فتيات يفضحن المتحرشين على المباشر في مواقع التواصل الاجتماعي

التحرش، الظاهرة الأزلية، التي أجمع الشرع والدين والمجتمع على تجريمها، لأنها بالإضافة إلى كونها غير أخلاقية، إلا أنها تعكس حالة من اللاوعي لدى ممارسيها، خاصة في الأماكن العامة، لنقل إنها للبعض سلوك مرضي، يحتاج مساعدة نفسية، فضلا عن تسليط عقوبات رادعة، كي لا تتفشى في أوساط الناس هاشتاغ كسر جدار الصمت والمسكوت عنه، وسط مؤيد للفضيحة ومعارض للأسلوب.
جدل واسع في الجزائر، أحدثه هاشتاغ بعنوان: “صوريه واشكي”، دعت خلاله مجموعة من السيدات إلى تصوير المتحرشين في الأماكن العامة، ونشر صورهم وفيديوهاتهم على مواقع التواصل.. الحملة التي انتشرت بسرعة، هدفت إلى كسر الصمت وفضح من ينتهكون خصوصية النساء في الشارع.. هذه الفيديوهات، حظيت بتفاعل واسع، وأثارت نقاشاً محتدما بين مؤيد ومعارض. قبل النقاش والتحليل، ارتأينا أن نسأل المؤيد ونسبر أغوار المعارض لهذا الهاشتاغ، الذي يشبه هاشتاغات عالمية تدعو إلى عدم السكوت عن مثل هذه السلوكيات غير الأخلاقية، مشددين على أن أقصى عقوبة ليست السجن، بل الفضيحة أمام الملإ.. فهل هذا التصرف صحيح. ملاك، مع فضح المتحرشين على مواقع التواصل الاجتماعي: إنه لمن المقرف، أن تشاهد منظر متحرش يقوم بحركاته الإيحائية، بمجرد أن يجد نفسه أمام فتاة في حافلة أو في قطار، أو حتى في مكان عام”. نسرين تقول إن هناك قانونا يحمي الضحية، وإنها مع فضح المتحرش، لكن بالوسائل القانونية المتاحة، كأن تقدم الفتاة أو السيدة الفيديو كدليل على تعرضها للتحرش. منال، بدورها، تؤيد الهاشتاغ وبقوة، وأنها مع فضح المتحرشين، ولكن تتحفظ على جزئية مهمة: “أحيانا، ننسى أن وراء فضح المتحرش عواقب وخيمة على عائلته وزوجته أو أولاده أو أمه وإخوته، إن لم يكن متزوجا”. سامية، وهي موظفة في شركة خاصة، مع وسم “افضح المتحرش لكن دون نشر الفيديو في مواقع التواصل الاجتماعي”.. “نحن في مجتمع، منه فئة لا يمكن أن نحصيها، تعاني من الكبت لأسباب نفسية اجتماعية. لذا، فالتعامل السليم مع هذه الظاهرة، هو التبليغ وكسر جدار الصمت، كي لا يفلت الفاعل بفعلته. لكن، ليس دورنا كنساء أن نلعب دور القاضي والجلاد. هناك قانون يحمي المرأة من التحرش، ويعاقبه بأقصى العقوبات، إذا ثبت بالدليل حدوثه”. لكن، ما رأي الرجل في ما يحدث، وهل هاشتاغ “صوريه وانشري” هو الحل الأنسب للحد من هذه الظاهرة، وسيم لا يشارك مؤيدي هذه الحملة، ويقول “إن الجزائري فحل ووليد فاميليا، وما يفعله البعض لا يمت بصلة لا للدين ولا للأخلاق ولا لعاداتنا وتقاليدنا”، “يجب أن يعاقب المتحرش على جريمته، لكن، ليس لأي كان الحق في تصويره دون إرادته، وبدل ذلك، عليها أن تبلغ عنه، وليس صحيحا أن الرجل يتستر بحكم ذكوريته على جريمة مثل هذه، فكلنا لدينا أمهات وأخوات وبنات، نخاف عليهن وهمنا حمايتهن”. أما وليد، فله رأي آخر، ويرى أن الفتيات لا يفضحن الشباب المتحرش من الطبقة الثرية، ويمشين بمبدإ الكيل بمكيالين، وأن الزوالي هو دائما من يدفع الثمن، وهو يستثني المتحرش المريض نفسيا من كلامه، بحسب ما قال لنا. وسم فضح المتحرش وكشف صورته، أخذ أبعادا كبيرة، وصار تراندا في أقل من بضع ساعات، وفي ظرف صغير انهالت على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات المتحرشين بوجوه مكشوفة وهويات مفضوحة، حتى إن هناك من انصدم بوجود أقارب له في الفيديوهات، كما تفاجأت فتاة في العشرين بوجود فيديو لوالدها، وهو يتحرش في الحافلة بفتاة من سن ابنته.. واختلط الحابل بالنابل. فالكثير من الشباب وجدوا أنفسهم في فيديوهات يشتبه في أنهم كانوا يتحرشون، وهم في الواقع يمارسون هواية الشباب المفضلة، التغزل في الطريق العام، بينما سارع البعض إلى فضح سلوكيات بعض البنات غير الأخلاقية، ردا أشبه بالانتقام منه لكشف ظاهرة. فهل هاشتاغ سيغير من السلوكيات؟ وهل وسم سيغير من العقليات؟ وهل حملة في مواقع التواصل الاجتماعي ستحدث انقلابا في الأخلاق؟ وهل الرجل هو المدان دائما؟ وهل من حق المرأة أخذ حقها بيدها غير مكترثة بالقوانين والأعراف والتقاليد؟ أسئلة كثيرة تدور في الأذهان، وتفتح النقاش على مصراعيه لإيجاد حلول لظواهر تشوه صورة الرجل، ولا تعكس تمسك الجزائري بالحرمة والأخلاق والرجلة، وغيرها من الصفات السائدة فيه