-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الزمن الجميل والجيل الذهبي:

عملتان قيّمتان من الماضي مفقودتان في الحاضر

صالح عزوز
  • 1619
  • 0
عملتان قيّمتان من الماضي مفقودتان في الحاضر
بريشة: فاتح بارة

كثيرا ما نتصادف في شبكات التواصل الاجتماعي بجملتي، الزمن الجميل والجيل الذهبي، وهما في الأصل جملتان تعبران عن الحنين إلى الماضي، أي إن العديد من الأفراد، يتمنون عودة تلك الأيام بما حملته من جمال، وهو التمني الذي لن يتحقق.. لذا، ومن أجل عيش تلك اللحظات، ينشر الأفراد أمثلة عن ذلك الزمان، سواء مأكولات أم مشروبات أم تقاليد وعادات وغيرها، من أجل مقارنتها بما نحن عليه اليوم، ولا مجال للمقارنة، على حد تعبير الجيل الذهبي، كما يقال.

السؤال الذي يطرح: ماذا تغير بين ذلك الزمان وما نحن عليه اليوم؟ ولماذا أصبح الأفراد يحنون إلى ذلك الماضي الجميل، على حد تعبيرهم، برغم بساطته في كل شيء، وهو الأمر الذي نفتقده اليوم، بالرغم من أننا نعيش في زمن أصبح كل شيء سهلا تقريبا، خاصة في حضرة التكنولوجيا الحديثة التي حولت العالم إلى قرية صغيرة، كما يقال، ويمكن لك أن تلبي ما تريده بمجرد الضغط على زر صغير.

لقد تغيرت أحوال الناس اليوم، وحتى الأفراد تغيروا في كل شيء، في طبعهم، في سلوكاتهم، في علاقاتهم ببعضهم، وحتى في علاقاتهم بالمحيط، وما كان في الماضي بالمجان أصبح اليوم بالدراهم، كما يقال، ورغم هذا ليس جميلا، عكس ما كان في الماضي، حينما كانت الطيبة والإخلاص والحب الحقيقي والصراحة والنية الصافية بين الأفراد داخل الأسر وفي المجتمع.

لقد هجرت البركة موائدنا ومواعدنا ووقتنا وشغلنا، وأصبح الواحد منا غير راض عن كل ما هو عليه، الفقير والغني على حد سواء، عكس ما كنا عليه في الماضي، فرغم الفقر كانت السعادة تغمر بيوتنا، والمحبة تأسر قلوبنا، ونادرا ما ترى هناك عداوات بين الأفراد، تسمع من بعيد، وليس كما هي الحال اليوم، حينما أصبح الأخ يقتل أخاه، والأخت تعادي أختها من أجل لا شيء، والصاحب يخدع صديقه برغم الادعاء بالحب والإخلاص، أما التربية، فحدث ولا حرج.. نعم، هو الجيل الذهبي، الذي كانت فيه الأسرة تربي، والمعلم يربي، والجار يربي.. حتى وصلنا إلى مجتمع يخجل الجار من رفع رأسه أمام جارته، احتراما لها، كان الكبير يعطف على الصغير والصغير يحترم الكبير. أما اليوم، فهو جيل التكنولوجيا التي أخرجت لنا جيلا، لا يحترم الكبير ويتعدى على حرمات الناس في وضح النهار، ذهبت الثقة والأمان، أصبح الوالد يخاف من ولده، والبنت تعذب والدتها، والجار يقتل جاره من أجل مكان توقيف السيارة، وأصبحت روح الإنسان كمثل روح ذبابة لا قيمة لها.

الزمن الجميل ذهب، والجيل الذهبي كبر وشاب ولن يعود، وأصبحت الدنيا اليوم ضيقة رغم سعة كل ما فيها، وصعبة رغم سهولة الوصول إليها.. فمن أراد الزمن الجميل، عليه بالذكريات، فهو لن يعود.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!