-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عقلة عرسان للشروق: من حق الجزائريين أن يطلبوا الاعتذار من فرنسا

الشروق أونلاين
  • 1381
  • 0
عقلة عرسان للشروق: من حق الجزائريين أن يطلبوا الاعتذار من فرنسا

في آخر أيام الملتقى الأول لمقاومة الأوراس في عهد أحمد باي، نزل الدكتور علي عقلة عرسان الأمين العام لاتحاد الكتاب العرب في فندق الزيبان بمدينة بسكرة حاملا حقيبته منتظرا السيارة التي تقلّه إلى قاعة المحاضرات لاختتام الملتقى، ومن ثمّ العودة مباشرة إلى دمشق، فاقتربنا منه بقاعة الاستقبال طالبين محاورته، فطلب منا الأسئلة مكتوبة ليرسل الإجابة عبر البريد الإلكتروني لأن وقته ضيق، لكن عندما عرف أن هذا الحوار لجريدة “الشروق اليومي” غيّر رأيه مباشرة، ومنحنا هذا الحوار لأنه حسب ما قال يعرف مستوى الجريدة والتي تستحق منه أكثر‮ ‬من‮ ‬هذا‮ ‬الحوار‮.‬‮هل‮ ‬بالإمكان‮ ‬يا‮ ‬دكتور‮ ‬أن‮ ‬تحدثّنا‮ ‬عن‮ ‬هذه‮ ‬الزيارة‮ ‬للجزائر،‮ ‬وانطباعك‮ ‬بشكل‮ ‬عام‮ ‬عن‮ ‬الملتقى‮ ‬الأول‮ ‬لمقاومة‮ ‬الأوراس‮ ‬في‮ ‬عهد‮ ‬أحمد‮ ‬باي؟
فرصة طيبة لي أني زرت منطقة بسكرة والأوراس الجنوبي والشرقي وسيدي عقبة في إطار الملتقى الأول لمقاومة الأوراس في عهد أحمد باي، وأنا أعتقد أن مثل هذا المتلقى جاء بالتأكيد للاهتمام وإنصاف الذين قاموا بالمقاومة الأولى ضد الغزو الفرنسي للجزائر، وهذا أمر مهم جدا، لا سيما أن أحمد باي لم يأخذ حقه وكذا المقاومة التي قام بها ابتداء من سنة 1831 حتى 1848 قبل القبض عليه والإلقاء به في السجن من قبل الفرنسيين. هذا التاريخ لم يرسخ في أذهان الجزائريين، والمؤرّخون الجزائريون بالدرجة الأولى تردّدوا في التعامل مع هذه الواقعة بما تستحق من الاهتمام، وكان التركيز على ثورة الأمير عبد القادر والتي تستحق ذلك، لكن بالتزامن كان هناك هذه الثورة بالشرق الجزائري وهي مقاومة ثوار ومناضلين. وهذا الملتقى جاء ليلقي الضوء وليرسخ بداية اهتمام، ومنظور جديد من منطلقات منهجية علمية تاريخية موضوعية تعيد قراءة الأحداث واستخلاص النتائج منها. ومن ثم ننصف بعض من لم يُنصفوا ونضع أمام الأجيال الجزائرية حقائق يجب أن لا ينسوها، وهم يتعرضون إلى تحديات مختلفة في الداخل والخارج، وأيضا الجزائر تعيش هذه الظروف وأحيانا التقلبات وأحيانا أخرى عودة إلى بعض الأمور التي حاربها الثوار والمناضلون وانتصرت بانتصار ثورة نوفمبر مثل قضية التعريب ودخول معطيات جديدة للتنافس السلبي في الداخل، كل هذا شجع الآن على أن قراءة التاريخ إيجابية وأنا بتقديري أن مقاومة الأمير عبد القادر رحمه الله، وأيضا مقاومة أحمد باي بالشرق الجزائري أسستا‮ ‬إلى‮ ‬استمرار‮ ‬أشكال‮ ‬من‮ ‬المقاومة‮ ‬إلى‭ ‬أن‮ ‬جاءت‮ ‬ثورة‮ ‬نوفمبر‮ ‬وإطلاق‮ ‬الرصاصة‮ ‬الأولى‮ ‬من‮ ‬منطقة‮ ‬الأوراس،‮ ‬وهذا‮ ‬مفيد‮ ‬جدا‮ ‬في‮ ‬تقديري‮.‬

‮‬في‮ ‬مداخلتكم‮ ‬في‮ ‬الملتقى‮ ‬تطرقتم‮ ‬إلى‮ ‬جرائم‮ ‬الاستعمار‮ ‬في‮ ‬الجزائر،‮ ‬فما‮ ‬قولكم‮ ‬حول‮ ‬اتفاقية‮ ‬الصداقة‮ ‬التي‮ ‬ترغب‮ ‬فرنسا‮ ‬في‮ ‬توقيعها‮ ‬مع‮ ‬الجزائر‮ ‬دون‮ ‬الاعتراف‮ ‬بهذه‮ ‬الجرائم؟
جرائم فرنسا وجرائم الإبادة الجماعية والاحتلال البشع للجزائر والتعامل الإجرامي مع الشعب الجزائري، وعمل الاستيطان الفرنسي في الجزائر على تغيير هويتها وجغرافيتها وانتمائها العربي الإسلامي ومحاربة اللغة العربية والدين الإسلامي وتجنيد الجزائريين في معارك الفرنسيين خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، كل هذا يستدعي من الشعب الجزائري ومثقفيه والمثقفين العرب ومن كل من يناصرون حقوق الإنسان والحريات ويقفون بصلابة ضد الجرائم المرتكبة يتطلب منهم موقفا من فرنسا، لأنها أجرمت في حق الجزائر، وأن تعتذر من الشعب الجزائري، ويجب أن تدفع تعويضا على ما ألحقته بهم من أضرار وخسائر وقتل وتدمير طوال فترة الاحتلال، ومن بعد ذلك يحق لفرنسا أن تتكلم عن حقوق وقوانين وحريات. لكن المجرم لا يمكن أن يكون قاضيا. وعقد معاهدة مع الشعب الجزائري مقدمتها الاعتراف بما ارتكب بحق الجزائر من جرائم فظيعة، ولذلك أنا لست ضد أن تكون هناك معاهدة صداقة وتعاون جيد مع فرنسا بعد أن خرجت من الجزائر. والجزائر دولة مستقلة ند لفرنسا لكن هناك تاريخا لا يمكن أن ينسى، وجرائم ارتكبت لا بد من الاعتراف بها، وإلا ما معنى أن نمسح مئة وثلاثين سنة من الفضائع الفرنسية بالجزائر ونقول للشعب الجزائري فرنسا صديقتنا ومليون ونصف المليون شهيد ذهبوا سدى. هذه القضية لا تجوز لا إنسانيا ولا قانونيا، ولا الجزائريون يقبلون بمثل هذا وأعتقد أن من حق الشعب الجزائري ومن حق حكومته ومثقفيه وشهدائه ومجاهديه وأبناء مجهاديه أن يطلبوا -وهذا أقل ما يمكن- الاعتذار وماذا في الاعتذار بعد كل هذه الدماء، لأن فرنسا كانت استعمارية مجرمة، إرتكبت الكثير من الفضائع والجرائم ومنها جرائم إبادة جماعية بحق الشعب الجزائري، ونتذكر على الأقل الجرائم التي ارتكبها كافينياك حيث أن الناس الذين لجأوا إلى الكهوف سد عليهم‮ ‬هذه‮ ‬الكهوف‮ ‬وأشعل‮ ‬النار‮ ‬فيهم‮ ‬وحتى‮ ‬في‮ ‬حيواناتهم،‮ ‬فهل‮ ‬هناك‮ ‬أبشع‮ ‬من‮ ‬هذا؟‮.‬

‮‬أخيرا‮ ‬دكتور‮ ‬ماذا‮ ‬تقول‮ ‬لأصحاب‮ ‬المبادرة‮ ‬في‮ ‬بعث‮ ‬هذا‮ ‬الملتقى؟
هذا ضرورة، ومن الممكن أن يكون بدل الجمعية مؤسسة تعنى بالشأن الثقافي وشأن المجاهدين ومعاني المقاومة، معاني الثورة، وكل هذه الرموز مجتمعة. وهذا شيء طيب وضروري، وما نجاح هذا الملتقى في طبعته الأولى إلا دليلا على إرادة القائمين عليه من كل الجوانب التنظيمية وحتى‮ ‬المراجعات‮ ‬التاريخية‮.‬

حوار‮: ‬سمير‮ ‬مفتاح

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!