-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

فاحشة عربية في وارسو

الشروق أونلاين
  • 2081
  • 0
فاحشة عربية في وارسو

يحقّ لرئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو أن يطير فرحا ويصرّح بأن “تاريخا جديدا يُصنَع في المنطقة” وهو يرى وزراء خارجية بعض البلدان العربية يتهافتون على لقائه في العاصمة البولندية وارسو ويطلقون تصريحاتٍ مدوِّية أحسنت مراسلةُ موقع “والا” العبري، طال شاليف، وصفَها بقولها “كـأنها كُتبت وصيغت بشكل منمّق في ديوان نتنياهو”!
في أحد أروقة القصر الحاضن للمؤتمر، أصرّ وزيرُ خارجية سلطنة عمان يوسف بن علوي على خطيئة التطبيع مع العدو من خلال لقاء نتنياهو مجددا، قبل أن يصرّح لاحقا بأن “إسرائيل دولة في الشرق الأوسط”، وداخل قاعة المؤتمر ضمّ خالد يماني، وزيرُ خارجية حكومة هادي، اليمنَ إلى قائمة المهرولين المستسلمين للاحتلال حينما جلس إلى جانب نتنياهو وتبادل معه التحيات وقدّم إليه ميكروفونه، لكن الطامّة الكبرى حدثت في إحدى الغُرف المغلقة بأوسلو، حيث اجتمع ثلاثة وزراء خليجيين مع نتنياهو في لقاءٍ أرادوه سريا ومغلقا، لكن مكتب نتنياهو سارع إلى بثّ فيديو هذه الفاحشة السياسية وأحرج “حلفاءه” الثلاثة؛ ففي هذا الفيديو ظهر وزيرُ الخارجية الإماراتي محمد بن زايد وهو يؤيّد ما أسماه “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد تهديدات إيران في سوريا”، أما نظيرُه البحريني خالد بن أحمد آل خليفة فقد زعم أنّ “مواجهة إيران أهمُّ من القضية الفلسطينية”، في حين أبدى وزيرُ الخارجية السعودي عادل الجبير حسرته الشديدة على دعم إيران لحركتي حماس والجهاد الإسلامي بالسلاح والمال للدفاع عن غزة، وعَدَّ ذلك “نشاطا مزعزعا للاستقرار في المنطقة”.. ألا يحقّ لنتنياهو إذن أن ينتشي فرحا وهو يسمع حلفاءه الجدد يرددون خطابَه نفسه؟!
مشكلة العرب اليوم أنهم لا يريدون أن يحاربوا من أجل فلسطين وقِبلتهم الأولى، وفي الوقت نفسه يُنكرون على الفلسطينيين حقهم في الدفاع عن أنفسهم وعن الأقصى نيابة عنهم، ولا يريدون دعم الأحرار الفلسطينيين ببندقيةٍ واحدة، وحينما تنبري إيران لتقوم بهذا الدور وتدعم المقاومة بالصواريخ وما تيسّر من السلاح للدفاع عن غزة المستضعَفة ضد جبروت الاحتلال، تثور ثائرتُهم ويتَّهمونها بـ”زعزعة استقرار المنطقة”!
اليوم بات واضحا أنَّ عرب الخليج قد انتقلوا من مرحلة الانبطاح والتطبيع المجاني مع العدو إلى مرحلة التحالف معه والاستعداد لخوض الحروب إلى جانبه وكذا الانخراط في “صفقة القرن” الأمريكية الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية.. كل المقدّسات والقضايا العادلة أضحت قابلة للبيع لدى العرب مقابل ثمنٍ واحد فقط وهو البقاء على عروشهم!
لقد حقق العدوُّ الصهيوني ما كان يريده من مؤتمر وارسو من جرّ المزيد من العرب إلى التطبيع المجاني، والتنكّر للقضية الفلسطينية، وتبييض تاريخه الإجرامي البشع ضد الفلسطينيين، وفكّ العزلة عنه، وبالمقابل لن يجني عربُ الهرولة شيئا منه، وإذا اعتقدوا بأنّ الصهاينة سيخوضون حربا ضد إيران لحماية عروشهم فهم واهمون، العدوُّ لن يعرِّض مدنه لمئات الآلاف من الصواريخ الإيرانية واللبنانية دفاعا عنهم، سيورّطهم فقط في المزيد من التطبيع والخيانة، وإذا نشبت الحرب، فسيتركهم لمصيرهم، كمثل الشيطان إذ قال للإنسان أكفر، فلما كفر قال إني بريءٌ منك إني أخاف الله ربَّ العالمين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!