-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مسنون وسط طوابير طويلة تحت الشمس قبيل العيد

طوارئ في مراكز البريد رغم تفشي الوباء!

وهيبة سليماني
  • 3016
  • 14
طوارئ في مراكز البريد رغم تفشي الوباء!
الشروق أونلاين

تجاوز الازدحام أمام مراكز البريد كل الحدود، وشكلت الطوابير اللامتناهية الاستثناء، في وقت اتخذت فيه الحكومة، كل التدابير لمنع التجمعات والاكتظاظ، وفرضت فيه، إجراءات جديدة، مع تزايد الإصابات بفيروس كورونا في العشر  الأواخر لشهر رمضان، واقترابها نحو 200 إصابة في كل 24 ساعة!

وتحت حرارة وصلت إلى 30 درجة مئوية في المدن الساحلية، تواجد مئات المسنين والطاعنين في العمر من الذين تجاوزوا الـ80سنة، بين طوابير المواطنين الممتدة في بعض بلديات الجزائر العاصمة إلى طرقات السيارات حيث تسببت في عرقلة حركة المركبات، والأشخاص، كما استمرت طوابير المواطنين الذين يقطنون قريبا من مركز البريد، أمام الموزعات الآلية إلى ساعة الحظر، حيث اضطر بعضهم للعودة دون وصول دورهم في سحب الأموال.

وأدى إعلان الصندوق الوطني للتقاعد عن تسبيق صَب المعاشات بمناسبة عيد الفطر المبارك، إلى يوم أول أمس الخميس الموافق لـ 21 ماي 2020 بالنسبة لجميع الولايات التي كان صب المعاشات فيها يتم الأيام 22، و24، 26 من نفس الشهر، إلى تواجد بشري غير مسبوق في مراكز ومكاتب البريد، ورغم أن هذه المراكز فتحت وبشكل استثنائي، أمس الجمعة، وقيام أعوانها بمرافقة المتقاعدين لتسهيل عمليات سحب الأموال، ومواصلة العمل بالوكالة بالنسبة للمتقاعدين الذين لا يرغبون في التنقل إلى مكتب البريد، إلا أن اقتراب العيد وما يحتاجه المواطن من المصاريف لهذه المناسبة، وفرض حظر التجول، إضافة إلى التدابير المتخذة يومي العيد، كمنع حركة السيارات، شكلت كل هذه العوامل، هاجس البقاء دون “دراهم”، فهرع الجميع إلى مراكز البريد وازدحموا مع المتقاعدين، وهم أغلبهم من كبار السن، متجاهلين عدوى كورونا.

في جولة ميدانية، قادت “الشروق”، أول أمس الخميس،  إلى مراكز بريد بالعاصمة، أين كانت هذه الأماكن منفردة عن غيرها، بالتواجد البشري الهائل، ونافست أسواق الخصر والفواكه، في ذلك، عبر بعض زبائن هذه المراكز عن تذمرهم وسخطهم من تعطل بعض الموزعات الآلية، على غرار مركز بريد حسين داي، الذي شهد تعطل موزعين إلكترونيين، وبقي واحد فقط تواجد أمامه طابور طويل لم ينته إلا بوصول وقت حظر التجوال.

وكان أمام البريد عشرات المواطنين، بينهم كبار السن دام وقوفهم في الطوابير الممتدة إلى طريق السيارات، إلى ساعتين أو أكثر، وقال أحدهم جاء لسحب معاشه “إن تعطل الموزع الآلي زاد معاناتنا، لكن الأمر يحتم علي أن أبقى حتى يحين دوري، وغدا لا يعلم أحد منا ما سيحدث”.

كما عاش زبائن البريد معاناة، وعذابا تحت أشعة الشمس، ولقد خاطروا بأنفسهم وسط الاكتظاظ، ولَم يحترزوا في الكثير من الأحيان من كورونا، ولأن الظروف المحيطة بمراكز البريد اختلفت، فمنها الواقعة بالقرب من طرق السيارات ولا توجد أمامها مقاعد أو أشجار للاستراحة في انتظار كل واحد دوره، فإن مراكز البريد الأخرى مثل مركز بريد بن عكنون، شهدت اكتظاظا وطابورا طويلا، أين كانت السيارات تمر بجانب زبائنه الذين أرهقهم الانتظار وحرقتهم أشعة الشمس، لكن مصالح الشرطة تدخلت لتنظيم الدخول إلى مقر البريد.

وفِي الشراقة غرب العاصمة، ورغم وجود مساحة كبيرة بها كراسي  وأشجار “لابلاصات”، إلا أن خوف المواطنين على ضياع دورهم في سحب الأموال، جعلهم يتزاحمون ويتدافعون أمام باب البريد، ويكتظون داخل قاعة المركز، وكان الأمر مشابها في بريد أولاد فايت إذ كان العشرات من المواطنين مكتظين وإلى غاية طريق السيارات، وفِي ظروف مقلقة، تعذب منها كبار السن.

وفِي بريد القبة، تجمع المواطنون في الحديقة الصغيرة الموجودة أمام مدخله، نساء ورجالا، وعجائز وشيوخا، وأصبح من يظفر بالجلوس على الكرسي الحديدي للحديقة، قد ضمن الصبر للبقاء إلى آخر ساعة إذا تطلب الأمر ذلك.

جهد إضافي لموظفي وأعوان البريد

وتواجد أغلب المواطنين في مراكز ومكاتب البريد، أول أمس، دون كمامات، في بعض الأحيان، كما أنهم كان يزيحونها عن الفم عندما يتحدثون مع بعضهم البعض أو مع أعوان البريد.

وكان موظفو البريد يبذلون كل جهدهم وبالتعاون مع بعض الأعوان، لتنظيم الدخول، إلا أنه في الكثير من المراكز فلتت فيها الأمور من منظمي دخول وخروج زبائن مراكز البريد.

شيوخ وعجائز رغم التسهيلات

ولمسنا في هذه المراكز البريدية، التي قادتنا جولتنا الميدانية إليها، عدم ثقة الكثير من كبار السن في أبنائهم، حيث رفضوا أن يمنحوهم وكالة لسحب الأموال والبقاء هم في البيوت، وقال بعض هؤلاء المسنين، إن سحب المال مسألة شخصية، وخاصة بصاحبها ولا يمكن أن يأتمن الشخص على حد تعبير شيخ وجدناه في مركز بريد حسين داي، على “سُرَّة الدراهم”، و”الشيطان واعر”.

وعبر آخر كان يبدو أنه تجاوز الثمانين “أبناء هذا الزمن، لا يوثق فيهم، وأنا لا أوكّل أي أحد من أبنائي حتى لا أغضب البقية، وأجعلهم يعطون تأويلات عدة وحسابات مختلفة يمكن أن تخلق العداوة والتفرقة بين أولادي”.

التزاحم أضاف خطر 10 أيام إضافية

وفِي الموضوع، قالت رئيسة اليقظة الصحية للجمعية الوطنية لمبادرة صناعة الغد، ورئيسة مصلحة مرضى الكلى المصابين بـ”كوفيد 19″بمستشفى تيبازة، الدكتورة سعاد براهيمي، إن الأسبوع الأخير لشهر رمضان، شهد طوابير وحالة فوضى واستهتارا من طرف المواطنين، منا جعل حالات الإصابة الجديدة تلامس عدد 200 حالة في كل 24ساعة، وإن عدم تقيد المواطنين بإجراءات الوقاية كالتباعد الاجتماعي، ووضع الكمامات، يهدد باستمرار الوباء إلى مدة طويلة وغير محددة.

وأكدت أن ما حدث أول أمس، في مراكز البريد، خاصة مع صب معاشات المتقاعدين، والهلع والخوف من نفاد السيولة المالية، وعدم تمكن المواطنين من سحب أموالهم وحلول العيد وتطبيق إجراءات أخرى جديدة، أدى إلى تواجد بشري هائل دون تباعد جسماني، في الكثير من الأحيان، وتلاصق وتدافع حتى داخل مقر مركز البريد، وأشارت الدكتورة براهيمي، إلى أن بعض مراكز البريد في الجزائر العاصمة، عرفت إقبال مئات الزبائن، وتواجد قرابة 600 شخص في مكان واحد وتحت درجة حرارة مرتفعة.

واعتبرت المتحدثة أن اكتظاظ مراكز البريد عشية عيد الفطر، عامل إضافي في جلب موجة أخرى للوباء، وهو من العوامل الخطيرة، قد يضيف 10 أيام أخرى خطيرة لبقاء فيروس كورونا المستجد منتشرا على نطاق واسع، وإبقاء الإصابات الجديدة تقارب 200 حالة.

ذهنية صعبة واستهتار بالعدوى قد لا ينهيان الأزمة

وأوضحت رئيسة مصلحة مرضى القصور الكلوي وتصفية الدم، المصابين بـ”كوفيد19″بولاية تيبازة، الدكتورة، سعاد براهيمي، أن الكثير من الجزائريين، خاصة كبار السن، عندما يشعرون بالصحة والعافية يعتقدون أن كورونا بعيدة عنهم، في حين حسبها، أن 70بالمائةً من المصابين بفيروس كورونا، لا توجد لديهم أعراض، وأن 25 بالمائة لديهم أعراض الوباء، في حين 5 بالمائة يعانون قصور التنفس ويحتاجون إلى إنعاش.

وقالت إن مسنين لديهم 60 و70سنة، لا يعانون أمراضا مزمنة، قد يحملون الفيروس ولا تظهر عليهم أعراض الحمى والصداع، والسعال، ويمكن أن يصيبوا غيرهم.

وانتقدت الذهنية عند المواطن الجزائري الذي يستهتر بصحته، صحة غيره ولا يبالي، مشيرة إلى أن خير دليل على الاستهتار الموجود عند الكثير من المواطنين، هو شاب أربعيني من منطقة حمر العين بتيبازة، تكفلت مصلحتها بعلاج والده البالغ من العمر 78سنة، ووالدته ذات الـ75سنة، من فيروس كورونا رفقة أفراد آخرين لنفس العائلة، ولما شفي والداه، قال للأطباء إنه لا يُؤْمِن بهذا الوباء أصلا، وهذا رغم الأشعة والوثائق والتحاليل الذي تؤكد الإصابة بـ”كوفيد 19″.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
14
  • احمد

    المسؤول عن هذه المجزره الكورونيه هو اداره البريد ذات العقليه المتخلفه
    في الدول الغربيه في البنوك و مكاتب البريد تجد احيانا حتى سته اجهزه سحب العمله و تعمل على مدار الساعه و تجد اجهزه السحب في الاسواق و بكثره عندنا جهاز واحد يتيم امام البريد و غالبا ما يعطل او يبتلع الكروت و لهذا يتزاحم الناس على المكاتب و لهم الحق

  • nacer

    ليس عندي سنتيم واحد في الجيب و لا في الدار ، لكن كل شيء على ما يرام ، حتى الصراف الألي الذي يتفاخر به المغاربة على الجزائريين لا احتاجه ، كل شيء عبر الأنترنت حتى الدفع لا احتاج لرقم سري و المس ألة الدفع ، فقط أمرر البطاقة قرب الجهاز و كل شيء على يرام

  • مواطن

    الى المغربي احمد احمد
    انت تتباهى و لكن الحقيقة هي ان الجزائر ليست مساحتها او عدد الذين يستعملون البريد لقبض مرتباتهم كالمغرب و كذلك ان شركات الخدمات البريدية و الاتصالات هي تحت الطاولة تابعة لفرنسا و هولدينغ الملك و ليس عندكم شركات وطنية تابعة للدولة و الشعب المغربي

  • مثماتل للشفاء

    حتى إذا تم تسبيق صب الأموال بأيام سيكون تقريبا نفس مستوى الإكتضاظ كون الناس سيتهفاتون لسحبها فور توفرها فأكثر من النصف حتى أنهم يستدينون قليلا قبل دلك.
    الدفع الإلكتروني سيأخد وقت طويل في التعميم و الإنتشار، بريد الجزائر مطالب بإتخاد خطوات إجرائية و تحفيزية و تسهيلية ليتحصل أكبر عدد من الزبائن على البطاقة الذهبية و في نفس الوقت يجب أن يوسع من حضيرته للموزعات النقدية و إنتشارها بأصنافها و ضمان إشتغالها بدون إنقطاع إلا نادرا.
    سحب الأموال مستقبلا يجب أن يتم بصفة شبه مطلقة من الموزعات النقدية ليتفرغ العمال لبقية العمليات، لن يكون ضروريا تعويض جزء معتبر من العمال داهبين للتعاقد بآخرين جدد.

  • Djamila

    لا حولا ولا قوة إلا بالله.. اين هي أموال الشعب لبناء مراكز أكبر لكن هذه خطة قديمة باش يخلو الشعب لاهي في المشاكل

  • محمد................ط

    المشكل في الجزائر مشكلة تسيير و لا نأخذ الدروس ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

  • احمد احمد

    نحن في المغرب قضينا على هذه الظاهرة اكثر من عشرون سنة

  • ححكيم

    مازالوا إلى الآن يحملون المواطن المغلوب على أمره المشؤولية،
    المسؤولية واضحة في هذه الحالة،
    فالمسؤول هو من اتخذ القرار ولم يتوقع عواقبه...

  • احمد احمد

    هذه المشاكل انتهت عندنا قبل عشرون سنة في المغرب/ في كل حي صراف آلي

  • فريد

    الله يلطف

  • جزائري

    وزارة البريد تبشر بتحقيق ارباح وتوزيع 15 مليون على كل عامل لكنها لا تذكر الضراءب اللتي تاخذها عن كل سحب وكيفية جمع اموال طاءلة من هذه العمليات . ضف الى ذلك الخدمات المتدنية جدا في مراكز البريد حتى قبل كورونا . الطوابير لا تنتهي ولن تنتهي حتى بعد كورونا . يجمعون ارباحا على ظهر المواطن باتعابه حتى الموت ليتمكن من سحب امواله . تعالوا الى مركز بريد الكاليتوس والكوارث اليومية لقلة التنظيم وقلة الكفاءة .

  • مواطن

    توزعون الأرباح السنوية على عمال البريد من عرقنا و المواطن يجد صعوبات دائمة مع مصالحكم... الاستقبال ليس في المستوى ---العدد القليل من الموزعات الآلية و في معظم الوقت لا تشتغل--- منذ القديم و نحن نعاني من الطوابير حتى اصبحنا نعاني من الدوالي و البواسير ----المشكلة ليست بسببنا بل هي في خدماتكم الرديئة لأن آخر ما يهم مصالحكم هو المواطن المرهون عندكم لأن ليس عندكم منافس يستطيع تقديم خدماته للمواطن و هذا ما يسمى بالاحتكار ...لنا الله نشتكي له

  • الحرة

    باختصار شديد مسؤولية من وهو السؤال الذي يطرح نفسه و لقد ذكرتم في مقالكم أنها طوابير غير مسبوقة و الفاهم يفهم

  • الحكمة

    لا تلقوا باللوم على المتقاعدين و لا على عمال البريد ، بل على مسؤولي وزارة العمل دون استثناء ، كان الأجدر أن تصب المعاشات ابتداء من 16 ماي حتى يكون هناك متنفس للجميع .