غدا تُصبحون أفضل شريك.. لفرنسا
لم تعد فرنسا هي الزبون الأول للجزائر منذ عدة سنوات…
في السنة الماضية كانت اسبانيا هي الزبون الأول بـ %15.7 تليها إيطاليا بـ% 13.7 فبريطانيا بـ% 10.9 ففرنسا في المرتبة الرابعة بـ%10.2 …
كما لم تعد فرنسا هي الممون الأول للجزائر منذ عدة سنوات أيضا؛ فالصين هي أول الممونين لاقتصادنا بـ %12.4 تليها فرنسا في المرتبة الثانية بـ 11.4 % فإيطاليا بـ 10.3 % فاسبانيا بـ 9.3 % فألمانيا بـ %5.2…الخ
ومع ذلك نحن نسمع منذ سنوات الطرف الفرنسي يتحدث لنا بعبارات من نوع “سنجعل من الجزائر شريكا رئيسيا“، أو“سنبني شراكة متميزة مع الجزائر“، أو“قريبا تصبحون أفضل شريك لفرنسا“… الخ، عبارات تتناقض تماما مع الأرقام المسجّلة على أرض الواقع المبينة أعلاه…
وأكاد أجزم أنه لو كانت الجزائر تُعامل شركاءَها الاقتصاديين بنفس الطريقة، وبما يقتضيه المنطق البراغماتي في العلاقات التجارية، ولم تكن هي التي تُفاضل فرنسا على بقية شركائها، لتدهورت مكانة فرنسا التجارية مع الجزائر أكثر مما هي عليه الآن، ولعرفنا زبائن وممونين مختلفين تماماً عما عرفناه تاريخياً من خلال العروض التنافسية التي تقدّمها الدول الآسيوية للشراكة الاقتصادية مع بلدنا، وبالتحديد دول مجموعة البريكس (البرازيل وروسا والصين والهند وجنوب إفريقيا) التي تعرف اقتصادياتها أعلى معدّلات نمو في العالم ويعيش بها أكثر من %40 من سكان المعمورة.
أي يُفترض أن حكومتنا هي التي بإمكانها أن تتحكّم في زبائنها ومموّنيها، وهي التي لديها خياراتٌ أكبر من الحكومة الفرنسية، وهي التي بإمكانها أن تُعطي أملا أكبر لاقتصادنا في أن ينهض ويتقدم، ومع ذلك نجدها سياسياً لا تكاد تتصرف وفق هذا المنطق، لجلب مزيدٍ من الاستثمار، ومزيدٍ من التنمية، بل تتصرّف بمنطق اليأس، وكأنه محكومٌ علينا أن نبقى تابعين، نبيع المحروقات لنعيش، ونعيش لنبيع المحروقات، من غير أن نفكر في أولوية الإنتاج والاستثمار خارج هذا القطاع.
ولهذا السبب لا تزال تبعيتنا للمحروقات تزيد على 97 %، ولهذا السبب لم ننطلق انطلاقة حقيقية في بناء اقتصادنا الوطني، ولهذا السبب ينبغي أن نقول إننا إذا أردنا أن يعود الأمل لهذا الاقتصاد، علينا أن نكف على التعامل بمنطق الحنين أو الخوف أو إرضاء هذا أو ذاك، وننتقل إلى التعامل بلغة: من يريد أن يساهم معنا في بناء اقتصادنا الوطني، لا من يريد أن يستمر مموّنا أو زبونا يشتري ويبيع وعودا تقول: غدا تصبحون أفضل شريك.