-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عرس الشهداء في الجنة

عرس الشهداء في الجنة

تزخرفت جنة النعيم، فأضاءت أنوارها، وأرسلت للعالمين أسرارها.

تعالت في الجنة زغاريد الحور، تعبيرا على السرور، وإيذانا بعهد جديد، هو عهد الانتصار والحبور.

سبحانك اللهم، أيدت بنصرك المجاهدين الصادقين، وهزمت بعزمك الصهاينة المعتدين، وخذلت بفضلك العملاء المتصهينين، والخونة المترددين.

لقد تجلت -يا رب- عظمتك في غزة العزة، فظهرت فيها آياتك، وتجلت للعالمين معجزاتك، وبانت لكل ذي عقل مبصر قدراتك وتجلياتك.

ها هي ذي الفئة المؤمنة، الصابرة المثابرة، المسلحة بقوة الإرادة، والمزودة بالإقدام على الشهادة، والآخذة بأسباب الحرب، وحسن القيادة، ها هي تنتصر على الإبادة، وتثبت للجميع ثمار قوى الإيمان، وفولاذية التشبث بالعزة والسيادة.

ما حدث بغزة بقيادة كتائب القسام، هو درس لكل المستضعفين من بني الأنام، يدعوهم إلى التأمل في عظمة الوطنية، وطريقة الالتزام بالإسلام.

وسيذكر المؤرخون المنصفون، أن تاريخ الإنسانية، لم يعرف طيلة مراحل الكفاح أنبل، أو أعظم مما حدث، سوى ما حدث قديما في عهد الصحابة، وما وقع حديثا في عهد ثورة الجهاد الجزائرية، وها هي المقاومة الفلسطينية تجسده بالنصر على المعتدين الصهاينة.

في كل هذه المعارك اشترك الصغار والكبار، في صد الإباديين الصهاينة الأشرار، كما التحم الشعب الجزائري في التصدي للعدوان الفرنسي الوحشي، بكل ضراوة من الكبار والصغار.

وذلك ما عبّر عنه شاعر الجزائر أبو عبد الله حين قدم صورة عن كفاحنا، بمناسبة زيارة السفاح الفرنسي غي مولي للجزائر حين قال عنه:

أطل على الجزائر ثم ولّى         فلا أهلا بمقدمه وسهلا

أطل فراعه شعب أبيّ          يخوض غمارها، ليثا وشبلا

ومن بنزالنا غرّته نفس        تركنا أمه تبكيه ثكلا

إن النصر الذي تحقق في غزة اليوم، هو أشبه ما يكون بالنصر الذي تحقق في الجزائر بالأمس.

“ربع الساعة الأخير”، الذي كان يتغنى به المسؤولون الفرنسيون، أثناء جهادنا، هو الشعار النشاز ذاته الذي ظل يردده زعماء الصهاينة المعتدين، يكذبون به على أنفسهم، وعلى الناس، من أن وقف الحرب لن يكون إلا بالقضاء على حماس، وتحرير كل الأسرى في أيدي المقاومة بالقوة.

ويأبى الله إلا أن تكون حماس هي التي توقع على اتفاق وقف القتال بعد أن أثبتت فعاليتها، وشراستها في ساحة الميدان. وإن في ذلك لعبرة، وإن في ذلك لآية.

وهكذا سيخرج المئات من الأسرى الفلسطينيين، العشرات منهم محكوم عليهم –ظلما- بالمؤبد، أليس في ذلك تذكير بمبادئ وقيم الجهاد العادل، الذي لا تقاس قيمته بكمية العدد، ولكن بنوعية العدة والعدد ﴿إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ﴾[سورة الأنفال، الآية 65].

على أن هذا النصر، قد جاء بعد جهاد عسير، واستشهاد وجراح الكثير الكثير، وبعد الهدم والتهجير والتجويع، ولكن العبرة بالخاتمة.

لقد حكم على المعتدين بالخروج من غزة صاغرين، وهاهم أهل الأرض بدءا بالمقاومين يعودون إلى ديارهم رافعي الرؤوس منتصرين.

اليوم تبيضّ وجوه، وتسودُّ وجوه، ولا عزاء للمثبِّطين، والمتخاذلين، والعملاء، والمطبِّعين، فلطالما شنوا الغارات على المقاومين، وسخروا من تضحياتهم واستشهادهم، معتبرين ذلك كله من “أعمال المغامرين”، ألا سحقا للمنافقين!

لقد حكم على المعتدين بالخروج من غزة صاغرين، وهاهم أهل الأرض بدءا بالمقاومين يعودون إلى ديارهم رافعي الرؤوس منتصرين.

اليوم تبيضّ وجوه، وتسودُّ وجوه، ولا عزاء للمثبِّطين، والمتخاذلين، والعملاء، والمطبِّعين، فلطالما شنوا الغارات على المقاومين، وسخروا من تضحياتهم واستشهادهم، معتبرين ذلك كله من “أعمال المغامرين”، ألا سحقا للمنافقين!

وإذا كان لنا، أن نذكر اليوم المجاهدين الأولين من أحمد ياسين، والعاروري، وحسن نصر الله، وإسماعيل هنية، وأبي إبراهيم يحيى السنوار، والآلاف من جحافل الشهداء، فإننا نذكرهم بكل فخر واعتزاز، ونقول لهم: ناموا واطمئنوا، فقد أينع غرسكم، وأثمر درسكم، وأذن بالاحتفال عرسكم.

أهازيج “أنا دمي فلسطيني”، تملأ الساحات، بارود النصر يصم أذان محتلي المستعمرات، وأذان التكبير، يعم المآذن والمنارات، وإن في ذلك لآيات.

وما كان كل هذا ليتحقق، لولا دماء سكبت، ونفوس بذلت، وعمارات هدمت، وتضحيات بالأطفال، والنساء، والشيوخ قدمت، ومن طلب الغالي، قدم الثمن العالي،  والله أكبر ولله الحمد.

كما لا ننسى، من وقفوا مع غزة، ومع القضية الفلسطينية، من الشعوب العربية والإسلامية، وكذلك أحرار العالم من المثقفين، والأكاديميين، والطلاب والطالبات الجامعيين، الذين نظموا اعتصامات، وقاطعوا المدرّجات، وتحملوا من أجل ذلك كل الأذى والاعتقالات.

إن عدالة القضية الفلسطينية قد آمن بها كل العقلاء، ووقف إلى جانبها المخلصون من العلماء، ودافع عنها في الهيئات الأممية والقانونية كل الشرفاء والحكماء، وهاهي تحصد نتيجة ما قدم كل هؤلاء النبلاء، على اختلاف جنسياتهم ودياناتهم وقناعاتهم تحصد نصر الشرفاء.

إن الحق يتجاوز كل الحدود المصطنعة، وإن العدل يهدم كل الدعاوى المرقعة، ولن يكون البقاء إلا للأصلح، والأصلح هو هذا الذي يحتفل به اليوم.

فلتردد الجماهير العربية والإسلامية الأناشيد، وليرتّل المقرئون في المساجد تراتيل المجالس التي يحييها الشهداء في الجنة، عرفانا بما قدّمه أهل غزة وأبناء فلسطين من تضحيات من كل الأعمار.

ولتسجل معاجم التاريخ مواقف الأحرار في العالم، الذين ساندوا باللسان وبالجنان، والذين رفعوا شعارات المواقف، وآيات المصاحف حتى تحقق النصر المرجو.

﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾[سورة الحج، الآية 40].

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!