-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عناوين قصيرة لبرنامج “عام الجماعة”

حبيب راشدين
  • 1098
  • 3
عناوين قصيرة لبرنامج “عام الجماعة”

الآن وقد تبدد الضباب الذي حجبت به السلطة الرؤية حيال الاستحقاق الرئاسي لغاية في نفس يعقوب، وتبخرت أحلام العالقين بتلابيب العهدة الخامسة بالتجديد أو بالتمديد، وحسمت رسالة الجيش الموقف بإحالة الجميع على الاحتكام إلى الدستور، يفترض أن تشمر الأحزاب في الموالاة كما في المعارضة على السواعد، وتعيد تشغيل ما بقي لها من عقل لتدبير خطط بديلة لخيار الانتظار العقيم، وتسارع إلى تحرير برامج انتخابية على عجل تنزل بها إلى الشارع لإقناع المواطن بالمشاركة أولا قبل إقناعه بالمرشح وبالبرنامج.

وما يزال أمام الجميع، سلطة ومعارضة، فرصة للتكفير عما صدر منها من احتقار للرأي العام ولحق المواطن في توقع حلول من نخبه لمشاكله اليومية والمستقبلية، وتدبير سياسات تستبق تهديدات السنوات العجاف القادمة، إما بخطط تنافسية بديلة، أو بمشروع وطني جامع يتوافق فيه الجميع على الحد الأدنى من الإصلاحات التي يحتاجها البلد على عجل، في ما يشبه عام الجماعة الذي يجند طاقات البلاد ومقدراتها حول إدارة مرحلة انتقالية تحت قيادة الرئيس القادم أيا كان، والتوافق على ترحيل بقية القضايا الخلافية إلى ما بعد تجاوز هده الحقبة الحرجة الخطيرة التي قد تمتد حتى نهاية العهدة الرئاسية القادمة.

ما تعلمناه في العقدين الماضيين وعهدات الرئيس الأربع، أن نظام الحكم المركب على عجل بعد أحداث أكتوبر لم يعد مؤهلا لتصور وقيادة إصلاحات تنقل البلد إلى بر الأمان، وتنظم التداول السلمي السلس والآمن على السلطة، وفي كل الأحوال لم يظهر حتى الآن استعدادات تذكر للانفتاح على ثقافة التغيير والإصلاح، ولا على تطلعات المواطن المشروعة للمشاركة في بناء الدولة والمجتمع، وتحسين أحوال الناس الاجتماعية، وضمان مستقبل يغري الشباب على الثقة بمقدرات البلد بدل المجازفة بالنفس في قوارب الموت.

فعلى خلاف ما تدعيه بعض النخب المعارضة، فإن أغلب المواطنين غير معنيين بهذا الخطاب النخبوي العالق بشعارات الديموقراطية والتداول على السلطة وترقية حرية التعبير، وهو يرى مساراتها تنهار وتتفكك وتبدي عن سوءاتها في عقر ديار المنشأ، وقد يكتفي في الوقت الراهن بأن تضمن له النخبة بناء دولة الحق والقانون التي تضع الجميع على قدم المساواة أمام القانون، وأن يشاهد بأم العين قدرا من العدالة في توزيع ثروات البلد، أو في الحد الأدنى تثمين جهد العمل بما يضمن حياة كريمة لا يؤرق فيها رب الأسرة بنهايات الشهر.

وقد يحسن بالنخب التي تتطاول أعناقها لطلب الولاية من المواطن أن تحسن الظن بالشعب، ولا تتردد في عرض اصلاحات ضرورية موجعة مؤلمة، شريطة أن تضمن اقتسامها بعدل وإنصاف بين مختلف فئات المجتمع، ثم البناء على ما تحقق من انجازات لا ينكرها عاقل منصف، فلا تنتكس بنا مجددا إلى مسارات خصخصة المقدرات العمومية التي ضمنت للبلد قدرا من الاستقلالية وحماية ثروات البلد، وأن نسارع إلى ضبط وتقييد ثقافة وسلوك الاستهلاك المفرط المستوردة مع حاويات الاستيراد والاستيراد، ثم توجه ما بين اليد من موارد لتنمية الثروة التي لا تنضب بالاستثمار في الثروة البشرية عبر اعادة النظر بالكامل في منظومة التعليم والتأهيل والتمهين.

ها هنا عناوين قليلة تصلح أن تتخذ منها النخبة أرضية لصياغة مشروع وطني استعجالي جامع يعيد بناء الثقة بين المواطن ونخبه ويصرفه عن الانسياق الأحمق إلى مسارات الهدم بجميع عناوينها، خاصة وأن العالم برمته مقبل على سنوات من الفوضى التي يصرف عادة فائضها في إثارة الفتن والحروب وقد زرعت أكثر من بؤرة لها متربصة على حدود البلد في الاتجاهات الأربع.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • سليم

    عن اي دستور يتحدثون
    عن اي مبادرات
    و اي شعب
    المنطق يقول ان هؤلاء هم السبب الرئيسي للازمة (وهناك اسباب اخرى اقل تاثير)
    كيف يمكن ان يقدموا لنا الحل
    هم اصلا يغترفون من الريع بهذه الطريقة التي يعتمدونها في تسيير البلد
    لماذا يجازفون بتهديد مصالحهم

  • ملاحظ جزائري

    إن مشكلتنا واحدة مركبة لا تتجزأ ولا تبتسر في بعد واحد ومن علامات أزمتنا العجز عن فهم مشكلاتنا وعن تحليلها فنعالج الجانب الاقتصادي كالعدل في اقتسام التروة مثلا دون الالتفات إلى كرامة المواطن ودوس الحكام على الدستور والقوانين وتغول الإدارة الخ... وننسى العدالة الإسلامية بمعناها الشامل دون ابتسار أو تجزيء على مستوى تصورنا للأهداف البعيدة ... ربما يكون دزء من الحل في وضع برنامج واقعي صحيح يراعي المراحل ويوصل إلى تلك الأهداف المرجوة، وهذا ليس بمستحيل إذا صدقت النوايا من النخب المتسلطة أولا ثم من نخب المعارضة... وسيقتنع الشعب إذا لمس منهم ذلك في الواقع.

  • الطيب

    بعد شد و مد ربما عادوا للدستور ....فهل سيعودون حقًا للشعب !؟