-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

فلنزرع الورد

صالح عوض
  • 2013
  • 0
فلنزرع الورد

عندما أصر أجدادنا على زراعة الورد في مدن الأندلس وخاصة قرطبة وفي بلاد الشام وخاصة دمشق وجعلوا للورد مواسم للاحتفال بها، بل ومدينة تسمى باسمها في الشام مدينة الورد وفي الجزائر الوريدة “البليدة” انما كانوا في ذلك يحاولون إخراجنا من اليومي والتفاصيل المرهقة التي تجفف الروح وتقتل الفرحة..

من سنن الله الظاهرة والباطنة أن التناسق والنظام يضبط حركة الكون وتفصيلاته وأن هذا التناسق هو سر الجمال في الإنسان والكون والطبيعة.. فمن نظرة إلى أدق الأجزاء وترتيبها في جسم الإنسان إلى نظرة إلى الشجرة وكيف تتوزع اجزاؤها إلى البحر والنهر وعلاقتهما والغيم والمطر والسحب والجبال والإبل كيف خلقت.. ان تناسقا بديعا يجعلك تكرر سبحان الله ما شاء الله.

هذه الفسحة ضرورية للنفس والروح ما جعلت في الإنسان والكون إلا لكي تمد الإنسان بطاقات متجددة متنوعة ترقق مشاعره وتقوي عزيمته وتهذب سلوكه فتؤهله للقيام برسالته التي أوكله الله سبحانه وتعالى ولكي يكون حقا خليفة لله على الأرض.

ومن هذا الباب نكتشف كم نحن محرومين بانزوائنا عن تدبر الإنسان والحياة والكون من حولنا؟ كم نحن محرومين بفقداننا التمتع بما جعله الله لنا متعة وفسحة وفرجا؟ وعندما تقذفنا الحياة إلى مجالات من الانشغال المعزول بالراهن المحدود في جوانب معينة من السياسة والإعلام والتحصيل المادي نشعر بجفاف ينابيع الحياة فينا وبغربة ووحدة تقتل فينا البسمة والبهجة فنستسلم لأحابيل الشيطان والتيه والعجز.

فلو اكتفى أحدنا ليومه بتأمل شيء من الأشياء المبثوثة في الكون حولنا لاكتشف كم هو في نعمة لا تحصى دلالاتها ولا يحاط بخيراتها.. فكيف ان أوتي بقدرة تدبر علمي وفلسفي ومنطقي انه حينذاك سيكون سابحا في ملكوت العشق الإلهي والنور الرباني ومن هنا ذكر الله المتأملين والمتدبرين والمتفكرين والمتعقلين بأنهم هم الطبقة العليا في الإنسانية وجعلهم هم فقط من يرتقي إلى درجة الاقتراب من ربهم والابتعاد عن المضار والمفاسد لما أيقنوه من قدرة خارقة وأسرار بالغة تحكم صيرورة الحياة..

فليزرع كل منا وردة في بيته ويتأملها فلعله يهتدي لما هو فيه فرحه وفرجه.. وليجعلها متواصلة مع الشمس والماء بدقة وقدر وليتأمل بتلاتها وهي تتفتح للحياة فرحة فإنه بلا شك سيفتح لروحه أبوابا هي في حاجة إليها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!