-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

في العلاقة بين النّائب والوزير!

في العلاقة بين النّائب والوزير!
ح.م

مشهد غريب تحت قبة البرلمان، وتداخل غير مسبوق بين اتّجاهات المعارضة والموالاة، وعلاقة شاذة بين برلمان محسوب على المرحلة السابقة، وينتمي أغلب أعضائه إلى ما كان يسمى بالموالاة وتحديدا في حزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، وبين حكومة أغلب أعضائها من التكنوقراط، وبعضهم كان ناشطا في الحراك الشعبي!

بين عشية وضحاها أصبح من كان يوصف بالمعارض الشرس يدخل الصّف ويلتزم بما تفرضه عليه واجبات العضوية في الحكومة، أما رموز الموالاة الذين كانوا يصفقون للمرحلة الماضية ويمرّرون مشاريع السّلطة وقوانينها بالأغلبية المطلقة، فقد تحوّلوا إلى معارضين للحكومة الجديدة، يطلقون التصريحات النارية ويمارسون حقهم في النقد إلى درجة أن من يستمع إليهم يعتقد أنهم يمثلون الشعب فعلا!

وفي الواقع، فإنّ القصّة كلها محيِّرة، لأنّ الحكومة التي مَثُلت أمام البرلمان، هي في الأصل تطعن في شرعيته، وتسعى إلى تحضير انتخابات تشريعية تُفضي إلى برلمان تمثيلي، عكس البرلمان الحالي الذي يقال فيه الكثير، بسبب ما شاب آخر انتخاباتٍ تشريعية من ملابسات تزوير وشراء للأصوات والذمّم، فضلا عن قانون الانتخابات ذاته، الذي يشجع على الفساد السّياسي، ويعطي الحقّ لرؤساء الأحزاب بتعيين أعضاء البرلمان بطريقة غير مباشرة عن طريق القوائم النسبية.

لذلك، لا غرابة أن يحدث ما حدث في الغرفة السفلى من تنابز، بين نواب تحرّروا من قيود الموالاة، ووزراء اعتنقوا الموالاة بعد أن عرفوا بمزاجهم المعارض للسّلطة، وقد يكون هذا المشهد مؤشرا على بداية عهد جديد بين الهيئة التنفيذية والهيئة التشريعية، يضع حدا للتزاوج العرفي الذي كان بينهما خلال العقود الماضية، حين كانت مثل هذه اللقاءات فرصة للمجاملات المتبادلة و”السيلفيات” وحتى تسوية بعض المشاكل الشخصية وتبادل المصالح!

من الطّبيعي أن يُحاسَب الوزراء أمام البرلمان عن أخطائهم وإخفاقاتهم، لكن ليس مقبولا أن يكون ذلك بدافع الانتقام الشخصي، أو استجابة لحساسيات تتعلق بممارسة الوزراء لحقهم في التعبير قبل التحاقهم بالحكومة، فبعض النواب الذين هاجموا الحكومة والوزراء كانوا يصفقون للعصابة، ويدافعون عن قراراتها ومشاريعها، ويصوتون لصالحها برفع الأيدي مهما كانت هذه القوانين ظالمة ومجحفة في حق الفئات الهشة.

لذلك، فإن المرحلة المقبلة تقتضي التأسيس لعمل تشريعي حقيقي، يكون النّائب فيه ممثلا للشّعب لا للجماعات الضاغطة، ولا للسّلطة التي أوصلته بطرق ملتوية إلى عضوية البرلمان، ويكون الوزير خادما للشعب ومسؤولا أمام ممثليه في البرلمان، يخضع للحساب والمساءلة بعيدا عن العلاقة الشّاذة التي كنا نراها بين الطرفين خلال العقود الماضية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • جزائري حر

    المشكلة أنهم كلهم موظفين عند الدولة التي تعني الشعب بالمفهوم الصحيح ولكنهم في الواقع الدي يكشف عن حقيقة الأمر يحدث بالمقلوب حسب فهمهم والدي هو خاطئ من أساسه.

  • محمد قذيفه

    هذا ماكان يحلم به الشهداء ولكن الايام ستثبت ان كان حلمهم تحقق ام لا ،ان شاء الله يتحقق