-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قطاعُنا الصناعي يتراجع

بشير مصيطفى
  • 440
  • 0
قطاعُنا الصناعي يتراجع
أرشيف

يبدو أن الركود الصناعي في الاقتصاد الوطني بدأ مبكرا وقبل حلول العام 2019، ما يؤكد فرضية صعوبة السنة الجديدة من زاوية نظر المؤشرات الكلية للاقتصاد، إذ أظهرت أرقام جديدة للديوان الوطني للإحصاء تراجعَ الأداء الصناعي للقطاع العمومي بشكل لافت بدءا من الثلاثي الأول للعام 2018 على العكس تماما من مؤشرات العام 2017.
وتراجع المؤشر العام للإنتاج الصناعي في فترة الـ09 أشهر الأولى من 2018 بـ1.9 من المائة، وفي انتظار نتائج الرُّبع الأخير من العام والذي لن يكون أحسن بكل حال فإن القطاع الصناعي للاقتصاد الوطني سجل رقما ايجابيا قدره 2.3 من المائة خلال نفس الفترة من العام 2017، وبمقارنة الفترات أبان الأداء الصناعي خلال الثلاثي الثالث للعام 2018 تراجعاً قدره 0.6 من المائة مقارنة بنفس الفترة من العام 2017 في حين سجل نفس المؤشر ارتفاعا محسوسا قدره 4.2 من المائة بين العامين 2016 و2017.

تراجع قياسي

وتعدّ نتائج الأداء الصناعي في الجزائر للأشهر التسعة الأولى للعام 2018 الأسوأ على الإطلاق، إذ سجلت الإحصائيات تراجعا قياسيا للثلاثي الثاني من العام قدره 4.5 من المائة مقارنة بنفس الفترة من العام 2017.
هذا الأداء ينبغي أن يُلفت نظر واضعي السياسات الصناعية ببلادنا لأنه لا يخصّ المؤشر العام لنمو الصناعة وحده بل يتعداه إلى قطاع المحروقات وباقي القطاعات خارج المحروقات؛ إذ أظهر نفس المصدر تراجع الإنتاج من المحروقات بـ5 من المائة بين فترتي التسعة أشهر الأولى للعامين 2017 و2018 في حين لم يتعد التراجع بين العامين 2016 و2017 عتبة الـ 0.4 من المائة، ونفس الشيء بالنسبة للمؤشر خارج المحروقات إذ تراجع النمو من القيمة الايجابية 3.3 من المائة بين 2016 و2017 إلى قيمة سلبية قدرها 0.7 من المائة نهاية شهر سبتمبر الماضي.

ثلاث قراءات

ثلاث قراءات ممكنة لتراجع مؤشر الأداء الصناعي ببلادنا: أولها تراجع الأداء في القطاعات المكوّنة للمؤشر العام للإنتاج الصناعي وخاصة قطاعات النسيج والميكانيك والإلكترونيك والمحروقات، وعلى العكس تماما من ذلك احتفظ قطاع المعادن بنموٍّ ايجابي مقبول عند سقف 12 من المائة حتى سبتمبر 2018 لأول مرة في عامين بعد أن ظلّ يسجِّل تراجعا في الإنتاج خلال السنوات الأخيرة، الشيء الذي يدفع إلى التفكير جديا في استكشاف هذا القطاع والاستثمار فيه بشكل أوسع.
والقراءة الثانية لتراجع القطاع الصناعي بالجزائر لها علاقة باتجاهات الموازنة، إذ تمّ استهلاك المخصصات المالية للقطاع في تطهير المؤسسات العمومية وشراء ديونها لدى البنوك إضافة الى إعادة توجيه الصندوق الوطني للاستثمار لصالح قطاع السكن تحت ضغط عجز الموازنة وحرص السلطات العمومية على استكمال المشاريع المخططة منذ سنوات في قطاعات البناء والأشغال العمومية والري ولاسيما قطاع السكن الذي لا يزال مسرحا للتأخُّر ومن ثمة إعادة تقييم رخص البرامج.
وتتعلق القراءة الثالثة بتواضع مساهمة القطاع الخاص الذي لا يزال يتكئ على مساهمات الخزينة وينشط أكثر في قطاع التجارة ولا يبدي أي إشارة ايجابية تجاه القطاع الصناعي عدا في مجال أدوات البناء والصناعات الغذائية ما يجعل مساهمته في القطاع الصناعي العام لا تزيد عن عتبة 5 من المائة.

حلولٌ تطبيقية

ولاستدراك الوضع قبل فوات الأوان نعود دائما للأساسيات؛ أي أساسيات الاقتصاد وعلى رأسها التحول من تمويل الخزينة إلى تمويل السوق عبر منفذين اثنين هما المنفذ المحلي بإشراك القطاع الخاص في المشروعات الصناعية الكبرى للدولة، ثم المنفذ الخارجي بدعم فكرة الرواق الأخضر للتصدير الصناعي، أخذا بعين الاعتبار فرضية عدم جدوى الاستمرار في اعتبار المحروقات قاطرة لتشكيل النقد الأجنبي أو قاطرة للتصدير، وتحقيق فرضية بديلة هي الشراكة الاستراتيجية بين القطاعين العام والخاص في القطاعات التي أثبت أداءً مقبولا خلال العام 2018 على قلتها قبل الانطلاق في استراتيجية النمو المستديم آفاق 2030 – 2050.
حل آخر يبدو مجديا من الناحية التقنية هو إعادة هيكلة القطاعات الصناعية المتراجعة عبر بوّابتي التسيير الحديث للمؤسسات العمومية وتطوير البحث والموارد البشرية، والأمر يتعلق بقطاع النسيج والجلود والميكانيك والإلكترونيك والزجاج والى حدٍّ مدروس الطاقات المتجددة ولواحقها الصناعية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!