عمّورة والمواهب المحلية

يواصل الدولي الجزائري، محمد الأمين عمورة، تألقه في الدوري الألماني، مع فريقه فولفسبورغ الألماني، وكذلك مع المنتخب الوطني، إذ أمضى خمسة أهداف كاملة في الخرجتين الأخيرتين لـ”الخضر”، في إطار التصفيات المؤهِّلة لنهائيات كأس العالم 2026 أمام الموزمبيق وبوتسوانا، ليصبح اللاعب الجزائري الأكثر طلبا في سوق التحويلات الصيفية، إذ تتهافت عليه أقوى وأحسن الأندية في العالم، وبمبلغ مالي مرتفع، وقد يكون أغلى صفقة للاعب تنقل من البطولة الجزائرية ومن فريق وفاق سطيف الذي فجّر فيه إمكاناته الكبيرة، وساعده كثيرا ليصل إلى القمة، ومنحه الفرصة ليصبح نجما.
وأظهر تألق عمورة بالتأكيد مجددا أن المدرسة الجزائرية بإمكانها إنجاب لاعبين آخرين من طرازه، خاصة وأن الأمور تغيّرت في بطولتنا منذ قرار الدولة مساعدة كل الأندية ووضعها في أحسن الظروف، بتوفير وسائل العمل والتكفّل التامّ بالأندية التي أصبحت لا تعاني من أزمات مالية، مثلما كانت عليه في السابق، وعليها اليوم أن تعود إلى القمة محليا وقاريا، لتقديم أكبر عدد ممكن من اللاعبين إلى مختلف المنتخبات الوطنية، وهو الهدف الذي يجب على الأندية تحقيقه، خاصة وأن العديد منها كانت سابقا خزانا لـ”الخضر”، على غرار شبيبة القبائل ووفاق سطيف ونصر حسين داي وغيرها من الأندية.
عمّورة أصبح حديث أغلب الصحف الإنجليزية، التي أكدت أن العديد من الأندية الكبيرة تتصارع للاستفادة من خدماته، على غرار ناديي ليفربول وأرسنال، وربما أندية أخرى لم تكشف أوراقها بعد، ما يدل على أنه أصبح النجم الجديد من دون منازع، رغم أنه عانى في فترة من الفترات من التهميش في المنتخب الوطني، ولازم مقعد الاحتياط، رغم أنه كان أحسن بكثير من الذين كانوا فوق الميدان، لكن مجيء المدرِّب فلاديمير بيتكوفيتش أعاد له الثقة وجعله اليوم لاعبا أساسيا رغم المنافسة الكبيرة، وهو يعلم أن مسؤولية كبيرة على عاتقه رفقة بقية التعداد لتحقيق نتائج إيجابية في كأس إفريقيا القادمة، والتأهل لنهائيات كأس العالم 2026، خاصة وأن التشكيلة الوطنية تحتل المرتبة الأولى قبل نهاية التصفيات بأربع جولات.
وحتى القيمة السوقية للدولي الجزائري ارتفعت ارتفاعا غير مسبوق في سوق الانتقالات بمقدار 10 ملايين (ما يقارب 200 مليار سنتيم يورو) ليصل إجماليها إلى 32 مليون يورو (ما يقارب 600 مليار سنتيم) في مارس بعدما كانت 22 مليون يورو (ما يقارب 400 مليار سنتيم) في ديسمبر الماضي، مسجّلًا بذلك أعلى قيمة في مسيرته الكروية.
ما يقوم به اليوم النجم عمورة في البطولة الألمانية ومع المنتخب الوطني هو رسالة إلى كل الرياضيين الجزائريين في مختلف الرياضات بأن الوصول إلى القمة لن يكون إلا بالعمل المتواصل والمثابرة. قصته تصلح مستقبلا لأن تكون “فيلما سينمائيا”.. فكيف بلاعب تحدى الفقر الذي كانت تعيشه عائلته، واضطرّ إلى السكن مع عائلة مدربه، خاصة وأنه كان لا يملك الأموال التي تسمح له بالعودة يوميا إلى منزل عائلته بجبال جيجل، لتتواصل مغامرته ليصبح اليوم نجما كبيرا؟ إنّه حافزٌ كبير للمواهب الكروية المحلّية لتثق في قدراتها وتضاعف جهودها للبروز محليا ودوليا واكتساب مكانة أساسية في المنتخب الوطني.