لاليام نفيسة حمود.. المجاهدة التي مارست الطب في معاقل الثورة

لم تنطفئ قناديل البيوت، ولم تخل من الأثافي، ومن مواقعات الوعي والعزيمة، ظلت الجزائر رافعة هامتها بجيل ذهبي تُهاب فيه الأجنّة في أحشاء الحرائر.. نعم إنّها المرأة الجزائرية إبّان الاحتلال الفرنسي، لا مماراة في دورها الناصع، المندرج ضمن أفق أرشيف تاريخي تشهد دفّاته بثقافة أمّة، ليدحض كل ما يمكن أن يعتريه من تأويلات مؤدلجة ورؤى محدودة، لقد كانت ربة البيت، والطبيبة، والصحفية، والمجاهدة، والسياسية، والفنانة؛ كلها أدوار أدّتها بعفوية تتسق ومتطلبات المجتمع.
والنموذج اليوم مع المجاهدة الناشطة السياسية والطبيبة لاليام نفيسة المولودة حمود، التي حمل اسمها مستشفى حسين داي بمدينة الجزائر.
ولدت لاليام نفيسة المولودة حمود في 1924 بالجزائر العاصمة، من عائلة معروفة ميسورة الحال، واصلت دراستها مكللة بالنجاح، وكانت من بين أوائل دفعات تخصص الطب سنة 1944، في جمعية الطلبة المسلمين لشمال إفريقيا.
احتلم عقلها على مظالم الاستعمار وسياساته العنصرية، فحملت على عاتقها هم بلادها، وأمضت عقد الالتزام بالنضال، حيث شاركت في مظاهرات أول ماي 1945 بمدينة الجزائر، وباشرت نشاطها النضالي في جمعية الطلبة المسلمين لشمال أفريقيا، التي تقلدت منصب النائبة فيها سنة 1947، قبل أن تنتخب أمينة عامة لجمعية النساء المسلمات الجزائريات، وبعدها انخرطت في حزب الشعب الجزائري كعضو الخلايا السرية الأولى.
وإلى جانب مهنة الطب، كانت تستغل فرصة كل تجمع نسائي كحفلات الزفاف والختان، لنشر الوعي القومي وتعرف النساء بما يستطعن تقديمه في سبيل تحرير الوطن، رفقة مناضلات أخريات على غرار عزة بوزكري، زبيدة وفريدة ساكر، زبيدة سفير وباية لارات، بالإضافة إلى الاهتمام بمشاغلهن ومحاولة تفعيل دور المرأة الجزائرية في المجتمع، حيث اتصلت بالفدرالية العالمية للنساء لإحياء احتفالية 8 مارس لأول مرة بالجزائر وكان ذلك سنة 1950.
اِلتحقت نفيسة حمود بصفوف جيش التحرير الوطني سنة 1954، وأصبحت رائدة في صفوفه، كما كانت تعالج الجرحى والمرضى في معاقل الثورة، حتى ألقي عليها القبض بالولاية الثالثة سنة 1957، ثم أطلق سراحها قبيل الاستقلال، بموجب عفو شامل أصدرته السلطات، ثم تزوجت الدكتور لاليام الطبيب الرئيسي للولاية الثالثة سنة 1962، وظلت يدها ممدودة لخدمة وطنها، إلى أن وافتها المنية في 2002 عن عمر يناهز 78 عاما.