-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

كلام الشمال عن الجنوب

عمار يزلي
  • 963
  • 3
كلام الشمال عن الجنوب

منذ مدة، صار وزراء حكومتنا في معظمهم يشتكون إما من نقص الذاكرة أو من اللوثات اللسانية، مما يدل على شيئين: إما إنهم أشرفوا على “الهرم”، ولا يزالون يتحدثون باسم الشباب وعنه، وإما إنهم لم يعودوا يجدون ما يقولون، فيقولون عكس ما قالوه سابقا أو يقولون ما لا يفعلون. الوزير الأول عندما يقول إن البطالة منتشرة في الجزائر من عين قزام إلى حسين داي. هذا الاعتراف هو عين الحقيقة، إنما ما كان عليه أن يقولها في هذا الظرف ردا على الاحتجاجات في الجنوب بشأن البطالة، لأن قولها اليوم، هو من قبيل جلد الذات، فهو مسؤول عن هذا الوضع لأنه كان، ثم لم يكن، ثم كان ثم كاد أن يكون، ثم كان، ثم هو اليوم هو كائن، وهذا على مدى نحو عشرين سنة.
كلام الوزير الأول، ليس هو الأخير، فقد سبقه آخرون سواء في هذه الحكومة أم سابقاتها في الإدلاء بتصريحات أو كلام عرضي يتناقض مع سلوكاته أو أقواله السابقة بدءاً من سلال مرورا بوزراء قالوا ما قالوا ولم يُعِرهم أحدٌ الاهتمام، لأنهم وزراء هذا القطاع وغدا في قطاع آخر: قطع غيار تتغير ولا يتغير المحرك. وزير الكهرباء، كان أوعد وتوعَّد بأنه لا انقطاع للكهرباء هذا الصيف ولا نقص في التزويد بالطاقة الكهربائية لا في الجنوب ولا في الشمال، وإذا بالعكس هو الصحيح. تصوروا 50 درجة حرارة الجنوب مع انقطاع الكهرباء وكل الجنوب يعيش على المكيفات.. يعني أن تتحول البيوت ومقرات العمل والمتاجر إلى أفران. هذا في الجنوب، في الشمال أيضا انقطاعات وتذبذب في التزود بالكهرباء، لكن لا أحد يقول لوزير القطاع لماذا وعدت وأخلفت؟ لا أريد أن أتحدث عن وعود وزيرة التربية وخلفها وحنثها، لأنها من الكثرة ما يجعلها استثناء.
لهذا، يبدو أن الحديث عن تعديل وزاري أو حتى حكومي صار مفهوما، بل مطلبا اليوم قبل الغد، لكن ليس على طريقة تعويض اليد بالرِّجل والأذن بالعين والفم بالأنف، فنحن بارعون في التدوير والرسكلة منذ الاستقلال، حيث كان الوزير الواحد (دون أي مستوى ثقافي أحيانا)، يمرُّ على كل الوزارات، ويبقى سنوات وزيرا فوق العادة.. السنوية، حتى لا أقول.. الشهرية.
اليوم، نحن في حاجة إلى حكومة تقنوقراطية تشتغل بعيدا عن الحسابات السياسية وبعيدا خاصة عن سلطة المال. صار صعبا اليوم أن يشغل موظفٌ، صغيرا كان أم كبيرا، بعيدا عن سلطة المال، مما جعل الفساد وقلة النجاعة الحكومية تطبع كل الممارسات الإدارية والسياسية، وخير دليل على هذا، فضيحة الكوكايين التي عرَّت كثيرا من الأجهزة ولا تزال تبعاتها وارتداداتها تطال المئات إن لم يكونوا بالآلاف وفي كل القطاعات.. تغييرا أو نقلا أو إنهاء مهام أو إحالة على التقاعد.
نحن في حاجة إلى عمليات جراحية حقيقية يكون الجراح فيها مهنيا وشجاعا وإنسانيا أيضا، ليس من قبيل الجراحين الذين إذا ذهب إليهم أحدهم يشكو سيلان الماء من أنفه، يقلب له أنفه إلى أعلى. حتى إذا اكتشف المريض أن أنفه تحول إلى وعاء لجمع مياه الأمطار والوضوء، عاد إليه ليشتكي عيب الجراحة السابقة، فيقرر الجراح أن يقطع له أذنا ويزرعها له فوق الأنف لمنع المياه من التسرب إلى الأنف.. عقلية “الماصو” الذي يبني “كرنيشة” فوف النافذة لئلا يتسرب الماء إلى الداخل.
هذه حالنا.. الله يداوي الحال..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • حيران

    كما قال المثل...من لحيتو بخرلوا...فلم يجني خاوتنا في الجنوب الا سراب البخور و كمثل كل الجزائريين لا يصلهم حقهم من ريع البتر-رول مع أن أجدادهم دافع عن الصحراء و حرروها من المستعمر...و لما طالبوا مرارا و تكرارا بحقهم في العيش الكريم لم يسمع لهم أحد الى أن وصل بهم المطاف كآخر حل مقاطعة حفل غنائي بصورة سلمية فوصفوا بشتى النعوت المسيئة لهم....و لكرامتهم

  • Ayache

    مشكل رياضي هل له من حل؟
    معادلة واحدة ذات ثلاثة مجاهيل تنطبق على أغلب المسؤولين الجزائريين (الفضاء الحقيقي) وهذه المجاهيل تعتبر ثوابت في فضاء الأمم المتحضرة و المتطورة
    X اللغة التي يخاطب بها الشعب السويدي و يتحامل عليها.
    y دينه يقبض سبعين مليون رشوة ليعتمر بها او يحج (كمثال عن جماعة البوشي...)
    z ينهب أموال بلده ليشتري شقة لدى من يعتبره بخياله عدو الامس.
    لتيسير الحل ربما نستعين بمجهول رابع w الشعب الارميتي الذي أرخى الجهل سدوله عليه
    أخي عمار فكر ربما تجد الحل في المنام

  • المخ لص

    عندما تصبح السياسة في بلادنا ضمن حكم الفنون الراقية و تستمد اصولها من تواصل شفاف بين المواطن و المسؤول، عندما تتوج الساحة السياسية برجال لا يحملون عقدة الكبير في مواجهة الصغير، عندما يفهم المسؤول ما هو الفرق بين التشريف و التكليف، عندما تصبح الدمقراطية فعل نمشي به لا عليه، عندما تموت الجهوية و القطاعية و العرشة و القبلية نعيش للوطن برمته. سندرك مدلول هذا النص الراقي الذي كتبته و انت تحمل هم الوطن... شكرا سيدي عمار.