قم للمعلم وفّه التّنكيلا

يعيش المعلم، في السنوات الأخيرة، أصعب مرحلة تعليمية في كل الأطوار. ورحم الله زمانا، حينما كاد المعلم أن يكون رسولا. كان يبجل داخل القسم وخارجه، بل وبعد سنوات، مازلنا نقف احتراما له، ونحن قد أصبحنا مهندسين وأطباء وصحفيين، وفي مناصب عالية، كيف لا وهو الذي مازال يتذكر الكثير من تفاصيل مشوارنا الدراسي، وهو من صقل اجتهادنا ودعمنا، ووضع اللبنات الأولى لأساس نجاحنا.
ذهب زمان وأتى آخر، وتدحرجت قيمة المعلم إلى الأسفل، وأصبح يهان ويضرب ويشتم على مرأى الناس، من طرف “أشباه” طلبة العلم، من كلا الجنسين.. تحول إلى أضحوكة بين تلاميذه، يشار إليه بالأصبع، ويتهم بالمخطئ، حتى ولو كان على صواب، ولا يسمع لكلامه ولا لدرسه، أصبح يمسح الجدار متخفيا، وهو خارج من مدرسته، خوفا من بطش بعض تلاميذه.
كما أصبحت المعلمة، محاصرة بطلبة، يعاكسونها ويتغامزون عليها ويهمسون لها دون خجل ولا خوف، أصبحت تنظر من حولها مندهشة وربما باكية. ففي بعض الأحيان، يتجرد الطالب من أخلاقه، ويدق على أوتار شرفها.
إن اهتزاز مكانة المعلم في المجتمع، لم يكن وليد صدفة، بل نتيجة حتمية ومعطيات كثيرة، سهلت الوصول إلى شخصه ومكانته، وأهمها التربية والأخلاق، فلا يمكن أن يبقى المربي، إذا كنا نرسل إليه أولادنا وبناتنا دون تربية، لا يمكن أن يبجل من طرف التلميذ ووالد التلميذ يهينه أمامه، يرى فيه الظالم والقاسي، وفي المقابل ابنه المظلوم المسكين.
فهل حان الوقت لمراجعة أنفسنا وإعادة المعلم إلى مكانته؟