-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

كانت تُسمى فلسطين!

صالح عوض
  • 2011
  • 0
كانت تُسمى فلسطين!

في السياسة كما في الجغرافيا هناك طرق للإحلال محل ولكن يتميز الأدب كما التاريخ بالعزف على أوتار الذكريات وحقائق الماضي فتهيج الأفكار أو تتحول إلى أنواع من الفنون ووثائق للتاريخ تصلح أحيانا للقراءة والمراجعات.

ولكن في موضوع فلسطين، فإن العدوان متواصل على التاريخ ورواياته بفعل سطوة الواقع وانحرافاته الهائلة.. حتى إن كثيرا من أصحاب الحق والتاريخ قد استبدلوا رواياتهم وحقيقتهم بواقع أسهم في تشكيله أعداؤهم التاريخيون الاستعماريون الغربيون الإنجليز والأمريكان.. فتضاءل الحق واضمحل ولم يقف انهياره عند حد.

الآن يستجمع المسئول الأمريكي نفسه للإعلان عن صفقة القرن.. أجل بهذه الصفقة يتكلمون عن أكثر الأماكن بركة روحية ومعنوية في الكون على اعتبار أنها سلعة خاضعة للمقايضة والمساومة على طريقة التجارة الحرام.. صفقة القرن بطريقة الكاوبوي المتعجرف الذي يتصور أن قوته قادرة على نزع اليقين من قلوب الناس وإخراجهم من أرواحهم ودفعهم إلى ما يصطدم بقيمهم وأدق تفصيلات وجودهم الإنساني.

كانت تسمى فلسطين عندما كانت بمدنها وقراها وجبالها وبحرها ونهرها.. كانت تسمى فلسطين عندما كانت يافا عروس بحرها وعكا رمز عنادها وحيفا مثار جمالها وبئر السبع معين أصالتها وطبرية مغطسها المبارك وغزة حاضنة صحرائها والخليل عنادها الأسطوري ونابلس وجبال النار والناصرة وصفد،  وو.. فماذا يمكن تسميتها عندما ينزعون منها المدن والعواصم والقرى والبحر الأبيض والبحر الميت والبحيرة والنهر والقدس والمقدس..؟

سيكتم الطيبون آلامهم وحسرتهم وأنفاسهم الرافضة ويقولون: كانت تُسمى فلسطين؟ فماذا نسميها بعد أن عبث فيها خنجر الفاشي وقطعها على مزاجه وقدمها للغاصبين شذاذ الآفاق.. وانتزع من الحاكم العربي تأييده واستحسانه الذليل بعد أن وضع الفلسطينيين أجزاء أجزاء في غيتوهات محاصَرين مجوَّعين مقهورين في غزة ولبنان وسورية والضفة ومناطق 1948.. وقد أغلقوا عليهم منافذ الحياة وتناوشوهم قتلا وتشريدا وفتكا.

وسيتعرض كثير من الأحرار عندما يرفعون صوتهم الرافض للاعتقالات والتضييق عليهم وقطع أرزاقهم والتهميش والتشويه والتشويش.. ستتقدم الأسلحة العدوانية جميعها من الشيطنة إلى الاغتيالات تمارس بحق كل  منظمة أو شخص يرفض أن تُسحب فلسطين من فلسطين ويفضح المؤامرة- الجريمة ويرفع كفه ضد مخرزهم مصمما أن ينتصر المخرز.

قررت أمريكا بوضوح أن ترسم الخريطة النهائية لفلسطين بأن تنتهي فلسطين والقدس وأن يكون هناك إسرائيل وأورشليم وجلبت معها في حفل الزفاف كل الذين كانوا يختبئون وراء الكلمات الخادعة من نخب سياسية وإعلامية وفكرية..

ولكن فليكن واضحا أن الأرض لا ترحل وأن فلسطين هي فلسطين وأن القدس هي القدس التي نزل فيها قرآن وهي محفوظة بحفظ القرآن المحفوظ.. وليكن واضحا واضحا أن الفلسطينيين هم أولئك الفئة التي استودعها الله أمانة الرباط في أكناف بيت المقدس وأنهم منذ قرن من الزمان لم يتركوا أرض المواجهة ولم يتولوا يوم الزحف ولقد تصدوا للإمبراطورية البريطانية ثلاثين عاما وهم لا يزالون يتصدون للكيان الصهيوني من 70 عاما وأنهم يعرفون أنهم يتصدون للإرادة الأمريكية، ورغم أنهم في معظم معاركهم وحدهم الآن لن يخونوا الأمانة.. وليكن واضحا واضحا واضحا أن فلسطين التي كانت تسمى فلسطين هي مازالت فلسطين في الجغرافيا وفي ضمير أبنائها وأحبابها.. تزول الدنيا ولا تزول من ضمائرهم وتضيع كل الدروب إلا درب الكفاح لتحريرها كاملة رغم الأمريكان والخونة والجبناء والمهزومين والجهلة.. والله غالب على أمره.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!