-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

في مكتب الرئيس!

جمال لعلامي
  • 1435
  • 2
في مكتب الرئيس!

غرقت بعض الأصوات في الكثير من التفاصيل أو الشكليات، التي قد تعني الخبراء والمختصين، لكنها أرادت تغييب أو “تتفيه” ما يهمّ الرأي العام، وكذا ما يتعلق بكبرى القضايا الداخلية والخارجية، في أوّل مقابلة صحفية لرئيس الجمهورية، مع وفد من مديري ومسؤولي وسائل الإعلام الوطنية، والحال، أن النقد البناء مطلوب ومرغوب، حتى لا تتكرّر “الأخطاء” إن وُجدت، لكن من المهنية والعدل والحياد أيضا، أن يتم النظر إلى النصف المملوءة من الكأس على الأقل بنفس العين التي يُنظر بها إلى النصف الفارغة!

ولأن “الفايسبوك” ووسائل التواصل الاجتماعي، والوسائط الأخرى، تكفلوا بحصر ما يعتقدون أنه “أخطاء” وثغرات ونقائص وسلبيات وسقطات، أفضّل أن أركّز في هذه الفسحة، على بعض نقاط الظل، المسكوت عنها، باعتباري كنت حاضرا في المقابلة، بصفتي رئيس تحرير جريدة “الشروق”.

أولا: لأول مرة منذ عهد الرئيس الراحل، الشاذلي بن جديد، يتمّ فتح المكتب الشخصي لرئيس الجمهورية، أمام الصحافة الوطنية، وهذا في حدّ ذاته جديد ينبغي تثمينه والدفاع عنه والدعوة إلى الحفاظ عليه.

ثانيا: لقد كسر الرئيس تلك الصورة النمطية “المكروهة”، والتي أفقدت الثقة والعلاقة الإنسانية بين الحاكم والمحكوم لعديد السنوات، فكان السيد عبد المجيد تبون، عفويا تلقائيا، قريبا من المواطن البسيط، من حيث الانشغالات والاهتمامات والإجراءات المنتظرة والواقع المعاش.

ثالثا: رئيس الجمهورية كان متفتّحا على كلّ الأسئلة، وأجاب عنها بالتفصيل، ولم يُهمل أيّ استفسار، بل كان يطلب من صاحب السؤال، إن كان قد أجاب عن كلّ مضامينه، وهذا تطوّر يستحق التثمين، وهو رسالة ضمنية إلى كلّ المسؤولين من القمة إلى القاعدة، لفتح أبوابهم أمام وسائل الإعلام دون تعتيم ولا تهرّب ولا مراوغة أو تلاعب.

رابعا: المقابلة الصحفية، بأسئلتها وإجاباتها، كانت ملمّة بمختلف الملفات: سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وتربويا ودوليا، وحتى إن “غابت” بعض الاستفسارات، فهذا لأنه من الصعب على أيّ كان، ومهما كان عددهم، أن يسألوا عن كل شيء في وقت زمني لا يُمكنه أن يكون مفتوحا.

خامسا: لقد أجاب الرئيس عن ما يتعلق بعديد الملفات، أهمهما المشاورات السياسية، وتعديل الدستور، والجمهورية الجديدة، ومطالب الحراك، وقانون الانتخابات وما يرافقه من استحقاقات مسبقة، والوضع الاجتماعي والاقتصادي وقضاياه المتشعّبة من قيمة الدينار والقدرة الشرائية والاستيراد والدعم الاجتماعي والصناعة والفلاحة، إلى جانب محاربة الفساد وإصلاح المنظومة التربوية وردّ الاعتبار للكفاءات المهاجرة، إضافة إلى القضايا الدولية الراهنة.

سادسا: ولأن “التغيير” يتطلب أن يكون الرئيس رئيسا لكلّ الجزائريين، لم يتوقف السيد تبون عند “قضايا النخبة”، وإنما غاص في مشاكل البسطاء و”الزوالية” عبر الجزائر العميقة، بلغة شعبية بسيطة يفهمها جيّدا هؤلاء “المعذبين في الأرض”، وهذه من المفروض أنها تـُحسب له لا عليه.

سابعا: المقابلة كانت الأولى من نوعها، وهي “سابقة” منذ عديد السنوات، وقد ردّت المبادرة الاعتبار -ولو جزئيا- للصحافة الوطنية، التي تعرّضت خلال الحقبة البائدة، إلى شتى أنواع التعذيب والتنكيل والإهانة والتكسير والاحتقار والعقاب ومحاولات الاغتيال، حتى أصبح هذا “المُنكر” ممارسة وأسلوبا ممنهجا من الأعلى إلى الأسفل.

ثامنا: الرئيس تبون، قال في مكتبه الذي استقبل فيه مسؤولي الإعلام: “نحن صناع القرار.. وأنتم صناع الأفكار والرأي العام”، وهذا مفتاح لإعادة “السلطة الرابعة” إلى مكانتها، في ظل ما التزم به الرئيس من ضمان لحرية التعبير في إطار أخلاقيات المهنة، وقد قالها صراحة: “راني هنا في خدمة الإعلام”.
… هذه بعض الملاحظات، عن مقابلة رئيس الجمهورية، التي تكون قد غابت أو غيّبت، وللحديث بقية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • جمال انس

    نسأل الله ان يوفق ولاة أمورنا لما فيه خير العباد والبلاد و أن يرزقهم البطانة الصالحة...
    أول الغيث قطرة..ومسيرة الالف ميل تبدأ بخطوة !!!

  • SoloDZ

    أتمنى من الله تعالى مشاهدتك في ذلك الكرسي يوما ما إنه على ذلك قدير وانا اعرف لماذا اقول او اتمنى ذلك وبما ان بلدنا ديمقراطي وانه دخل في عهد جديد فإن الرئاسيات القادمة ستكون فرصة ربما لخوض هذه التجربة ولما لا