤسسات وهيئات خارجية، فضلا عن تنظيم أحداث مدفوعة أيضا بذات المبنى، وتوفير مبالغ فيما يعرف بالرسم على التكوين المتواصل.
في هذا السياق، أفادت مديرة وحدة مركز التكوين بـ”سيال” ومدير الموارد البشرية، رضا جعفر، هناك نظام لنقل المعرفة والخبرات في مهن سيال ومركز التكوين يضمن هذا الانتقال، إضافة لمقابلات سنوية بين الموظفين بمختلف المديريات والمصالح والتنافس في جوانب مختلفة.
كما يتوفر المركز، حسب محدثنا، على نظام معلوماتي يقوم بتتبع كامل مسار العامل أو الموظف منذ دخوله إلى الشركة، إضافة إلى الأهداف المسطرة، وهل تم التوصل إليها أم لا، كما يقدم المركز حسبهما 16 ألف يوم تكويني في السنة، بفضل 165 مكون من داخل الشركة، وصارت 95 بالمائة من عمليات التكوين تتم داخليا.
وبعد تعديلات أدرجت على السحب التجاري، يشرح محدثنا، صار بإمكان مركز التكوين احتضان دورات تكوينية مدفوعة تطلبها مؤسسات أخرى، إضافة لتأجير القاعات الخاصة بالتكوين وأيضا المدرج وفضاءات العرض لمؤسسات وهيئات خارجية تطلب ذلك.
وبلغة الأرقام، فإن مركز التكوين وفر ما قيمته 95 مليون دينار (9.5 مليار سنتيم) فيما يعرف بالرسم على التكوين المتواصل (1 بالمائة من كتلة الأجور) في 2022، بالنظر إلى أن عمليات التكوين تتم داخليا، إضافة إلى نحو 700 مليون سنتيم عبارة عن عمليات تكوين لفائدة جهات من خارج المؤسسة طلبت ذلك، علما أن العملية بدأت فقط في سبتمبر 2022.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!