-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

علي” أهل العزم تأتي العزائم…

عمار يزلي
  • 257
  • 0
علي” أهل العزم تأتي العزائم…
ح.م

عام يمر على رحيل الفقيد علي فضيل، فقيد المهنة والأخلاق المهنية والموقف ودماثة الخلق.

كان يوم 20 أكتوبر 2019، آخر موعد لي معه عن بعد. كتبت إليه رسالة نصية قصيرة ما زلت أحتفظ بها: “قلوبنا معك أخي علي. طهور إن شاء الله. ربنا يشفيك ويعيد لك الصحة ويسعدك يا رب” لم يكتب له أن يقرأ ما كتبت له. كان هذا بعد أن سمعت بخبر الوعكة الصحية التي ألمت به وأدخلته المستشفى بفرنسا، حيث كان يقضي بعض الأيام رفقة فريق عمل ضمن مشروع مهني. هاتفه لم يكن يجيب، فكانت الرسالة النصية خير وسيلة للتواصل لأجل إبلاغه بتعاطفنا معه والتعبير له عن أملنا في رؤيته معافى.. وكنا كلنا نفكر في أن الأمر سيكون سلاما ويعود إلينا علي عالي الرأس كما تعودنا وكما عودنا.. لكن هذه المرة.. كان الزمن أسرع وكان القضاء أجزع.

رحل عنا علي فضيل تاركا لنا ثروة من الجهد في سبيل إنشاء دعامة إعلامية متميزة.

كان طموحه أكبر من التصور. لما بدأ رحلة الصحافة المستقلة معنا في مهنة المتاعب في بداية التسعين من خلال أسبوعية “الشروق العربي”، كان طموحه أن يستقطب القراء المعربين حول مشروع إعلامي عربي ثقافي فني سياسي اجتماعي شامل. هكذا كان دأبه دائما: يبحث عن التميز في والتنوع لكن دائما ضمن دائرة الانتماء الثقافي العربي الإسلامي المنفتح عن العالم والثقافات واللغات الأخرى، بدليل أنه كان يجعل العربية هي الأصل وبقية اللغات هي الفروع.

كان مدافعا عن الخط العربي الإسلامي الوطني وعن قضايا وهموم المجتمع خاصة الطبقات الوسطى والمعدومة. لذا سيجعل في ما بعد جزءا من إمكانياته الإعلامية والمادية والعاطفية باتجاه “فعل الخير: والقضايا الإنسانية.

علي فضيل، لم يكن يشتغل بالسياسة كسياسي، بل كان إعلاميا مشغولا بالسياسة، لهذا واجه كثيرا من الصعوبات والضغوط مع السياسيين لاسيما أيام العصابة بعد رفضه الدخول ضمن زمرة المزمرين لتزكية العهدة الرابعة والتطبيل لها ولصاحبها. وكانت بداية المتاعب من بداية سنة 2017، كبداية للضغط الأقصى قصد إقصائه من المشهد الإعلامي نهائيا لأنه رفض الخنوع. تعرض لمحاولات التكسير والتفقير والتحجيم، خاصة بعد أن صارت اليومية تطبع مئات الآلاف من النسخ وتتربع على عرش أكبر المنشورات عربيا من حيث السحب والمقروئية. ولما دخل مجال الإعلام المرئي، وذلك كان طموحه من البداية، تكالبت عليه كل القوى غير المخلصة للبلد وللمهنة، وقبل بالتحدي ودخل المجال كواحد من رواد الصحافة المرئية في الجزائر.

كان علي فضيل، الذي أعرفه منذ 30 سنة، الذي تعاملت معه لأكثر من عقدين ولا زلت، كواحد من كتاب أعمدة الشروق العربي ثم الشروق اليومي، أحرص ما يكون على النظافة والنزاهة والمهنية والدفاع عن الثوابت الوطنية. كانت غيرته على القيم الثقافية والدينية واللغوية عنده هي المحدد لكل أشكال وأنواع الخبر والربورتاج والتحليل رغم أنه كان يفتح المجال أمام كل الأقلام من كل الاتجاهات إلا من أبى أن يحترم هذه الثوابت.

عاش علي عالي الرأس ولم يطأطئه يوما أبدا إلا أمام قرائه من بسطاء الناس ومن الذين كانوا يرون في الشهداء رمزا للوطنية وفي العلم الوطني بيرقا عاليا كان علي يراه صورة ناصعة لجزائر نوفمبر ولجزائر الخالدين.. لهذا كان تشجيعه أقوى من أي مؤسسة إعلامية للرياضة الجزائرية وخاصة الفريق الوطني لكرة القدم الحامل للراية الوطنية..ولعل الشروق اليومي كانت من أكبر مشجعي الفريق الوطني طيلة مدة إنشائها ماديا ومساهمات وإعلاميا، هذا من دون ذكر أعمال ومساهمات وإنفاق علي فضيل في مجال الإحسان والعمل الخيري ودور الأيتام والعجزة والفقراء.. وأيضا في مجال تكريم العلم والعلماء والمثقفين والمفكرين ورجال الدين وشيوخ المعرفة عندنا ونشر حبر القراء وتكريم قرائه ومنشدي ومادحي الرسول الأعظم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.. لقد تحوّل علي فضيل من خلال مجمعه الإعلامي المتنامي بجهده وتفانيه، إلى وزارة أكبر من كل الوزارات، يحمل إزرها في أوقات تعطلت فيها الوزارات وتخلت حتى عن مهامها..

كان علي فضيل، يطمح إلى أن يفتح المجال أمام الكل في التعبير عن الكل ضمن الثوابت الوطنية والدينية، ولكن القضاء استعجل رحيله فرد قبل أن يغرد التغريدة الأخيرة.. طائرا حرا.. ما زال فضل صرحه شاهدا عليه يكبر ويتمدد.. وللأبد..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!