كاميرات المحلات ترصد الأيادي الناعمة “تسرق”

يستعين أصحاب المحال التجارية بمواقع التواصل الاجتماعي، لنشر فيديوهات تعرُّضهم للسرقة، لعل الفاعلة تُعرض عن فعلتها وترجع المسروقات، ومع التهديد المستمر، يمكن الوصول إلى ذلك، بينما، قد يتطور الوضع إلى الفضيحة والاستعانة بمصالح الأمن. وهنا، تكون السارقة قد بلغت مبلغا تخسر عنده كل شيء، حياتها الاجتماعية وربما المهنية والزوجية.. مقابل ماديات ربما هي من الكماليات.
يؤكد خبراء وأخصائيون أن مشكل السرقة، الذي يعاني منه الكثير من البالغين، ليس نتيجة للحاجة المادية الماسة، تقول الأخصائية النفسية، نادية جوادي: “الوضع ناتج عن اضطراب نفسي حاد، يولد لدى المصاب حالة من الانفصام تجعله يشعر بأن الغرض الذي سيسرقه مهم جدا، وسيغنيه ويوفر عنه، حتى وإن كان قادرا على شرائه.. لهذا، نجد سيدات كثرا يسرقن أشياء بلا قيمة، وأخرى لا يستخدمنها..”، تضيف الأخصائية جوادي: “يشعر السارق بنشوة تساعده على تجاوز بعض الضغوط والأوهام، التي يخلقها لديه الاضطراب النفسي، وتزيد ثقته بنفسه، وعدم اكتشاف فعلته يساعده بشدة في جعل الأمر وسيلة للتسلية أو لتكوين ثروة، على عكس فئة قليلة تشعر بالذنب المؤقت”.
كيف شجعت فيديوهات السرقة على انتشار الظاهرة بدل الحد منها؟
عادة، ما ينشر التجار الذين تعرضوا للسرقة، فيديوهات نساء من مختلف الأعمار، أخذن من محلاتهم سلعا رخيصة أو ثمينة، أو حتى مبالغ مالية.. ولكنهم لا يظهرون وجه الفاعلة، حتى لا يتسببوا لها في مشكلات، بل يكتفون بتهديدها بالفضيحة، في حال لم ترجع المسروقات. فعل، يعتبره الخبراء خاطئا وأنانيا. يقول الأستاذ لزهر زين الدين، مختص في الشأن الاجتماعي: “إذا كان الهدف من نشر فيديوهات السرقة، هو استرجاع ما تم خسارته فقط، فهذه لا مسؤولية اجتماعية، لأن الفاعل الذي لم يتم فضحه، سيستمر في نشاطه، خاصة إذا تم تهديده دون تعرضه للعقاب، ثم إن سلوك التاجر اللامسؤول يمكن أن يساعد في انتشار السرقة، والتشجيع على هذا الفعل بجعله مستساغا..”.
سيدات يفقدن أسرهن من أجل دنانير
تم، مؤخرا، تداول قصة اجتماعية على نطاق واسع، بطلها سيدة متزوجة، وأم، حصلت على المال من زوجها، لشراء ملابس العيد، فتوجهت مع مبلغ مائتي ألف دينار، إلى محل الملابس. لكنها، لم تنفقها، كما هو متوقع، وإنما قامت بلبس ما اختارته تحت حجابها، وغادرت المحل، لتكتشف أنه تم نشر فيديو السرقة، من قبل صديق زوجها، الذي كان ضحيتها.. الأخيران، اتفقا بينهما على حجب الفيديو، مقابل إرجاع المال. أما السيدة، فقد فقدت أسرتها، بحصولها الفوري على الطلاق، واحتفاظ الزوج بأبنائه.
يحدث هذا، مع عشرات السيدات، اللواتي اخترن سرقة أملاك الغير، لإعطاء المجتمع صورة عن حياتهن الاجتماعية المترفة لا غير. فالبعض يسرقن أواني وقطع ديكور ثمينة، لاستعراضها في المناسبات. وأخريات يسرقن مكياجا وأدوات زينة، من رموش وشعر مستعار وعدسات صناعية.. فالظاهرة، تعدت سرقة محال المجوهرات أو المواد الغذائية، لضمان العيش. في المقابل، كلفت الكثيرات حياتهن الأسرية والاجتماعية.
الفضيحة تكلفهن مكانتهن الأسرية والاجتماعية
قبل أيام قليلة، انتشرت على تيك توك فيديوهات فتاة عشرينية، صاحبة صفحة مليونية، اشتهرت بمشروعها في صناعة الحلويات التقليدية والعصرية بالقليعة، ولاية تيبازة. الفتاة، توجهت إلى محل معروف بالعاصمة. وبعد تفحصها المكان، وكأنها تأكدت من غياب كاميرا مراقبة، قامت بسرقة عشرات الأدوات والمواد التي تستخدم في صناعة الحلويات، ما قدره صاحب المحل بأزيد من 7 ملايين.. كانت تضع المواد داخل حقيبة يد كبيرة، وقفة عصرية. بعد ساعات من الحادثة، وانتشار الفيديو أيام العيد، خرجت في بث مباشر، تنكر هويتها، قائلة: “لست الفاعلة، يمكن أن تكون أخرى تشبهني، أرادت الإساءة إلي”.. تحت التهديد والضغط، اعترفت الفتاة بفعلتها، وطلبت من الصفحات مسح الفيديو، بينما ترجع قيمة المسروقات إلى البائع، وعلقت: “جل من لا يخطئ، سامحوني، كانت لحظة ضعف فقدت بها كل شيء..”، بعض المتفاعلين معها، قام بدعمها معلقا: “بينك وبين مولاك، لست مجبرة على التبرير لأحد..”، بينما طالبها آخرون بالتوقف عن العمل وإلغاء المشروع، حتى لا يأكل زبائنها منتجات حراما.. وهو ما حصل فعلا، فقد تم إلغاء تواجد الصفحة في غضون ساعات فقط.