“لا تجعلوا من الحمقى مشاهير”.. حرب ضد إباحية المؤثرين
أطلق رواد منصّات التواصل الاجتماعي في الجزائر، حملة “فيسبوكية” تحت عنوان: “لا تجعلوا من الحمقى مشاهير”. وتهدف إلى حث الشباب على تجنب متابعة المؤثرين والمؤثرات الذين باتوا يروجون للانحلال الخلقي في المجتمع، ويدفعون الشباب نحو الرذيلة بمختلف صورها. ودعت الحملة روّاد التواصل الاجتماعي إلى مُتابعة أشخاص وصفحات ذات فائدة، وهُم كثر على مختلف المواقع الرقمية.
يعيش مجتمعنا ومع تطور الولوج إلى الإنترنت من مختلف الفئات، تدهورا قيميا ملحوظا وانتشارا لسلوكيات وأخلاقيات بعيدة عن مجتمعنا المسلم المحافظ. بعدما ظهر بما يسمون أنفسهم مؤثرين ومؤثرات يظهرون على مختلف منصات التواصل الاجتماعي، وهم يقدمون محتوى غير أخلاقي ويتيح الاباحية للشباب. وظهر تأثيرهم في مجتمعنا من خلال ما بتنا نرصده من سلوكيات غريبة في مُجتمعنا، ومنها انتشار الطلاق لأتفه الأسباب، نشر فيديوهات مُخلة، انتشار الأغاني الهابطة المروجة للخيانة الزوجيّة وتعاطي المخدّرات، انتشار السّب والشتم على الإنترنت.. وغيرها كثير.
وللتحكم في هذه الظاهرة السّلبية، أطلق روّاد التواصل الاجتماعي، حملة فيسبوكية حملت شعار “لا تجعلوا من الحمقى مشاهير”، وحملة أخرى بعنوان “أبلوكي التفاهة..” هدفها حجب أصوات كثير من المؤثرين والمؤثرات أصحاب التأثير السلبي في المجتمع.
وتفاعلت مع الحملة عشرات الصفحات الإلكترونية، التي أعادات نشر الهاشتاغ على نطاق واسع ليصل صداه إلى الجميع، داعين إلى إلغاء متابعة هذه الفئات على جميع منصات التواصل الاجتماعي وعدم التفاعل مع منشوراتهم وفيديوهاتهم، مؤكدين أننا لسنا في وقت الحمقى، بل هو وقت الجدّ.
مؤثرون في السّجن بتهم مختلفة
وتزامنت هذه الحملة، مع الأحداث الأخيرة والمتعلقة بإلقاء القبض على مؤثرين ومؤثرات مُتورّطين في جرائم مختلفة، فإحدى المؤثرات الجزائريات والتي لا يزيد عمرها عن العشرين سنة، ألقي عليها القبض بتهمة حيازة واستهلاك المخدرات، بعدما ضبطتها مصالح الأمن في مطار الجزائر قادمة من وهران وهي تخفي كمية من المخدرات.
واعترفت المعنية في التحقيقات القضائية بأنها تحوز المخدرات لتستعملها شخصيا وليس للمتاجرة بها..! وهذه المؤثرة كان يتابعها عشرات الآلاف من الشباب والمراهقين، ويتلقون منها النصائح على الإنترنت!
مؤثرة أخرى لا تتجاوز الثلاثين من عمرها، أقدمت على ضرب شرطي وهي في حالة سُكر، وأخرى تورطت في حرق أوراق نقدية، وذلك خلال بث مباشر لاحتفال مع صديقها. ورابعة ورغم أنها محجبة ومقيمة في قرية محافظة بإحدى الولايات، تفاجئ متابعيها كل مرة بنشر فيديوهات “إباحية جدا” لها، وهي متورطة في فضائح أخلاقية، ومع ذلك فمتابعوها وصلوا المليون شخص على حسابها بمنصة أنستغرام.
الترويج للطلاق وتشجيع الفتيات على نزع الحجاب
وزيادة على نشر بعض المؤثرين والمؤثرات، لفيديوهات تتضمن كثيرا من السب والشتم والكلام غير الأخلاقي، تبقى أخطر الظواهر التي بتنا نرصدها وروّجت لها هذه الفئة، هي الترغيب في الطلاق والتحرر وتشجيع المرأة على السفر بدون قيود ولا محرم، وعدم احترام عدة المطلقة ولا الأرملة وتشجيع الفتيات على نزع الحجاب.
فكثير من المؤثرات الجزائريات على “السوشل ميديا” أظهرن فرحتهن بطلاقهن لمتابعيهن، وشرعن في نشر صور وفيديوهات لإظهار الحرية التي بتن يتمتعن بها وهن مطلقات. وغالبيتهن لا يحترمن عدة المطلقة، بحيث يظهرن ويسافرن مباشرة بعد الطلاق، والأمر نفسه لاحظناه على مؤثرات توفى عنهن أزواجهن، بحيث لم يحترمن مدة العدّة إطلاقا.
أما المؤثرون الرجال فكثير منهم تفوقوا على النساء في نشر الرذيلة في المجتمع، فجميع محتوياتهم على صفحاتهم الرقمية، عبارة عن تشجيع الشذوذ والتحول الجنسي، والترويج لملابس وقصات شعر يحرمها ديننا الإسلامي، الترويج للماسونية، التشهير بالمعاصي.
نساء تطلقن تأثرا بالمؤثرات الرقميات..!
وفي موضوع ذي صلة، خرج بعض الأئمة يحذرون من ظاهرة تأثر نساء متزوجات بما تقدمه بعض من يطلقن على أنفسهن مختصات في التنمية البشرية والأسرة، واللواتي بتن يحرضن النساء على التحرر ويقدمن نصائح خاطئة حول كيفية التعامل مع الأزواج، وذكر أحد الأئمّة أنه حضر ثلاث جلسات طلاق بسبب هذه الظاهرة، رغم أن الأزواج كانوا يعيشون في سعادة.
ويؤكد الأزواج أن سبب طلاقهم راجع لتأثير مواقع التواصل الاجتماعي على حياتهم وزوجاتهم، بسبب نشر كثير من المؤثرين عبر الإنترنت لأدق تفاصيل حياتهم الأسرية ومظاهر الرفاهية والتحرر التي يعيشونها.
وانتشرت عبر الإنترنت ظاهرة نشر المؤثرات لحفلات زفافهن، بأدق للتفاصيل، مظهرات البذخ والإسراف في الحفل، رغم أن تكاليف أقامة حفلاتهم هي مجانية لا يدفعن فيها فلسا، وإنما هي عبارة عن إشهار لمؤسسات وأشخاص لا غير، ومع ذلك تتأثر بهن الفتيات.
مؤثرون ينشرون سعادة “وهمية” ورفاهية “كاذبة”
ويؤكد الأئمة أن المجتمع الجزائري، يتعرض مؤخرا لأكبر حملة تفكيك للأسر، وهي حملة منظمة جداً من جهات تسعى لغسيل مخ الشعوب، معتبرين أن غالبية من يظهر على منصات التواصل مستعرضا سعادته “الوهمية”، هم أشخاص فاشلون في حياتهم الحقيقية، ويريدون من الجميع أن يفشلوا مثلهم، وأن تتحطم أسرهم.
وفي الموضوع، رأت المُختصة في علم الاجتماع والديموغرافيا، جميلة شطيطح، أن تطور استخدام شبكات التواصل الاجتماعي ساهم في ظهور المؤثرين الرّقمييّن، الذين استقطبوا ملايين المُتابعين لمُحتوياتهم.
وبحسب تصريحها لـ”الشروق”، فإن هؤلاء “المشاهير” باتوا ينشرون حياتهم اليومية بأدق تفاصيلها ويروجون لآراء وأفكار وسلوكيات، التي تحفظ في المخيال والمخزون السلوكي لمتابعيهم ويتبناها كثير منهم، حتى ولو كانت سلوكات خاطئة وبعيدة عن قيم مجتمعنا.
وتعتبر شطيطح أن كثيرا من المؤثرين والذين باتوا مشاهير حاليا، يؤثرون بطريقة “سلبية” ويروجون للتفاهة، واصفة الأمر بـ”المقلق والمخيف”، لأنه ساهم بشكل كبير في انهيار منظومة القيم والأخلاق بالمجتمع، عن طريق نشر الرذيلة والفساد الأخلاقي.
وتحدثت المختصة عن مساهمة هؤلاء المؤثرين في نتشار موجة الطلاق بالجزائر ونزع الحجاب بين الفتيات، وإقامة الحفلات الصاخبة والمختلطة، وتغيير مفهوم الأعراس التقليدية.
وصفت المُختصّة هذا السلوك بأنه غياب للوازع الديني وعدم احترام قدسية الزواج والأسرة، داعية إلى تحرك السلطات القضائية لردع هذه الفئة “الخطيرة” على مجتمعنا.