-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الأواني والديكورات والدعوات العائلية

عادات رمضانية مكلفة تستنزف جيوب الزوالية

فاروق كداش
  • 1617
  • 0
عادات رمضانية مكلفة تستنزف جيوب الزوالية
أرشيف

في عالم مليء بالتحديات، مادي إلى حد النخاع، تتصارع فيه المبادئ مع التفاهات، يصعب فيه للأخلاق أن تصنع لها مكانة وسط حشود المنافقين الاجتماعيين. هذا الصدع، في بيت الأصالة، أصاب أيضا شهر الصيام في مقتل، كنهه وجوهره، صار يصارع مع وهم مواقع التواصل الاجتماعي، التي ترسم لك الشهر على أنه سلسلة من الدعوات الفاخرة والموائد الباذخة.. فأين المواطن البسيط من كل هذا؟ ألا يزال يقاوم السيل، ويصمد وسط التيار؟

مواقع التواصل الاجتماعي، غيرت الكثير من عادات الجزائريين، بعد أن أدخلت عليها العادات الغريبة، الغربية أحيانا، وأحيانا أخرى عادات ابتدعها المؤثرون والمؤثرات، فحياتهم التي تعتمد في مجملها على هدايا المعلنين ونقود الزبائن الساعين إلى بيع بضاعتهم، بأي ثمن، قد تكون ثقيلة على كاهل أسرة بسيطة، يشقى صاحبها، ليل نهار، كي يؤمّن لقمة العيش الحلال. ولكن، ما العمل مع زوجة تريد أن تشبه فلانة، وتصنع مثل علانة، وقائمة أحلامها لا تناسب الجيوب الضيقة المرقعة.

من بين العادات السيئة التي أثقلت كاهل الناس، عادة شراء أوان منزلية كاملة، أطقم المائدة، من عشرات القطع، بأكثر من مليون سنتيم، قلاية هوائية، لطهي المقليات بلا زيت، بعشرة ملايين سنتيم، أو أكثر، كوكوت الدقيقة بصفارتها المدوية بأربعة ملايين سنتيم، أو أكثر، بحسب الماركات، شراشف مائدة بخمسة آلاف دينار، دون أن ننسى تغيير الملاعق والشوك، وإضافة المناديل الجديدة إلى مائدة، ظاهرها جميل وباطنها ديون على صاحب البيت المسكين، الذي لا يريد أن يكسر خاطر زوجته. ولا يتوقف الأمر على هذا فحسب، بل يجب أن تعمل حساب الأواني المستحدثة، مثل حاملات الحلويات الذهبية، وأيضا صحون المكسرات، على شكل هلال رمضان، وأباريق الشاي الخليجية، التي تحفظ السوائل ساخنة إلى ما بعد انتهاء شهر رمضان. وقبل كل هذا، يجب ألا ننسى أن ديكور البيت يحتاج إلى شورة جديدة، بستائر على الموضة وزرابي مبثوثة في كل الصالون.. وربما بعض الثريات المعلقة والفازات الصينية والأباجورات الإسكندنافية.

الأواني، بعد أن ترتب في خزانتها، لا يمكنها أن تكتمل إلا بديكورات رمضان، التي صارت ضرورية للعديد من ربات البيوت، خاصة خلال الدعوات العائلية. شراشف بثيمة الصيام، وأيضا بعض الديكورات المضيئة، التي تكون على شكل هلال أو نجمة.

هل انتهت المصاريف بهذه القائمة الطويلة، التي تقصم ظهر البعير؟ بالطبع لا. هناك عادات أخرى، بالإضافة إلى قائمة التسوق التي لا تنتهي من لحوم وخضروات وبقوليات.. وهي شراء حلويات رمضان في أماكن باهظة جدا، أكثر من الحلوى التي يبيعونها، التي يتراوا سعر حبة القلب اللوز فيها مائتي دينار، وأحيانا أكثر. القطايف في الرفوف لا تكلمك حتى. وحتى الزلابية، لا تهتم بك على الإطلاق. وسيكسرك حتى سعر البريوش المحشي بالنوتيلا والبندق. ولا تنس أن ترفع رأسك، وأنت تحمل تلك العلبة من الحلويات، التي كلفتك أجر أسبوع.

كل هذا البذخ والتبذير، غير نابع من سوء نية، بل هو تقليد الآخرين، كيلا يظنوا أنك لا يمكن أن تضاهيهم في دعوة رسمية إلى الإفطار، وأنك لا تستطيع أن تمد سفرة بأطباق باهظة، وكؤوس من الكريستال، وأنك بعد البوراك والشوربة ستقدم طبقين أو ثلاثة من المثوم والغراتان والمعجنات، وأن فاكهتك تقتصر على نوع واحد فقط، بل بالإضافة إلى فاكهة الموسم، يجب أن تبهر المدعوين، خاصة من العائلة، ببعض الأفوكادو والمانجا، وغيرها من الفواكه الاستوائية. ولا تنس أن تقدم عصائرك الطازجة في البلور النادر. ومثل المؤثرات اللواتي لا يطبخن في العادة، لا تنس أن تطلب البوكس الخاص بالمملحات اللذيذة، من ميني طاكوس وميني بيتزا وبطبوط وتورتيلاس وغيرها..

وإن تبقى شيء من المصروف، فلن تدخره، بل سيكمل طلة أميرتك بجبة جديدة، أو عباية سهرة، أو بدعية، وغيرها.

وفي النهاية، لا تقلق. فقد تكون هذه مرحلة عابرة فقط، وجنون عظمة موسميا، وإن بقيت هذه العادات المكلفة، فعليك أن تتخذ قرارا حاسما، إما أن تبحث عن عمل إضافي، أو تعمل في التجارة الحرة، كي تؤمّن كل هذا الهراء.. واللبيب بالإشارة يفهم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!