قبل وبعد.. ريلز التغيير الذي غير حياة الكثيرين نحو الأسوإ

تشبه فيديوهات الريلز، التي تصور التغيير السريع من وضعية سيئة إلى أخرى أفضل منها، صعقة كهربائية، يشعر عبرها المدمن على هذا النوع من المحتوى بالإنعاش في كامل جسده.. فتقوده، أحيانا إلى خلق تغيير مشابه في شيء ما في حياته، مادي أو معنوي. وهذا، ما يدفع ببعض هؤلاء إلى الهرع إلى مشاهدة المزيد والمزيد، ليس لتعلم التغيير السريع، وإنما محاولة لاكتساب طاقة التغيير التي لن تأتي أبدا بمشاهدة الفيديوهات.
الانتقال من السيئ إلى الأفضل عكس ما يحدث في الواقع
يشعر الأشخاص الذين يتوقون إلى مشاهدة فيديوهات التغيير، التي تحمل حالتين توصف بقبل وبعد، بأنهم أشخاص إيجابيون ويتناولون
محتوى مفيدا وتحفيزيا، غير أن آخر الدراسات في مجال غير متوقع أثبتت العكس تماما، إذ توصّل مختصون في مجال التغذية والتدريب الرياضي، بالتعاون مع باحثين في جامعة فلوريدا، إلى أن أكثر الأشخاص الذين يصابون بالإحباط، ويمكن أن ينتهي بهم الأمر بالانتحار بعد الشعور الشديد بالفشل، هم الأشخاص الذين يحاولون فقدان الوزن، متأثرين بفيديوهات المشاهير وحتى أشخاص عاديين وصورهم، ممن فعلوا ذلك بجدارة في فترة وجيزة، وعدم قدرتهم على المجاراة بوعي وتحقيق النتائج المبهرة يفعل بهم العكس.
وتعترف حسناء، التي تجاوزت إدمان الريلز مؤخرا، بأن الأمر يشبه مخدرا ما، أوقات منتقصة من العمر لا ندري عنها، تقول: “سجلت في دورة إلكترونية مدتها 90 ساعة، مقسمة على شهر. في نهاية المدة، اكتشفت أني كنت أهدر قبلها أزيد من 3 ساعات الأولى من يومي سدى. ولا يتوقف الضرر هنا، إذ إني كنت أقضي يومي مرهقة، أنظر إلى البيت الذي تعمه الفوضى، وأفكر في أنه يستحيل أن أنظمه في دقيقتين أو ثلاث، كما يحدث في الريلز، فأعود إلى فراشي أشاهد المزيد.. مع مرور الوقت، بدأ كل شيء يبدو صعبا، ويأخذ الكثير من الوقت، مقارنة بما أستمتع بمشاهدة سرعة إنجازه وتغييره. لقد أنقذني قرار التدريب عبر الإنترنت من الغرق في دوامة أهلكتني”.
نهم مشاهدة التغيير عواقب غير محمودة على الصحة
على العموم، تؤدي عادة استهلاك المحتوى السريع، خاصة من النوع السطحي، الذي لا يحمل رسائل عميقة أو معلومات هامة، إلى تدفق الدوبامين إلى الدماغ، ما ينتج حالة من السعادة المؤقتة والإشباع. تكرار عملية مشاهدة النوع ذاته من الفيديوهات، يسبب حالة من الإدمان، ما يعني أن التوقف عن تلقي هذا المحتوى، يضع الفرد لا شعوريا في حالة من القلق والتوتر. ويمكن أن يتفاقم الأمر إلى أعراض في غاية الخطورة على الصحة النفسية والبدنية للفرد، من مختلف الأعمار، تلخصها الأستاذة نادية جوادي، أخصائية نفسية، في ما يلي: “اللحظات القليلة التي تفصل بين مظهر بيت غير مرتب وتنظيمه بالكامل، أو بين وجود مكونات قليلة على طاولة العمل وتحولها إلى تحلية صحية، كذلك الفرق بين وجه فتاة تعب إلى فاتنة في غاية الجمال، بعد جلسة مكياج.. والكثير من الأمثلة، هي لحظات جنونية فاصلة، يعيشها المدمن على فيديوهات التغيير بمشاعر غير متوقعة، حتى إن البعض يمكن أن يعاني من انفعال الفومو fomo وهو اضطراب نفسي يؤدي بالفرد إلى عيش حالة عالية جدا من الخوف، في وقت وجيز جدا، الخوف من تفويت شيء ما كنتيجة نهائية، بالرغم من أن الفرد يعلم أنه قد لا يحصل على وسيلة التغيير من ذلك. هذا الانفعال يتسبب في تأهب دماغي مرهق، من خلال التطلع الدائم والمزيد من البحث عن النهايات المختلفة”. ومن هنا، يمكن أن تظهر أعراض مرضية، كاعوجاج الرقبة وأعلى الظهر، بسبب وضعية العمود الفقري، وظهور ما اصطلح عليه أطباء العيون مؤخر بـ “إجهاد العين الرقمي”، اضطرابات هرمونية، تسبب العزلة والأرق الليلي وتراجع التركيز والأداء..