فرانسوا هولاند في ضيافة مسجد باريس… أي دلالات؟

حط الرئيس الفرنسي السابق وعضو الجمعية الوطنية حاليا (الغرفة السفلى للبرلمان)، فرانسوا هولاند، الرحال في مسجد باريس، وقد استقبل من قبل عميد المسجد، شمس الدين حفيز، الإثنين التاسع ديسمبر 2024، ومن هناك أدلى بتصريحات تنطوي على رسائل سياسية تلقي بظلالها على العلاقات الجزائرية الفرنسية.
وجاء في تغريدة لحساب مسجد باريس الكبير على منصة “تويت” سابقا: “الرئيس فراسوا هولاند، في المسجد الكبير في باريس.. عندما تكون هناك حاجة إلى الهدوء والسكينة، وحيث يكون الحوار ضروريا، من المهم جدا أن يواصل المسجد الكبير في باريس لعب هذا الدور في التدريب والتعليم، وكذلك الحوار مع السلطات العمومية”.
وحملت التغريدة مقتطفا من تصريح (فيديو) أدلى به الرئيس الفرنسي السابق، ومما جاء فيه: “سعدت بزيارة مسجد باريس الكبير وبلقاء عميده (شمس الدين حفيز). تطرقنا إلى مناقشه بعض المسائل سوية، ولاسيما ما تعلق بممارسة تعاليم الدين الإسلامي في الجمهورية (الفرنسية)”.
وأضاف: “المسجد يعمل بشكل يومي. هناك الكثير من المسلمين الذين يأتون إلى المساجد، الذين يجب أن يجدوا إطارا يسمح لهم بممارسة واجباتهم الدينية في حالة من الهدوء والسكينة. يجب على مسجد باريس أن يواصل دوره في مجال التكوين والتربية، ولكن أيضا في مجال الحوار مع السلطات العمومية”.
أما الهدف من زيارتي لعميد هذا المسجد، يقول فرانسوا هولاند، فهو نابع من أهمية هذا الصرح، وهذا التقليد كان معتادا على القيام به عندما كان رئيسا للجمهورية الفرنسية من سنة 2012 إلى 2017.
وخلال السنوات القليلة الأخيرة، تعاظم الدور الذي كان يلعبه مسجد باريس الكبير، بحيث لم يعد نشاطه حكرا على النشاط الديني باعتباره مكانا لممارسة الشعائر الإسلامية.
كما اعتاد شمس الدين حفيز على زيارة الجزائر وكان يحظى خلالها بالاستقبال من قبل الرئيس عبد المجيد تبون، وكان آخر لقاء من هذا القبيل قبل نحو شهر من الآن. بالمقابل، كان لعميد مسجد باريس نشاطات لافتة في باريس، بحيث كان يستقبل سياسيين ومنتخبين فرنسيين في البرلمان وفي المجالس الإقليمية، وكان غالبية هؤلاء من المنتمين للتيارات اليسارية، التي لا تكن عداوة للجزائر ولشعبها.
ومعلوم أن منصب سفير الجزائر في باريس في حالة شغور منذ الصائفة المنصرمة، بعد قرار السلطات الجزائرية سحبه فوريا، في أعقاب قرار الرئيس الفرنسي الحالي، الانخراط في دعم مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به النظام المغربي في الصحراء الغربية، وهو القرار الذي أدى إلى توتير العلاقات الثنائية، وخفض، التمثيل الدبلوماسي الجزائري في باريس إلى مستواه الأدنى (القائم بالأعمال)، وهي الفترة التي نشط فيها دور عميد مسجد الجزائر بباريس بشكل لافت.
وخلال السنوات الخمس التي قضاها الرئيس الفرنسي السابق، فرانسوا هولاند في قصر الإيليزي (2012 / 2017)، لم تشهد العلاقات الجزائرية الفرنسية أزمات كتلك التي عاشتها في عهد الرئيس الفرنسي الحالي، إيمانويل ماكرون، وهو ما يؤشر على أن هذا الأخير يتحمل القسط الأكبر من المسؤولية التي تعيشها العلاقات الثنائية، بسبب انزلاقاته المتكررة.
وبات الدور الذي يلعبه مسجد باريس مثيرا للجدل في فرنسا، ولاسيما بالنسبة لتيارات اليمين واليمين المتطرف في المستعمرة السابقة، فقبل الانتخابات التشريعية الأخيرة في فرنسا، أصدر المسجد بيانات تدعو الجاليات المسلمة والجزائرية على وجه التحديد، على عدم التصويت على الأطراف التي تغذي معاداة الإسلام والجاليات المهاجرة، في إشارة إلى قطع الطريق على اليمين المتطرف، وهو ما كان وراء مطالب من رموز هذا التيار للسلطات الفرنسية من أجل الضغط على عمادة المسجد للتوقف عن الخوض في السياسة بزعم أن فرنسا دولة لائكية.