قانون الجذب السّر العجيب في جلب النصيب وردّ الحبيب

حينما يتعلق الأمر باصطياد عريس، فإن المرأة الجزائرية تتحول إلى كاميكاز مجنون، مُستعد للقيام بأخطر المهام، حتى وإن استلزم الأمر تسخير شياطين الجان والانسان، والتحالف مع السحرة الفجرة وقارئات الفنجان.. وإذا فشل كل ذلك، تحولت إلى إنسانة عقلانية علمانية تؤمن بشدة بأنه لا صوت يعلو فوق صوت العلم. وهذا ما يتجلى في تحول الكثير من المُعاقات فكريا، من أوكار الدجالين والشوافات، إلى محاضرات الكوتشينغ وتدريبات التنمية البشرية، لتعلم ما يسمى بقانون الجذب لجلب النصيب ورد الحبيب. فما المقصود بقانون الجذب؟ وهل فعلا كل ما يريده ويُفكر فيه الانسان بشدة سيجذبه ذبذباتيا وسيتحصل عليه بالضرورة؟ حتى وإن تعلق الأمر باقتناص عريس أو رد حبيب أو طليق شارد مُفارق. وما حكم ذلك من الناحية الشرعية؟
مستقبلك من صنع أفكارك
قانون الجذب، هو مصطلح عتيق، عرفته حضارات قديمة كالمصرية واليونانية. ولكنه نُسي لفترة طويلة، حتى أواسط القرن العشرين، حين بدأ علم البرمجة العصبية اللغوية في الانتشار، حيث تم إحياء ما يسمى بقانون الجذب، الذي يقوم، كما يقول الأستاذ بوزياني يوسف، مدرب في التنمية البشرية، على أساس: “أن كل ما تسعى للوصول إليه، يسعى للوصول إليك. بمعنى أنك تجذب إليك الأشياء التي تُريدها وتتشابه معك. فحياتك الحالية هي نتاج ما فكرت فيه في الماضي، وحياتك المستقبلية هي نتاج ما تُفكر فيه الآن.”
وبلغة بسيطة جدا، قانون الجذب هو فكر فلسفي يؤكد أصحابه أنه بإمكان الإنسان أن يحقق كل ما يريده ويجذب كل ما يبتغيه من أشياء وأشخاص، بمجرد تركيز تفكيره فيها وكتابتها بتفاصيلها الواضحة على الورق، ووضعها نصب عينيه دائما.
دورات لتعليم قانون الجذب بالجزائر
ويقوم قانون الجذب على فكرة أن قوة أفكار الإنسان لها خاصية جذب كبيرة جدا. وكلما فكرت في أشياء أو مواقف إيجابية أو سلبية اجتذبتها إليك. ولأجل تفعيل طاقة الجذب تلك، يقول الأستاذ علي بورنان: “فكّر في ما تريد، خُذ ورقة وقلما، اكتب ما تبتغيه بوضوح تام، وكُن على يقين بأن الله- تعالى- سيستجيب لرغبتك”. وهذا
تماما ما يعمل الكوتش بورنان على تلقينه للمشاركين في دورات التدريب التي يقوم بها عبر ربوع الوطن، باعتباره مدربا في التنمية البشرية. ويُوضح أن: “كل ما خلقه الله- تعالى- في هذا الكون له ذبذبات طاقة، وكل ما يتشابه ذبذباتيا يتجاذب. وبالتالي، فالإنسان لما يُفكر في أي شيء أو في أي شخص، فستقوم ذبذبات أفكاره بجذب ذبذبات ذلك الشيء أو الشخص. ويكفيه فقط أن تتوفر فيه مجموعة من الشروط، كأن يكون مُحبا، معطاء، مُتأملا في ملكوت الله، شاكرا لعطائه. في حين، إن الحسد، والحقد، والغيرة، هي مشاعر معيقة للجذب.”
شرك بالله أم حسن ظن به؟
جدلية كبيرة أثارها ولا يزال يُثيرها قانون الجذب من الناحية الشرعية والعقائدية بمجتمعاتنا الإسلامية، بحكم أننا نؤمن بأن كل ما يجري وسيجري لنا هو من تقدير العزيز الحكيم. وبأنه- تعالى- هو المانح والمانع. وكل شيء يجري بقضائه وقدره لا بقوة جذبنا له. وهذا، ما جعل الكثير من علماء الدين يُصنفون قانون الجذب والعمل به في خانة الشرك بالله. فحرّموا الاعتقاد والعمل به. في حين، إن المؤمنين به يقولون عكس ذلك تماما، حيث يعتقد المدرب علي بورنان أن: “قانون الجذب هو التسمية الغربية للدعاء المستجاب، وهو ذاته حسن الظن بالله، والنسخة المعاصرة لمبدإ “تفاءلوا خيرا تجدوه”. وأساسه الثقة المطلقة في استجابة الله لمطالبنا.”
جذب الحبيب وجلب النصيب
والحقيقة، أن ما زاد من إثارة الشبهات حول قانون الجذب وتصنيفه في خانة الدجل والشعوذة، هو قيام الكثير من النساء والفتيات بالاستعانة به لجلب النصيب ورد الحبيب، عبر القيام بعدة طقوس يُروج لها الكثير من الأشخاص عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة أنه، كما يؤكد الكوتش بورنان: “أسهل ذبذبات الجذب هي جذب الأشخاص. وبالتالي، يمكن تفعيل قانون الجذب لجلب شريك الحياة، ولكن بشروط، وهي أن يكون الإنسان ذا قلب صاف، نيته سليمة، حريصا على الامتنان والشكر. ويكفي أن يكتب مواصفات الطرف الآخر، ويُداوم على التفكر فيه لجلبه، والدعاء بصيغة مخصوصة. والمهم أن تكون هالته القلبية نظيفة من الحقد والحسد.”
وعلى عكس ذلك، فإن الأستاذ بوزياني يوسف، يُحذر مما يسمى بطقوس جذب الحبيب وجلب النصيب، لأنها، كما يقول: “تدخل ضمن الشركيات، وهي طلب من الجان أن يتواصل مع قرين الشخص المطلوب جلبه ليُحسن له صورة فلان. وهو شرك بالله، لأن الجن يشترط عليه أمورا خطيرة وعظيمة.”
فكرة واضحة البطلان
لقد حرّم الكثير من علماء الدين الإيمان والعمل بقانون الجذب، لأنه يدعو إلى عقيدة وثنية باطلة، تتعارض مع الإيمان بالقضاء والقدر. وفكرته، كما يؤكد الشيخ شمس الدين الجزائري: “واضحة البطلان، فهل من يفكر يوميا في الزواج سيتزوج فقط لأنه يُفكّر؟ وهل سنحصل على سكن فقط لأننا نُفكر فيه؟ الأكيد لا.”