-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

فرنسا لن تصنع لنا الرئيس القادم

حسين لقرع
  • 2126
  • 9
فرنسا لن تصنع لنا الرئيس القادم
ح.م

مع اقتراب موعد رئاسيات 12 ديسمبر 2019، تسارِعُ فرنسا الخطى لإنقاذ أيتامها في الجزائر من خطر فقدان تأثيرهم التقليدي في الحكم والعودة إلى حجمهم الطبيعي، ما يعني بالنتيجة فقدان نفوذها في الجزائر.

في البداية كان خروج بوتفليقة من الحكم صدمة مدوّية لفرنسا، وهو الذي طالما خدمها وحرص على ديمومة مصالحها ونشر لغتها في الجزائر أكثر من أيّ رئيس آخر، وقد سكتت له عن العهدتين الرابعة والخامسة برغم مرضه الذي أقعده، لأن حاشيته المفرنسة واصلت خدمة فرنسا ونفوذها في البلاد، ونتذكر فقط ما قدّمته بن غبريط على رأس وزارة التربية من خدمات جليلة للّغة الفرنسية على حساب الإنجليزية والعربية معاً، لذلك كانت استقالة بوتفليقة خسارة مدوّية لفرنسا، لاسيما وانها جاءت بعد أن خرج ضباطُ فرنسا كلهم من الحكم، وهم الذين كانوا يشكّلون رأس الحربة في “دفعة لاكوست” التي خدمت الفرنسية بتفانٍ وحققت لها في الجزائر المستقلة في نصف قرنٍ فقط أكثر ممّا حقّقته فرنسا الاستعمارية نفسها طيلة قرن وثلث قرن من الاحتلال.

وإزاء بداية الاتجاه إلى اعتماد الانجليزية تدريجيا لغة أجنبية أولى في جميع مراحل التعليم، شعرت فرنسا أن انتهاء هيمنتها الثقافية على الجزائر باتت مسألة سنوات قليلة، لاسيّما إذا نجحت الانتخابات الرئاسية وظهر رئيسٌ جديد من خارج دائرة الأقلية الفرنكفونية.

لذلك كله، بدأت فرنسا تفقد صبرها و”حيادها” الذي طالما تظاهرت به طيلة 7 أشهر من الحَراك، وبدأ بعض نوابها يدلون بتصريحات ينتقدون فيها الأوضاع في الجزائر ويطالبون السلطة بإلغاء رئاسيات 12 ديسمبر والذهاب إلى مرحلة انتقالية ومجلس تأسيسي، وهو الطرح نفسه الذي تقدّمه أحزاب “البديل الديمقراطي” ذات التوجّه العلماني الفرانكفوني، المعروفة لدى الخاصّ والعامّ، وقد رأينا كيف استقبل حزبان ينتميان إلى هذا التيار “نائبة” فرنسية ببجاية للمشاركة في مظاهرات الطلبة الثلاثاء الماضي وإطلاق تصريحاتٍ تؤيّد فيها طرحَ الأقلية الفرانكو علمانية بالبلاد المتعلق بضرورة إلغاء الانتخابات، علما أن مختلف الصحف الفرنسية ترفع الطلب نفسه منذ أشهر وتهاجم القيادة الجديدة للبلاد، لأنها تقف حائلا دون تمكّن الأقلية الفرانكفونية من الحكم بلا انتخابات والحفاظ على هيمنة فرنسا على الجزائر.

فرنسا تركب موجة الحَراك الشعبي بالجزائر للحفاظ على مصالحها المهدَّدة، هذا أمرٌ منتظر ومفهوم، فليس هناك دولة كبرى في العالم تقبل بسهولة أن تفقد نفوذها ومناطق هيمنتها في العالم، وهي تسعى بشتى الوسائل للحفاظ عليها، اللوم لا يقع عليها، بل على أيتامها الفرانكوش الذين شعروا أنّ الملايين من الجزائريين لم يعودوا يشاطرونهم رأيهم في كيفية حلّ الأزمة وربما باتوا يفضّلون حلّها بالانتخابات مباشرة، فلم يجدوا بدّا من الاستنجاد بفرنسا و”استضافة” بعض “نائباتها” في الجزائر للمشاركة في الحَراك وتحريض الأوروبيين على الجزائر.. أليست هذه إساءةً بليغة للحَراك واستقواءً مرذولا بالخارج؟

إذا كان هناك طرفٌ يقرّر بشأن الانتخابات القادمة فهو الشعبُ الجزائري وحده، هو سيّدُ نفسه وله أن يقرّر بشأنها ما يشاء.. هو صاحبُ القرار الأول والأخير، وهو الذي يعرف كيف يتعامل مع نظام حكمه إلى أن يحدث التغيير الذي ينشده منذ 22 فبراير، سواء حدث اليوم أو بعد سنة أو سنوات.. المهمّ أن الشعب هو الذي يقرّر وليس فرنسا أو غيرها من الدول، وكل من يعتقد أنّ فرنسا ستُسعفه وتوصله إلى الحكم بلا انتخابات كما يتمنى حتى يعيد النظر في أسس الدولة الجزائرية وقوانينها وهويتها، فهو واهمٌ، ولن يجني سوى الريح، لقد انتهى عهدُ تدخّل فرنسا في صناعة الرؤساء بالجزائر منذ أن ذهب ضباطُها إلى مزبلة التاريخ غير مأسوفٍ عليهم، والجزائر لن تعود أبدا إلى ما قبل 22 فبراير.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
9
  • خالي

    هذا الخطاب الشعباوي الديماغوجي الخبيث الذي يظهر العداء لفرنسا لإستغباء البسطاء هو خيانة عضمى يمارسها نظام موالي مطلقا لفرنسا له عندها ممتلكات و حسابات الملايير من الدولارات من مال الشعب و أهله و قلبه عندها و يعالج و يموت في مستشفياتها ,,,,هذا النظام لم يعطي كل خيرات الجزائر لفرنسا فقط و لكن فتح أبواب تدمير البلد نهائيا بالسماح لها بالتنقيب عن الغاز الصخري من خلال إمضاء قنون المحروقات قبل أيام,,,,,

  • elarabi ahmed

    فرنسا صنعت دولا وشعوب ونحن نستهلك فقط ونحرف أيضا

  • محمد☪Mohamed

    لما فرنسا تصنع لنا الرئيساء لماذا العلاقة معقدة ومكهربة , لماذا لا نشتري أسلحة على فرنسا 100% روسي , لماذا تملك أمريكة صحراء الجزائية , وحثى توتال 30% من شركة فرنسة تابع لأمريكة ,
    لماذا الصين أول شريك إقتصاذي يبع لنا حثى مصارين الحلوف , ثم كذلك إسبانيا إيطالا ثرك .
    إذن أنت مخطء وإلا يوجد كلام أخر لك.

  • الخلاط الجلاط

    خدها عني
    عندما يبعد صوت الشعب أويدلس عليه فالرئيس مصنوع لامحالة فان لم تكن فرنسا فأمريكا أوغيرها

  • صلاح الدين العيد

    احسنت.

  • محمد

    لو كلام العاطفة يحل المشاكل الأساسية للبلد لانتهينا من فرنسا منذ استقلالنا لكن هيهات ما زال الفكر الاستعماري المعتمد على الجهل والطغيان يهيمن على الجزائريين.انظر إلى واجهات المحلات الاقتصادية والاجتماعية وإلى الشعارات المرفوعة كتابة وجهرا كيف أقصت من فوهاتها اللغة العربية وفضلت عليها كلمات غريبة لا يتحكم في صرفها من يؤطرون هذا الحراك.فرنسا لا تحتاج أصلا إلى ساسة الحكم وإنما عناصر الدولة العميقة يكتمون الاستنجاد بها.حتى من يرغب بعضنا الاستنجاد بهم لتغيير النظام لا يحلو لهم المقام إلا في باريس (بوجرة سلطاني وطالب أحمد الإبراهيمي وغيرهم كثير).وطنيتنا ظاهرية ومصالحنا الشخصية خبيثة.ما زلنا مستعبدين

  • سفيان

    ???

  • جزائري حر

    أنعم أنعم سيدي واين دهبوا كلابها الدين يحبون فرنسا أكثر من الفرنسيين

  • منور

    نعم فرنسا لن تصنع لكم الرئيس القادم ولكن صنعت لكم من يصنع الرئيس ؟فرنسا حضارة ثقافة تاريخ وهدا الثلاثي بيدها لوحدها يا أستاد ؟أنا لا أشك في أنك أفضل بألف مرة من كريم يونس ولكن التكليف بالمهام تختلف قد يكلف بمهمة ما حتى مصلح الأحدية مثل مصالي الحاج الدي أـصبحوه زعيم أمة يكلمها ويسكتها ؟