-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
تواصل اختراق النسيج العمراني وتهديد التجهيزات العمومية

فوضى الترقيات العقارية تتحدّى أجهزة الرقابة

بلقاسم حوام
  • 2040
  • 0
فوضى الترقيات العقارية تتحدّى أجهزة الرقابة
ح.م

تواصل فوضى الترقيات العقارية تشويه واختراق النسيج العمراني للمدن والتجمعات السكانية، رغم توجيه وزير الداخلية مؤخرا تعليمات صارمة للولاة لتكثيف الرقابة على ورشات البناء، لضمان الحفاظ على الهوية المعمارية والتصدي لأي تجاوزات أو مخالفات قد تمس الطابع العمراني أو تضر المصلحة العامة.
وتتصاعد شكاوى المواطنين من الانتشار العشوائي للترقيات العقارية، في قلب المدن والأحياء العتيقة، التي باتت محل إزعاج وتشويه للبنية التحتية وتعويض المساحات الخضراء بالجدران الإسمنتية التي حجبت الهواء والشمس وكسر حرمة الكثير من المنازل.
ورغم التعليمات المتكررة للحكومة بضرورة التصدي لهذه الفوضى وتجاوز القانون، غير أن هذه الترقيات تواصل الانتشار بشكل متزايد، ويتم تشييد بنايات جديدة شاهقة تكسر هدوء الأحياء السكنية وتحولها إلى ورشات مفتوحة ومصدر إزعاج، وهو ما وقفت عليه الشروق مجددا في العديد من الأحياء السكنية بولايات الجزائر والبليدة وتيبازة، أين لجأ العديد من أصحاب المال إلى شراء سكنات عتيقة من الحقبة الاستعمارية وحولوها إلى ترقيات على شكل عمارات شاهقة متحايلين بذلك على القانون رغم التعليمات الصارمة التي وجهها وزير الداخلية والجماعات المحلية وتهيئة العمران، إبراهيم مراد، إلى الولاة لمعالجة طلبات رخص البناء وضبط دفاتر شروط بناء التجزئات العقارية بما يتناسب مع المتطلبات الحالية، مع ضمان الحفاظ على الانسجام العمراني وحماية حقوق المواطنين، كما شدد على أهمية إشراك الموثقين في عمليات الرقابة، من خلال إدراج بند إلزامي في سندات الملكية يفرض الالتزام بالمواصفات العمرانية المعتمدة.
وبناء على ذلك، فإن منح رخص البناء يخضع لمخططات التعمير والقواعد العامة للتعمير، والتي تشترط الالتزام بالمواصفات العمرانية، مثل ارتفاع البنايات، معامل شغل الأرض، معامل مساحة البناء، الحفاظ على الهوية العمرانية للمنطقة، ورغم الأهمية البالغة التي توليها وزارة الداخلية للقضاء على الترقيات العقارية العشوائية غير أن الكثير من أصحاب المال ضربوا هذه التعليمات عرض الحائط وباتوا يشيدون مبان على شكل عمارات شاهقة برخص بناء متحصل عليها من طرف البلديات على أنها سكنات فردية وبعدها يتم تجاوز الأمر لتتحوّل إلى سكنات جماعية راقية تفرض على أرض الواقع، ليتم بعدها التحايل في الحصول على شهادة المطابقة وهذا ما شدّدت تعليمة الداخلية على مواجهته عن طريق تشديد الرقابة عبر مختلف أطوار البناء والتدخل السريع في حال وجود تجاوزات، لتفادي استمرار الفوضى وفرض سياسة الأمر الوقع وانتهاك حركة الكثير من المدن والأحياء.

إشراك الموثقين في الحد من فوضى العمران
ومنعا لهذه التجاوزات، أشركت وزارة الداخلية في تعليمتها الأخيرة للولاة الموثقين في عمليات المراقبة من خلال إدراج بند إلزامي في سندات الملكية يفرض احترام المواصفات العمرانية، وفقا للتعليمة رقم 22 الصادرة بتاريخ 16 جانفي 2022 عن المجلس الأعلى للتوثيق والغرفة الوطنية للموثقين، بالإضافة إلى تطوير منصة رقمية لرقمنة عقود التعمير عبر الشباك الوحيد للبلديات والولايات بهدف تسهيل دراسة الطلبات والالتزام بالآجال القانونية. كما يتم العمل على إصلاح المنظومة القانونية المتعلقة بالتعمير والترقيات العقارية، بما يضمن تخطيطا عمرانيا متناسقا ومستداما.

الحل في تشديد الرقابة على شهادات المطابقة
ولفهم الموضوع أكثر، تحدثت “الشروق” مع موثقين في القطاع، خاصة بعد إشراكهم في مواجهة فوضى الترقيات العقارية، أين أكدت مصادرنا أن عملية البيع الخاصة بالترقيات العقارية تقوم على نوعين، الأول بيع سكنات جاهزة بعد إتمام المشروع، “والنوع الثاني وهو الغالب يتعلق بالبيع على التصاميم، أين يعتمد المرقي العقاري على أموال الزبائن التي يتم دفعها عبر مراحل لإتمام المشروع، وهنا يدخل دور الموثقين في تعزيز الرقابة عن طريق إبرام بند في عقود البيع على التصاميم يلزم المرقي باحترام معايير التعمير والمحافظة على النسيج العمراني واحترام بنود رخصة البناء”.
وتضيف مصادرنا، أن المرقي العقاري قد يلجأ إلى تجاوزات في عدم احترام بنود رخصة البناء وهو ما يصعب عليها بعدها الحصول على شهادة المطابقة التي من المفروض أنها لا تسلم للمرقين العقاريين الذين يرتكبون تجاوزات عمرانية، غير أن بعض المرقين يتحايلون في الحصول على هذه الشهادة التي تمكنهم في الأخير على الحصول على العقود النهائية للسكنات لأنها من الناحية الإدارية احترمت جميع الشروط وهو ما يخالف الواقع، وهذا ما جعل وزارة الداخلية تشدد في تعليمتها للولاة على تعزيز الرقابة في الحصول على رخص البناء وشهادات المطابقة والمراقبة الدورية والمستمرة لورشات البناء والتدخل الفوري عند ارتكاب أي تجاوز لتفادي الاستمرار في تشييد ترقيات فوضوية”..

تعليمات رئاسية لكبح الظاهرة
وفي هذا السياق، وجّهت الوزارة الأولى بتاريخ 09 أوت 2021، مراسلة لوزارة السكن والعمران تخطرها بالمنحى التصاعدي لظاهرة انتشار البنايات السكنية الجماعية الجديدة التي شيدت في إطار الترقية العقارية، ضمن مناطق عمرانية، وفوق أراض كانت تأوي سكنات فردية، مما أدى إلى تحول أحياء سكنية راقية إلى أحياء ذات كثافة سكانية عالية.
هذه الظاهرة، حسب الوزارة الأولى، إن استمرت، ستؤدي لا محالة إلى تشبّع البنى التحتية والتجهيزات العمومية وتراجع نوعية الخدمات المقدمة، فضلاً عن أثرها على تطابق وانسجام المخطط المعماري الذي يفسد جمالية المدن، فإن هذا التوسع يشجع بروز مناطق ظلّ، حسب تركيبة، تجعل من إعادة الإعمار أمرا يكاد يكون مستحيلاً، وذّكرت المراسلة بتعليمات رئيس الجمهورية بضرورة الإسراع في التحكم بهذه الظاهرة، مع السهر على عدم عرقلة نشاط الترقية العقارية بل وتشجيعه في إطار منظم.

تشديد في منح رخص البناء
وتبعا لمراسلة الوزارة الأولى، أبرقت وزارة السكن والعمران تعليمة بتاريخ 07 نوفمبر 2021 لمدراء السكن والتعمير على مستوى الولايات لكبح ظاهرة انتشار الترقيات العقارية في المناطق الحضرية، وشدّدت الوزارة على مدراء السكن والتعمير إلى الامتثال بشكل للقانون عند تحضير جميع طلبات رخص البناء لمشاريع الترقيات العقارية أو البنايات الجماعية، لاسيما تلك الواقعة بالقطاعات المعمرة وعلى وجه الخصوص عندما يتعلق الأمر بالتجزئات.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!