-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
عانوا من مركبات عمرها 40 سنة كثيرة الأعطاب

“فيات بانوراما” تنهي معاناة مستعملي سيارت الأجرة

نادية سليماني
  • 1949
  • 0
“فيات بانوراما” تنهي معاناة مستعملي سيارت الأجرة
الشروق

ذرفوا دُموع الفرح.. وتعالت التصفيقات والتبريكات بينهم، إنهم سائقو سيارت الأجرة والذين أبدوا فرحة غير مسبوقة وهم يتسلمون مفاتيح أول دفعة من سيارات “فيات بانوراما” الموجهة لفئتهم، ضمن سلسلة دفعات شهرية بمعدل 50 سيارة كل شهر لسائقي الأجرة يسددون ثمنها كاملا أو بالتقسيط الحلال، وهو ما يساهم في تجديد وعصرنة حظيرة سيارات الأجرة بالجزائر، والتي بلغ عُمر بعضها 40 عقدا!
لطالما تسبّب “اهتراء” الحظيرة الوطنية لسيارات الأجرة، في مشاكل عديدة للسائق والمسافر على حد السواء، وصلت درجة تسجيل شجارات عنيفة أثناء التنقل الحضري أو عبر الولايات.. فمن مشكل تعطل المكيف، إلى التزاحم داخل سيارة ضيقة، ضف إليها تسجيل حالات مرضية بسبب الدخان المحترق لسيارة قديمة.. ولا ننسى حالة الأمتعة الموضوعة فوق السيارة معرضة لمختلف عوامل الطبيعة من أتربة وشمس حارقة..
هذه وغيرها كثير من المشاكل التي كان يسردها مواطنون وهم يشتكون لـ”الشروق” مما كانوا يصفونه “سُلوكيات استفزازية” لسائقي سيارات الأجرة تنغص عليهم رحلات تنقلهم، ليبرر الطرف الثاني قائلا “وفروا لي سيارة جديدة، أضمن لكم الرّفاهية في السفر”.
وحقيقة تُعتبر سيارات الأجرة ذات أهمية قصوى للبلاد والمجتمع على حدّ سواء، فهي أول وسيلة يركبها السائح والأجنبي الزائر للبلد، وبالتالي هي واجهة لتطور المجتمعات، فلا يُعقل أن يتنقل أو يتجول سائح عبر سيارة أجرة عمرها أكثر من 40 سنة كاملة.
ولطالما رفع سائقو سيارات الأجرة مشكل اهتراء مركباتهم، والتي باتت تنهكهم ماديا ونفسيا، لدرجة قال أحد السائقين لـ”الشروق” بأنه بات هو من يختار الوجهة وليس الزبون، لأنه يتنقل حسب وضعية سيارته.
ومع كل هذه الأسباب، شكّل حدث تسلم مفاتيح أول دفعة من سيارات “فيات بانوراما” الموجهة لسائقي الأجرة، “يوما مشهودا” اختلطت فيه مشاعر المستفيدين بين الفرح والحماسة. وعاشت “الشروق” هذه الفرحة رفقة ثلاثة من المستفيدين ينحدرون من الجزائر العاصمة.

كنا ننقل سُياحا أجانب من المطار بمُركباتنا القديمة
“الهادي بوخلوف” والد لـ3 أطفال وهو ابن لسائق أجرة أيضا كان نصحه بالابتعاد عن هذا النشاط لكثرة مشاكله.. فرحة مُحدثنا لا توصف عند تسلمه مفاتيح سيارة “فيات بانوراما” والتي كانت مركونة في حظيرة السيارات لفندق “الماركير” بباب الزّوار، وتمنى لو شاركه والده “الطّاكسيور” المتوفى فرحة رُكوبها لأول مرة، ليخبره بأنه لم يندم لاختياره مهنة سائق أجرة بعد ما ترك وظيفته في مؤسسة عمومية.
وأخبرنا محدثنا بأن السيارة هي استثمار لسائق الأجرة وهي “رأس ماله”، وهو ما جعله لا يتوانى في جمع مبلغ هذه السيارة “كاشْ” مهما كلّفه الأمر.
وعبد الهادي يعمل على مستوى خط المحطة الدولية لمطار هواري بومدين بالجزائر العاصمة، وكان يشتغل على سيارة 407 منذ عام 2005، وعنها يقول “أسعار قطع غيار السيارات القديمة مرتفعة وتعطلاتها كثيرة، لدرجة تجعلنا نتخوف مع كل انطلاقة صباحيّة نحو العمل”.
ويرى مُحدّثنا بأن عمله بالمطار هو ما يحتم عليه اقتناء مركبة جديدة، موضحا “المطار هو واجهة أي بلد، وسائق الأجرة الذي يعمل على مُستواه هو سفير لبلاده، ولابد أن يُعطي صورة مشرفة عن الجزائر، ويقدم خدمة في المستوى والتي لن تكون إلّا عبر سيّارة جديدة ومُريحة للزبون”.

نهاية معاناة المسافرين مع غياب المكيف
ومن جهته، قال جمال خديجي، وهو متزوج وأب لـ3 بنات، وكان يشتغل عبر سيارة “رونو سينيك” بمحطة خروبة البرية “سوقرال”، بأنه عاش “المعاناة” مع سيارته القديمة وخصوصا مع زبائنه، الذين كانوا يتذمّرون من غياب المكيف صيفا، وعندما ينقل عائلات في جو حارّ مع أطفالهم، والذين لا يجدون حتى مكان لوضع أمتعتهم إذا كانت كثيرة، “أما الآن مع سيارة فيات الدوبلو الواسعة فخدمتنا للزبائن ستتحسن، ولن نواجه تذمراتهم وغضبهم المُتكرر” على حدّ قوله.
وأضاف خديجي “كان السّائق هو من يختار وجهة الزبون حسب حالة سيارته، أما الآن فسنعمل ليلا ونهارا لإرضاء الزبون ونقله إلى الوجهة التي يريدها”.

مُركّبة جديدة.. هي شريان حياة لسائق الأجرة
أما فضيل جلول من بلدية باش جراح والذي حضر رفقة ابنه وحفيدته “نورسين” لتسلم مفاتيح سيارته، فكانت فرحته وعائلته “لا توصف”.. رأيناهم يلتقطون صورا مع المركبة الجديدة ويصعدون إليها وينزلون كل مرة، بل طلبوا منا أن نلتقط لهم صورا عائلية مع “فيات بانوراما”، وزادت “نورسين” التي كانت مرتدية “كاراكو” تقليدي جميل، من جمال المركبة الجديدة.
وقال جلول لـ”الشروق” وهو والد لـ6 أطفال ويشتغل على الخط الدولي مطار هواري بومدين عبر سيارته “هيونداي” الحاملة لسنة 2006، والتي وصفها “بكثيرة التعطلات”، والتي لم تكن توفر له ظروف عمل مريحة، ولا تؤمّن راحة كاملة لزبائنه، أما الآن “فقد انبعث النشاط في جسده من جديد، لأن مركبة جديدة بالنسبة لسائق الأجرة هي بمثابة شريان حياة.. فالموظف له مكتبه والتاجر له محله، أما سائق الأجرة فله سيّارته”.

سيارات عمرها 40 سنة كثيرة الأعطاب
ومن جهته، وصف الأمين العام لمحطة خروبة، رضا كرارية، في تصريح لـ”الشروق”، بأن تحديث حظيرة سيارات الأجرة، يعود بالنفع على الوطن والمواطن، خاصة وأن المركبات حيز الخدمة حاليا أصبحت قديمة وبعضها مهترئ، ومنها من لا تزال حيز الخدمة منذ 40 سنة كاملة.. وهذا لا يتوافق مع العصرنة الحاصلة في جميع المجالات بالجزائر”…
وتحدث عن معاناة سائق الأجرة الذي يشتغل عبر سيارة قديمة وكثيرة الأعطاب، ما يضطره لإنفاق مصاريف إضافية، من دون الحديث عن سعر العجلة الذي وصل 12 ألف دج، وارتفاع لتر الزيت من 130 دج إلى 500 دج.. وغيرها.

الآن الزبون هو من يختار الوِجهة وليس السائق..!
وبتسلّم السائقين سيارات جديدة، يضيف كرارية: من الآن فصاعدا سيتنقل سائق الأجرة مع زبائنه مُرتاحا، غير متخوف من حصول عطل أو توقف فجائي في الطريق.. كثير من سيارات الأجرة يخرج بها صاحبها سليمة صباحا ليعيدها في “الديباناج”.
وتمنى أمين عام محطة خروبة لسيارات الأجرة، أن يتم تهيئة الطرقات التي تعرف اهتراء وخاصة بالجهة الشرقية للوطن، لتتماشى مع عملية تجديد حظيرة السيارات، وبهذا نضمن عمرا طويلا للمُركبة.

قروض حلال لزيادة نسبة المستفيدين
وفي الموضوع، أكد الأمين العام للنقابة الوطنية للناقلين بسيارات الأجرة، المنضوية تحت لواء الإتحاد العام للعمال الجزائريين، آيت الحسين سيد علي لـ”الشروق”، بأن نقابتهم اجتهدت وسعت لرفع الغبن عن سائق الأجرة، والذي يحتاج لمركبة جديدة حتى يوفر خدمة عمومية ذات جودة للمواطنين، زيادة على تجديد أسطول النقل الحضري عبر الوطن.
وقال أن اتفاق الشراكة بين وزارة النقل ومؤسسة “فيات” يقضي بتسليم 50 سيارة “بانوراما” شهريا، موجهة لكل الولايات ويخص السائقين في النمط الحضري، لأن النقل عبر الولايات يتطلب سيارة ذات 7 إلى 9 مقاعد، وتكون المُركبة موجهة لمزاولة المهنة.
وبالنسبة لصيغة شراء أول دفعة سيارات “بانوراما” كانت عن طريق دفع مبلغ المركبة كاملا “كاش” 337 مليون سنتيم، فيما ستكون باقي الدفعات عبر صيغة الدفع بالتقسيط، “لأن النقابة اجتهدت في تحضير اتفاقية مع بنك التنمية المحلية، لتمويل الشراء عن طريق قرض من دون فوائد ربوية يُسدد خلال 5 سنوات، وتتراوح نسبة الدفعة المالية الأولية بين 30 إلى 40 بالمئة من سعر السيارة، ويتسلمها السائق مركبته في غضون 20 إلى 45 يوما”.
ويقول محدثنا، بأن النقابة تلقت 100 ألف طلب من سائقي الأجرة لاقتناء سيارة جديدة، من أصل 200 ألف سيارة أجرة حيز الخدمة عبر الوطن من مختلف الصيغ أو الأنماط.
وعدد السيارات المسلمة شهريا قابل للزيادة مستقبلا، حسب محدثنا، في حال زاد إنتاج مصنع وهران، والذي ينتظر إطلاقه لعلامة ثانية “ستكون لنا فيها حصة، لأنها مناسبة للسائق وأقل سعرا”.

إمكانية نقل ذوي الهمم بأريحية
ويرى آيت الحسين، بأن توفير سيارات جديدة لسائقي الأجرة سيضمن تنقلا مريحا للمسافر، سواء من ناحية جودة المقاعد واتساع المكان، وأيضا لأن الصندوق الخلفي لسيارة “بانورما” واسع جدا، ما يسمح باستيعاب جميع أمتعة الركاب، وكما أن هذا الصندوق يحمل الكرسي المتحرك لذوي الاحتياجات من المعاقين حركيا “وهذه أهم ميزة ركزت عليها نقابة سيارات الأجرة، لأن المعاق حركيا يجد صعوبة بالغة في ركوب سيارة أجرة لا مكان فيها لكرسيه المتحرك، لأنّ غالبية سيارات الأجرة حاليا تتواجد في صندوقها قارورات الغاز المُسال” على حدّ قول محدثنا.
وستتوفر سيارات “فيات بانورما” الموجهة لسائقي الأجرة، حسب محدثنا على جهاز الدفع الإلكتروني، بحيث يمكن للزبون تسديد تسعيرة التنقل عبر بطاقته الذهبية أو البنكية، وهذا إجتهاد “شخصي” من نقابة سيارات الأجرة بالاتفاق مع بنك التنمية المحلية.
وختم محدثنا، قائلا بأن نقابتهم ناضلت على مدار سنوات لتحقيق أهم مطلب وهو تجديد حظيرة سيارات الأجرة، والتي تعتبر قطاعا مهنيا، بتطوره تتطور الخدمة العمومية للمواطنين. ودعا السائقين إلى ترقية المهنة وتشريفها، خاصة وأنهم باتوا يتلقون تكوينات في اللغات الأجنبية وفي كيفية محاورة الزبائن، على حدّ قوله.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!