-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قراءة في ترتيب استقرارنا عالميا

قراءة في ترتيب استقرارنا عالميا
ح.م

كثيرا ما نُقارن أنفسنا بدول غربية متقدمة ونَبكي حالنا، ولا عيب في ذلك، بل من واجبنا أن نقوم دوريا بنقدٍ ذاتي وتقييم موضوعي لأنفسنا مع الطموح والأمل، ولكن علينا إلى جانب ذلك الانتباه إلى مسألة في غاية الأهمية، أن بالعالم اليوم مستويات عدة لدرجة التقدم والاستقرار والرفاهية ضمن سُلَّمٍ متحرك باستمرار ينبغي أن نمتلك نظرة عامة عنه، على الأقل، لنعرف أين نحن من وجهة نظر الآخرين، وأي مستوى ينبغي موضوعيا أن نتطلع إليه، وأي المستويات ينبغي تجنُّبها، وتلك التي مازالت مرحلة بلوغها بعيدة كثيرة عنا.

وقد تفرغت الكثير من المؤسسات ومراكز الدراسات الغربية لإعداد مثل هذا الترتيب السُّلمي لتقديم صورة عن دول العالم وفق درجة الهشاشة والصَّلابة،علينا الإطلاع عليه وقراءة نتائجه قراءة متأنية.

ومن بين مراكز التفكير هذه، المركز الأمريكي لأبحاث السلام، الذي اعتمد 12 متغيرا لتصنيف مجموع دول العالم مثل التهديدات الأمنية والانهيار الاقتصادي وانتهاك حقوق الانسان وتدفق اللاجئين… الخ. وقد استخلص من ذلك 04 مجموعات، كل مجموعة فيها مستويات: الخطيرة ومستوياتها ثلاثة (عالية جدا، وعالية، وخطيرة)، والحذرة ومستوياتها ثلاثة أيضا (حذر عال، وحذر زائد، وحذر) والمستقرة ومستوياتها خمسة (المستقرة، الأكثر استقرارا، المستقرة جدا، المستقرة بصفة مستدامة، وأعلاها درجة المستقرة بصفة مستدامة جدا).

وهذا يُفيدنا بداية في مسألة جوهرية أنه كما الخطورة ليست بدرجة واحدة كذلك الحذر والاستقرار. أي ينبغي علينا عدم الوقوع في التعميم. كما يُفيدنا في معرفة الفارق الكبير بين أكثر الدول هشاشة التي تقع ضمن دائرة الخطورة العالية جدا وهي أربع (اليمن، الصومال، جنوب السودان، سوريا)، وتلك الأقوى التي تقع ضمن مجموعة الدول المستقرة بضفة مستدامة جدا وهي عشر دول (فنلندا، النرويج، سويسرا، الدانمارك، إيسلندا، نيوزلندا، السويد، لوكسمبورغ، استراليا، إيرلندا).

وإذا كان المجال هنا لا يتَّسع لتقديم خلاصة تفصيلية عن كل القائمة، فإنّ علينا أن نعلم أن وضعية بلدنا بالنسبة لهذه المؤسّسة تقع ضمن المستوى الثاني من المجموعة الثانية، أي تلك التي تعرف حذرا زائدا، أي ينقصها مستوى واحد لتدخل ضمن دائرة الاستقرار، وداخل هذه الدائرة أمامها 05 مستويات لتصل إلى أعلاها أي الاستقرار المستدام جدا مثل فنلندا أو النرويج أو السويد…

وبناءً عليه يُصبح من الموضوعي بالنسبة لنا أن نُدرك كما أن الأزمة درجات، فإنَّ الاستقرار أيضا درجات، والفعالية تتمثل في التطلع باستمرار إلى الدرجة العليا وليس القفز على السلم أو التقهقر إلى الوراء. اليابانيون يوجدون ضمن مجموعة الدول المستقرة جدا (12 دولة) مع فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا والأورغواي مثلا، ومن حقهم التطلع إلى المستوى الأعلى فالأعلى، والإسبان في مجموعة الأكثر استقرارا، والماليزيون في مجموعة الدول المستقرة… ونحن مع مجموعة الحذر الزائد، علينا أن نكون بالفعل حذرين قبل الانتقال إلى حالة الاستقرار، ولِمَ لا الارتقاء في هذا المستوى إلى الأعلى فالأعلى…

هي ذي منهجية التفكير الصحيحة، وهذا ما ينبغي استخلاصُه من التصنيفات الغربية، من دون تهويل ولا تهوين: اليابان يتطلع أن يكون مثل فنلندا ونحن نتطلع ان نكون مثل ماليزيا، ألا يكفينا هذا اليوم؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • أمير

    كلام معقول جدا جدا، نتطلع إلى تحسين مرتبتنا رويدا رويدا ودون هرولة أو حرق للمراحل.

  • نحن هنا

    "يل الانسان على نفسه بصيرة "هذا قول الله فماحاجتنا لنظرة الآخر لنا رؤوسها في لحباس وانت تقول رانا لاباس

  • عبد الملك

    حتى كوبا و كوريا الشمالية دولتين مستقرتين لكن ما هو مستوى معيشة شعبيهما .

  • ابونواس

    أي استقرار .....ما دمت تشبع بطنك من الصناعات الغذائية الغربية وتعالج أسقامك بأدويتهم فأنت بدون استقرار ولا حتى هباب....الاستقرار أن تكون سيد نفسك وليس عبدا تنتظر المساعدات مثل المتسول في الشارع....أعطوه الناس أو حرموه أو سبوه

  • رضوان

    ومن صنع حالة اللااستقرار هذه أليست الدول التي توصف حاليا بالاستقرار المستدام، تدمر وتفكك الدول والمجتمعات ثم تعمل على تصنيفها ونعتها بأحط المصطلحات، ضمن تصور غرس الدونية والقابلية للاستعمار في نفوس أفراد هذه المجتمعات، وهكذا تستمر هيمنة الرأسماليات الاستعمارية والتقسيم الدولي للعمل الذي فرضته