في مغرب الشمس
في مغرب الشمس أو غروبها، ذلك هو المكان الذي كنت فيه في يوم الخميس الماضي (05/12/2024)، ولا يظنن بي ظان سوءا فيطلق لسانه فيّ ويرميني بما لم أقصده فيشيع في المجالس أن هذا “الحسني” أصابه ما أصابه حتى “اعتقد” أنه “بلغ مغرب الشمس” الذي تحدث عنه القرآن الكريم في قصة “ذي القرنين”، فليطمئن القارئ الكريم إلى أنني لست ذا القرن، فضلا عن القرنين، كما أن مغرب شمسي أو غروبها ليس مغربه..
إن غروب الشمس أو مغربها الذي كنت فيه في يوم الخميس هو “تيسم-سيلت” فمعنى الكلمتين باللسان الأمازيغي هو: تيسم، ومعناه: غروب، وسيلت ومعناه: الشمس.. (أنظر: غربي بكار: الأصول الفصيحة للهجة تيسمسيلت المليحة. ص:9).
كان سبب زيارتي لهذه المدينة هو تلبية دعوة كريمة من إخوة طيبين يتقدمهم السيد إمام مسجد الإمام “محمد البشير الإبراهيمي” واللجنة الدينية للمسجد، والإمامان ابن باديس والإبراهيمي هما “نقطة ضعفي” لمن يريد “اصطيادي”.
وصلت المدينة قبيل صلاة العصر، وبعدها توجهنا إلى أحد أحياء المدينة، فشرّفني الإخوة بأن عيّنوا لي “فسيلة” ومكان غرسها، فغرستها حيث كانوا قائمين بحملة تشجير في المدينة، وقد سمعت إشادة قوية بما قام به السادة الأئمة من حث المواطنين على المساهمة بحماس في هذه الحملة، حتى إن إماما قال: “من لم يغرس شجرة ليس رجلا”.. ويبدو أن الحملة قد آتت أكلها..
وبين العشاءين، شرفني الإخوة، فألقيت كلمة عن “جهادنا” ضد فرنسا الصليبية المجرمة، خاصة أن تلك المنطقة – “الونشريس”- كانت إحدى “القلاع لنا والعماد”، كما قال الشاعر المجاهد الشبوكي.
في صبيحة يوم الجمعة، قمنا بجولة في المدينة التي استبحر عمرانها، وقد لاحظت نظافة ظاهرة، كما أن عملية إزالة الأحياء الفوضوية قائمة على قدم وساق.
وأهم ما زرته جامعة تيسمسيلت التي أسعدني حملها اسم أحد أعلم علماء المسلمين، وهو من أبناء المنطقة، ولا أعني إلا الإمام أحمد بن يحيى الونشريسي (ت 914 هـ/1508 م)، الذي اعتبر “حامل لواء المذهب المالكي في المغرب الإسلامي في عصره”.. ويكفي شاهدا على ذلك موسوعة “المعيار”.. وقد تجولت في ساحات الجامعة فرأيت ما شرح الصدر، وأفرح القلب، من نظافة وأزهار، وأشجار، وقيل لي إن تلك الأشجار من غرس أساتذة الجامعة أنفسهم..
ثم رجعنا لأداء صلاة الجمعة، وشرّفت بإلقاء كلمة حثثت نفسي وإخواني على أهم ما يدخل الجنة وماله أثر في المجتمع وهو “الإيمان والمحبة”.
هذه المدينة كانت تحمل في العهد الصليبي الفرنسي “فيالار” وهو المجرم أوغسطين دو فيالار الذي كان يستغل “الطب” لفتنة الجزائريين عن دينهم، وصدهم عن سواء السبيل، تساعده في ذلك أخته “إميلي دو فيالار”، تحية لإخوتي في تيسمسيلت الذين أخذوا عليّ موثقا أن أعود إليهم، إن شاء الله.