-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
نوستالجيا: في الأسماء وأعمال الزمن الجميل

صونيا… ثائرة الخشبة التي جمعت بين الإبداع والالتزام

زهية منصر
  • 360
  • 0
صونيا… ثائرة الخشبة التي جمعت بين الإبداع والالتزام
حم

شيّعت الجزائر منذ عام واحدة من أبرز أعمدة المسرح ليس في الجزائر فقط لكن في الوطن العربي إنها الفنانة صونيا التي رحلت عن عمر يناهز 65 سنة بعد صراع مرير مع السرطان.

صونيا أو “سكينة مكيو” من مواليد 31 جويلية 1953 بالميلية ولاية جيجل خريجة معهد الفنون الدرامية ببرج الكيفان عام 1973 ومنذ تخرجها لم يفارقها المسرح أبدا، فقد رافقت الراحلة من خلال أعمالها كمخرجة أو ممثلة هموم الجزائر وتحوّلاتها الاجتماعية وكانت منحازة للمرأة ومرافعة للحرية والحياة.

تنتمي صونيا إلى الجيل الذهبي الذي صنع مجد الخشبة الجزائرية إلى جانب علولة، بن قطاف وسليمان بن عيسى، عبد الحميد رماص وغيرهم، قدمت الراحلة ما يزيد عن خمسين عملا تبقى في ريبرتوار المسرح والسينما والتلفزيون على غرار “قالوا لعرب قالوا” و”بابور غرق” و”العيطة”و”فاطمة” وغيرها.

بقيت صونيا وفية للمسرح حتى في عز سنوات الدم والدموع وقدمت أعمالا أكدت بها انحيازها لثقافة الحياة مثل “الصرخة” و”حضرية” و”الحواس”، وكان آخر عمل قدمته صونيا للمسرح “بدون عنوان” الذي أخرجته ومثلت فيه إلى جانب مصطفى عياد كما شاركت في فيلم “طبيعة الحال” للمخرج كريم موساوي.

كان المسرح بالنسبة لصونيا أكثر من مجرد مهنة أو اختيار، كان حياة، حيث تؤكد الراحلة في أحد حواراتها “لو عاد بي الزمن سأفعل ما فعلت وسأسلك ما سلكت، وسأختار المسرح مهنة لي؛ إذ لا يمكن لسياقي النفسي والفكري إلا أن يمشي في هذا المسار”. اختارت صونيا الانحياز للمسرح في سن مبكرة جدا 17 سنة، وقد واجهت اعتراض الأهل والمحيط، فقد كان يومها التمثيل بالنسبة للمرأة مرادفا للانحراف، لكنها كسرت القيود والتحقت آنذاك رفقة أربع ممثلات أخريات بمعهد برج الكيفان. انحيازها للمسرح كلفها غاليا “عانيت نحو 20 سنة من القطيعة وعدم التواصل والبعد عن أهلي بسبب المسرح والتمثيل.”

شكلت صونيا نواة الجيل الذي أنار وأثرى الخشبة الجزائرية على مدار أربعة عقود كاملة، حيث شاركت صونيا في بدايتها في عمل جماعي إلى جانب كل من محمد فلاق وحميد رماص بعنوان لنعبر للعالم الذي عبرنا، حيث كانت يومها لا تتجاوز 20 سنة، امتهنت الراحلة المسرح كممثلة إلى جانب كل من المرحومين عزالدين مجوبي وعلولة، كما عملت مع سيد أحمد أقومي وامحمد بن قطاف وزياني الشريف عياد، وعملت كمخرجة، ونقلت رواية والسيني الأعرج إلى الخشبة وقدمت “امرأة من ورق” كما قدمت أيضا “مسرحية الجميلات”، وهي أعمال حملت بصمة صونيا المناضلة في سبيل حرية وحقوق النساء، كان لصونيا حضور فوق الخشبة، يصعب لمن يلتقي بها أن ينساها بسهولة، لتبقى صيحاتها فوق الخشبة راسخة في الأذهان، وقد بقيت وفية لنفسها ولخطابها المسرحي الذي رفضت طيلة مشوارها أن يسقط في الابتذال.

ومثلما كان عبورها على الخشبة له بصمة خاصة كان أيضا مرورها على معهد برج الكيفان كمديرة له وقعه وغادرته إلى مسرح سكيكدة إلى جانب إدارتها لمهرجان المسرح النسوي بعنابة قبل أن تسدل الستار على مسار حافل بقيت فيه صونيا واقفة وفية لنفسها وانحيازها للخشبة، فهي التي رفعت يوما شعار “أريد أن أبني مسرحا في كل شارع”.

تزوّجت صونيا بالفنان الشاعر المصري الراحل أحمد فؤاد نجم، وكانت بداية علاقته بها من المسرح، حيث انبهر بأدائها على الخشبة في مسرحية “جحا باع حماره”، كما قال في أحد تصريحاته الإعلامية “كانت نسخة من سندريلا الشاشة سعاد حسني”.

اختارت صونيا أن تبتعد عن الأضواء وترحل بعيدا عن الضوضاء والانهيار الذي شهدته الساحة الثقافية ليحتفظ لها الجمهور بصورة المرأة القوية والوفية لنفسها وقناعاتها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!