قانون العقار الاقتصادي.. خلاف جديد بين غرفتي البرلمان

أجمع أعضاء مجلس الأمة، خلال عرض مشروع القانون المحدّد لكيفيات منح العقار الاقتصادي الموجّه للاستثمار، على ضرورة استكمال إعداد كافة دفاتر الشروط والنصوص التنظيمية والمنصة الرقمية المرافقة للقانون والإفراج عنها في وقت قياسي، للانطلاق في توزيع العقار مباشرة على مستحقيه وفي القريب العاجل.
واعتبر عدد كبير من السيناتورات، أن هذا القانون كان يُفترض أن يمرّر قبل سنة من الآن، أي بالموازاة مع مناقشة قانون الاستثمار العام الماضي، جازمين أن المستثمر اليوم لا يملك المزيد من الوقت ليُضيّعه، في حين ردّ وزير المالية، لعزيز فايد، بأن النصوص ودفاتر الشروط جاهزة ولن تتأخّر.
وقال الوزير فايد، خلال تدخّله، أن دفتر الشروط المحدّد لكيفيات منح العقار الاقتصادي والبنود الإدارية التي تلزم المستثمر باستعمال العقار للغرض الممنوح لأجله وتسليم المشروع في آجاله، وفق ما تنص عليه المادة 14 من القانون، تم إعداده وسيتم مناقشته قريبا على مستوى الأمانة العامة للحكومة.
كما شدّد الوزير على أن التهيئة المسبقة اليوم للعقار الاقتصادي إلزامية، وستتم من طرف وكالة عمومية مختصة تنشأ لهذا الغرض قبل منحه للمستثمرين من طرف الوكالة الجزائرية للاستثمار، مؤكّدا أن هذا الإجراء يهدف إلى تذليل الصعوبات التي تعيق المستثمرين بسبب غياب التهيئة، ومفصحا أنه تمت المصادقة على مستوى الأمانة العامة للحكومة على مرسومي إنشاء وتسيير وتنظيم الوكالة الوطنية للعقار السياحي والوكالة الوطنية للعقار الصناعي، في انتظار مرسوم تنفيذي ينشئ الوكالة الوطنية للعقار الحضاري.
وعاد الوزير ليفتح ملف المادة 2 من مشروع القانون محلّ النقاش، وتحديدا المطّة 8 التي قام نواب المجلس الشعبي بإسقاطها والمتعلقة بالعقارات الأخرى المهيئة، حيث رفض النوّاب استغلالها من طرف الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، بمبرّر أن هذه الأخيرة مجرّد هدر لهذه الأراضي، في حين أكد الوزير أن هذه الأراضي ضرورية لإنجاز المشاريع المرتبطة بالخدمات الخاصة، قائلا إن الأراضي المصنّفة ضمن خانة “أخرى” قابلة لاحتضان مشاريع استثمارية، جازما أن كل الحافظة العقارية التابعة للدولة، تُمنح وفق دفتر شروط محكّم لإنجاز مشاريع تشهد ندرة، وهو ما يجعل توزيع هذه الأراضي، أي تلك المهيئة المتواجدة داخل المساحات العمرانية، ضروري لتكميل ما يتم إنجازه.
وحسب الوزير، فقد تم تقديم كافة التوضيحات اللازمة للنواب في المجلس الشعبي الوطني بخصوص هذه النقطة، ليعود ويطمئن أعضاء مجلس الأمّة أنه تم الانتهاء من إعداد كافة مشاريع النصوص التطبيقية لهذا القانون، التي ستعرض قريبا أمام الأمانة العامة للحكومة.
من جهته، أكّد مقرر اللجنة الاقتصادية خلال قراءته التقرير الأوّلي، اقتناع الأعضاء بالتوضيحات التي قدّمها وزير المالية بخصوص إعادة المطّة 8 من المادة 2 المتعلقة بالأراضي المهيئة الأخرى لمشروع القانون، واحتسابها ضمن الحافظة العقارية الموجّهة للاستثمار، مشدّدا على أن حذفها يمسّ بروح النص لاسيما المادتين 8 و21، ومؤكّدا على ارتباط المواد ببعضها البعض لاسيما تلك المتعلّقة بحق الشفعة.
وأضاف المقرر بأن نشاط الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار وفق دفتر أعباء نموذجي وإحجامها عن منح العقار إلا بما يخدم الصالح العام، وفق دفتر شروط جاهز وصارم وذو بُعد إستراتيجي وتخطيطي يجعل رؤية اللجنة تتقاطع مع رؤية الحكومة فيما يخص هذه الأراضي المهيئة.
وقد يقود هذا الخلاف الجديد بين غرفتي البرلمان حول مشروع القانون المحدّد لكيفيات منح العقار الاقتصادي إلى إحالة الملف للجنة متساوية الأعضاء للتصويت بخصوص المادة 2 من القانون.
وتضمنت جلسة النقاش 15 مداخلة صبت في معظمها حول ضرورة الاستعجال في الشروع في توزيع العقار على المستثمرين، وهو ما ذهب إليه السيناتور دريدي مبروك، قائلا إن مشروع هذا القانون جاء بشكل متأخر، وكان يجب مزامنته مع طرح قانون الاستثمار، متسائلا عن الأفق الزمني لجاهزية الوكالات التي ستهيء هذه الأراضي، كما اعتبر عضو مجلس الأمة، طالبي علي، أن تحقيق أهداف هذا القانون بصرامة تفرض البدء في توزيع العقار في أقرب الآجال، في حين ألح السيناتور، قنشوبة عبد الرحمن، على ضرورة تحديد آجال معينة لتحويل حق الامتياز إلى تنازل بعد الحصول على شهادة المطابقة.