عاملات بلا راتب.. أحد أشكال الإساءة إلى النساء

تعمل الكثير من النساء، طوال الشهر، ليتقاضى راتبها زوجها! والدها! أو حتى أحد إخوتها. في قاموس المختصين، هذا، ما يدعى بالاعتداء المالي على النساء. وهو أحد أشكال تعنيف المرأة، من قبل الرجل، عندما يكون عليها أن تتسول إليه، ليجود عليها ببعض مالها، لقضاء أبسط حاجاتها، ويمكن حتى أن يحرمها.
الحديث عن حرية المرأة وتولي المناصب، واستقلاليتها المالية، يقودنا إلى التساؤل أيضا، كيف تعمل وتتقاضى راتبا محترما جدا، لكنها، لا تزال محرومة من مصاريف العناية بجمالها، أو ميزانية لشراء ملابس جديدة والسفر. وأحيانا، محرومة من العلاج.
رغم تقاضيهن رواتب محترمة .. عاملات محرومات من الضروريات
واقع لا مفر منه، تجابهه آلاف النساء العاملات، اللواتي يتخبطن بين مسؤولياتهن كإناث في المنزل، وموظفات بمسؤوليات ربما أكبر خارجه، دون الحديث عن معاناتهن بين هذا وذاك، من تعب في وسائل النقل، مضايقات وتحرشات، لينتهي بهن المطاف أمام رجل متسلط، يسلبهن الحق في التمتع براتبهن كبقية النساء، فإما تنفقه مجبرة على دفع الفواتير وتغطية احتياجات البيت والأولاد، أو يسلب منها حتى دون أن تعد أوراقه. هو بالضبط وضع هبة، 41 سنة: “تزوجت منذ 9 سنوات، بعد أن اتفقت مع زوجي على تقاسم أعباء المنزل، هو يساعدني داخله، وأنا أساعده من راتبي، فالتزمت وما التزم، ووجدت نفسي أنفق كل مالي على المشتريات، والعلاج وتصليح السيارة، لأنها تقلني إلى العمل. عندما اتخذت قرارا بترشيد مصاريفي، وشعر زوجي بصحوتي، قام فأجبرني على إخراج قرض لشراء سيارة. وبالفعل، فعلت ذلك. فقد كان محتالا، عرف كيف يأخذ مني المال بطريقة ذكية وماكرة. الأسوأ، أنه غدر بي مجددا، وأصبحت محرومة اليوم من زيارة حلاقة أو شراء ثوب جديد، رغم أني عاملة وراتبي محترم، لكنه يحجز أوتوماتيكيا من البنك وفق خطة زوجي”.
عندما تكون الإساءة المالية أرحم عليهن
أزمة بعض العاملات، تكمن في أن تعرضهن للإساءة المالية أقل وطأة على أنفسهن من ظروف أخرى، كبقائهن تحت رحمة زوج بخيل وغير مقتدر، أو فقدانهن بعض الميزات، كالتمتع بحياة اجتماعية خارج المنزل، وعيش الاستقلالية في السكن، مثل ابتسام، التي تنقل للشروق العربي تفاصيل وضعها الاجتماعي: “أخبرني زوجي أنه بما أنني عاملة، يعني أني مقصرة ولا أقوم بدوري كأم، ولتغطية ذلك، علي دفع تكاليف المربية والحضانة، لأطفالي، أما إذا انشغلت ونال مني التعب أو تأخرت في العمل، فعلي جلب أكل جاهز من المطعم، فزوجي يصر على أن يأخذ مني حقوقه كاملة كزوجة، في المقابل، علي أن أساعده في نصف مبلغ المشتريات الشهرية، وأدفع معه نصف قيمة الفواتير ونصف الإيجار، ينتهي الشهر وقد لا أوفر منه ما ينفعني لاقتناء قارورة عطر أو طلب أي غرض شخصي. فكرت في الاستقالة مرارا، لكني أخاف أن ينتهي بي المطاف ماكثة في غرفة داخل بيت أهله، أخدمهم صباح مساء دون أدنى حقوق”.
تشير الأستاذة دبوب عقيلة، أخصائية نفسية ومستشارة علاقات زوجية، إلى أن من أكبر الأخطاء التي تقع فيها المرأة العاملة، هي التصريح بدخلها المالي للشريك، أو الاتفاق معه على توكيله على مداخيلها بعد الزواج: “بهذا، تفتح عليها باب الشيطان، يجب أن تدرك المرأة أنها من مسؤولية زوجها أو حتى والدها، وعلى هذا الولي أن ينفق عليها شرعا وقانونا، وأن ما تقدمه له من مال هو هبة تحددها هي وبمحض إرادتها الكاملة، يجب أن تتوقف المرأة عن منح الرجل ثمرة تعبها، بما أنها لاتزال تقوم بدورها الكامل في المنزل، وتحاسب وتعاقب عن تقصيرها”.