-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“لا تغضب ولك الجنّة”

الشروق أونلاين
  • 5664
  • 2
“لا تغضب ولك الجنّة”
الأرشيف

يتداول الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعيّ مقطعا مؤثّرا، يتضمّن مشاهد تمثيلية لفكرة أطلقها بعض الخيّرين في دول إسلامية عدّة ودعوا إلى تعميمها، تعتمد على كتابة حديث النبيّ صلى الله عليه وآلم وسلّم: “لا تغضب ولك الجنّة” على بطاقات تُهدى مع الابتسامة إلى كلّ من يصادَف غاضبا يخاصم أخا من إخوانه المسلمين.. وهي فكرة جيّدة تؤتي ثمارها بإذن الله، لأنّ المسلم مهما كانت أخطاؤه ومهما بلغ في غفلته عن دينه، فإنّه ما أن تقع في يده كلمة مثل هذه قالها حبيبه المصطفى -صلّى الله عليه وسلّم- ترغّبه في الجنّة، حتى تخبو نار غضبه، ويفيء إلى رشده.

لعلّنا نحن الجزائريين خاصّة أحوج ما نكون إلى أمثال هذه الأفكار، وإلى شباب خيّرين ينشطون لتعميمها، خاصّة في شهر رمضان، حيث تبلغ فورة الغضب عند بعض الصّائمين مداها، خاصّة بين المدخّنين ومتعاطي النّشوق، وفي ساعات المساء.. في الطّوابير أمام المحلاّت ترى نيران الغضب تضطرم ومعها يتطاير شرر السبّ والشّتم والكلام الفاحش، وفي الإدارات تسمع ما يصمّ الآذان من الملاسنات التي أصبحت من يوميات رمضان بين الموظّفين المتثاقلين في أداء واجباتهم النّائمين على مكاتبهم من جهة، وبين المواطنين المستعجلين للعودة إلى الأسِرّة من جهة أخرى، أمّا في الأسواق فتبلغ فورة الغضب عند بعض التجار والباعة مدًى تشهر فيه السّكاكين والمديّ والخناجر والعصيّ، وتصل الملاسنات والخصومات إلى حدّ إزهاق الأرواح في بعض الأحيان، وفي وسائل النّقل والطّرق العامّة، ترى وتسمع ما يذوب له القلب كمدا من السبّ والشّتم وكلمات الفحش، بل يصل الأمر في كثير من الأحيان إلى سبّ الخالق -جلّ وعلا- في عزّ رمضان!.

أمّا في البيوت، فإنّ الغضب كثيرا ما يفعل فعلته ببعض الآباء الذين يتحوّلون إلى وحوش كاسرة، ويعتدون على زوجاتهم وأبنائهم وبناتهم، بالسبّ واللّعن، والضّرب الذي ربّما يصل ببعض الأزواج إلى قتل زوجاتهم أو فلذات أكبادهم لأجل نومة أو وجبة، وبأزواج آخرين إلى تطليق زوجاتهم لأتفه الأسباب!.

إنّ هذا الواقع الذي أصبح سمة بارزة لبعض الجزائريين في رمضان، يدلّ على أنّهم ما عرفوا لهذا الشّهر قدره، وما همَّهم أن يتحرّوا حقيقة الصّيام ولبّه؛ تصوم أفواههم عن الحلال من الأطعمة والأشربة، وتفطر قلوبهم على الغلّ وألسنتهم على السبّ والفحش وأيديهم على البطش بإخوانهم.

رمضان فرصة سانحة، يتذكّر العبد المؤمن في أيامه أبواب الجنّة المفتّحة، ويتذكّر باب كظم الغيظ، ويجاهد نفسه على الحلم وسعة البال والصّفح، رجاءَ أن يكون ممّن يُدعون يوم القيامة من هذا الباب، مستحضرا الأجور العظيمة لكظم الغضب والغيظ، يقول المولى جلّ وعلا: ((وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين))، ويقول جلّ شأنه: ((فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُون)). ويقول نبيّ الهدى -صلّى الله عليه وآله وسلّم- موصيا أبا الدّرداء –رضي الله عنه- وكلّ مسلم يريد أن يشتري جنّة عرضها السّماوات والأرض بجرعة غضب يتجرّعها، يقول: “لا تغضب ولك الجنّة”، ويقول عليه الصّلاة والسّلام: “مَن كظم غيظا وهو يقدر على أن ينفذه، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيّره في أيّ الحور شاء”.

العبد المؤمن الذي يرجو ما عند الله، لا يُتابع نفسه في حظوظها الفانية، وإنّما يسعى لعلاجها بما ينفعها في العاجلة والآجلة، فيستعيذ بالله من الشّيطان الرّجيم كلّما حدّثته نفسه بالانتصار والانتقام، ويذكّرها بأنّ الرّفعة والعزّة ليست بردّ السيّئة بأختها وإنّما في التّرفّع عن المشاحنات والملاسنات التي تدلّ على خفّة العقول ومرض القلوب، ويستعيذ بالله من شرّ نفسه ومن شرّ الشّيطان، ((وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم)). فإن ذهب عنه الغضب ونزغُ النّفس، وإلا جلس، لقوله صلى الله عليه وآله وسلّم: “إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع”، وإن أمكنه أن يتوضّأ توضّأ لقوله عليه الصّلاة والسّلام: “إنّ الغضب من الشّيطان؛ وإنّ الشّيطان خلق من النّار، وإنّما تطفأ النّار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضّأ”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • بدون اسم

    سبب هذا الانحلال وهذا الفساد وهذا العبث ، هو دعوة المظلومين الذين سجنوا في صحراء رقان ووووووو ، كل أبناء الانقلابيين 1992 مفسدون وفاسدين، أباؤهم يعانون المرض المزمن والأرق والكوابيس ولا يهنؤون أبدا ، وأبناؤهم ديوثين مخنثين وكانهم قردة خاسئين .

  • بدون اسم

    هذا الحديث الشريف اعتقد انه لاينطبق على هؤلاء الخلف الفاسد والمنحل ...