-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قسما..!

جمال لعلامي
  • 1568
  • 2
قسما..!

عاد الحديث مجددا عن التقسيم الإداري، وبين من يحلم بأن ترتقي دائرته إلى ولاية، أو بلديته إلى دائرة، أو دشرته إلى بلدية، يتساءل ماكرون وأصحاب ألسن طويلة عن جدوى هذه “الترقية”؟ وماذا ستستفيد البلاد من التقسيم الجديد؟ وما الذي سيجنيه العباد من رفع عدد الولايات أو اعتماد نظام الفدراليات والمقاطعات والمحافظات؟

التجربة المريرة للتقسيمات الإدارية في الجزائر، ترفع الستار عن تقسيمات استعراضية، لم يجن منها المواطن ولا الدولة لا ناقة ولا جملا.. فقد تمّ استحداث ولايات في عام 1984، أثبتت الأيام أن الأمر كان ارتجاليا وقرارا سياسيا، بعدما أثبت الواقع أن تلك الولايات مازالت بعد 30 سنة عن الترقية، مجرّد ربوات منسية تضمن الحدّ الأدنى من توزيع الغبار على الساكنة!

في بداية التسعينيات، كانت تجربة مريرة أخرى، حيث تمّ استحداث دوائر انتخابية، وجدت نفسها مخيّرة أو مضطرة لارتداء ثوب الدائرة الإدارية، بعدما كانت مجرّد بلدية لا حول ولا قوّة لها، من حيث المشاريع والبرامج التنموية، ما يجعلها ترتقي إلى مصاف الدوائر المحترمة!

هذان النموذجان، لا يعنيان أن ذلك التقسيم، كان كله أسود، ولم يأت للمواطنين بأيّ بياض، لكن بالله علينا جميعا، ماذا جنينا من بلدية أصبحت دائرة، أو دائرة تحوّلت إلى ولاية، باستثناء تقريب “البيروقراطية” من المواطنين باختزال المسافات وعنوة السفر لاستخراج جواز سفر أو بطاقة تعريف أو رخصة سياقة لمن يطلبها؟

بشهادة الخبراء والسياسيين أيضا، فإنه لا معنى لتقسيم إداري لا يخضع لمبدإ التوازنات والمؤشرات الاقتصادية وعدد الساكنة وكذا الرقعة الجغرافية. والمثير في الحكاية أن بلديات ودوائر “طلعت على ظهر” أخرى كان من الحتمي والواجب أن ترتقي إلى دائرة أو ولاية، لكن تدخلات وهواتف عملت عملتها وكان القرار العشوائي أو حتى الصائب حتما مقضيا!

هناك ولايات كانت في عداد المفقودين، عندما كانت دوائر، ودوائر كانت هي الأخرى “ضايعة” حين كانت بلديات، وبعد الترقية و”تحويل الجنس” أصبحت تتبختر ذات اليمين وذات الشمال، لكن بالمقابل، فإن نوعا آخر من “المرّقيْن” احتفظ برتبة الدشرة أو القرية أو الربوة المنسية بالرغم من صناعة مكتب للوالي أو مكتب لرئيس الدائرة!

بطبيعة الحال، المشكل ليس في الوالي الذي تمّ تعيينه على رأس ولاية مستحدثة، وليس في “شاف دايرة” الذي تمّ تنصيبه على رأس دائرة جديدة لم تكن في قائمة الجماعات المحلية، وإنـّما الإشكالية، في طريقة التقسيم الإداري، إذا كان غير مبرر وعشوائيا ولحسابات لها علاقة بالولاء والطاعة، أو لامتصاص غضب أفراد أو جماعات أو “أعيان” أو “كبار دوار”!

لا ينبغي، تكرار تجربة “محافظة الجزائر الكبرى”، وقد يكون من المفيد استنساخ تجارب ناجحة عبر البلدان المتقدمة، ولا يهمّ بعدها إن كان التقسيم مبنيا على التقييم أم التعويم أم بغية التنويم!  

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • souhail

    والله حسب ضني ان التقسيم الاداري هو الذي ولد الجهوية العمياء فاصبح المواطن الجزائري ينادي اخاه الجزائري بالبليدي او البجاي او السطايفي ........

  • maya darouine

    والله ياسيد لعلامى كلامك كله يصب فى الواقع دمت للكلمة الحقة