فتاوى الاحتلال!
إذا كان الحكام العرب قد طعنوا الشعب اللبناني في الظهر، فالأخطر من كل هذا، فإن العلماء يكونوا قد طعنوه في القلب! خاصة عندما يجاري علماء الدين رجال الحكم والسياسة ويصبحون على دينهم.
لم يكن من الغرابة في شيء أن يصف شيخ الأزهر الشريف جنود حزب الله في لبنان وهم يردون على العدوان الإسرائيلي بالمغامرين مثلما سبق للرئيس المصري حسني مبارك أن وصفهم بذلك!
عندما يصبح علماء الدين يبرّرون المواقف السياسية الانهزامية والاستسلامية فإنهم بذلك لا يختلفون عن الحكام المتسلطين على رقاب شعوبهم، بل إن تسلط السياسيين يصبح أهون وأخف من تسلط علماء الدين، نظرا لما يمتلكونه من سلطة روحية على المجتمع.
في الوقت الذي يتعرّض فيه اللبنانيون إلى إبادة جماعية من قبل جنود الإحتلال الإسرائيلي، مايزال علماؤنا الأجلاء يتهمون المقاومة اللبنانية بأنها هي التي أشعلت فتيل الحرب في لبنان.
إن شيخ الأزهر، الدكتور محمد سيد طنطاوي، وهو يطعن اللبنانيين في قلوبهم، كان قد سبق له أن وصف الفلسطينيين الذين يموتون دفاعا عن القدس بالانتحاريين وأنكر عليهم استشهادهم في سبيل الله والوطن، وكأن الشهداء هم جنود الإحتلال، لأنهم يوجدون في حال دفاع شرعي عن أنفسهم مثلما يزعم ذلك الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن!
ويصبح من المخزي! أن يتحوّل الدعاة العلماء الذين تُسلط عليهم الأضواء إلى شعوبيين وطائفيين، حيث وصل الأمر ببعضهم إلى الفتوى بتحريم نصرة جنود حزب الله، لأنهم من الشيعة والشيعة هم الذين يقتلون السنة في العراق!!
وللأسف، أن ما لم يدركه الشيوخ من العلماء، أن القنابل الأمريكية التي تقصف بها إسرائيل اللبنانيين لم تفرق بين المسلمين والمسيحيين، بل ولا تفرّق بين الشيعة والسنة وحتى المارونيين!
لقد كان من الواجب عندما يتعرّض العرب أو المسلمون إلى عدوان أجنبي، أن ينسى الجميع مذاهبهم الدينية والسياسية ويصبح الواجب المقدس هو الدفاع عن الوطن، ولكن عندما يصبح علماء الدين هم الذين يغذون النعرات الطائفية فلا شك أن فتاويهم تصبح أخطر من القنابل الأمريكية الإسرائيلية التي تسقط فوق رؤوس الأطفال في لبنان وفلسطين.
عندما نتذكر أن الأزهر الشريف قد أفتى للجزائريين في زمن الاحتلال بعدم الثورة على الفرنسيين، لأنهم من أهل الكتاب، فبعد ذلك لا نستغرب أن يصف هذا الأزهر الفلسطينيين بالانتحاريين واللبنانيين بالمغامرين!!