-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لبنان.. وطن حملوه أكثر مما يحتمل

لبنان.. وطن حملوه أكثر مما يحتمل
ح.م

وطنٌ فُتحت أبوابه عنوة أمام قاطرة الأزمات، لم يجد نظاما حاكما له من القوة على غلق أبواب التسلل، حتى أضحى وعاءً لاستيراد صراعات الشرق الأوسط، وإشعال فتيلها في مواسم الجدل والخلاف المتجدد بحلول معلقة.

حمّلوه وحده، وهو القاصر، الفاقد لمستلزمات القوة، أعباء القضية الفلسطينية، وجعلوا من أرضه جبهة المواجهة الوحيدة في الصراع العربي– الإسرائيلي، عندما غلقوا كل الجبهات الأخرى، واكتفوا بدور إعلامي، أجادت القصور الرئاسية صياغة رسائله المخدِّرة للرأي العام المتوثب لفعل نضالي يعيد الحقوق المسلوبة لم يتحرك ساكنه.

لم يتحمل أحدٌ مسؤولية الصراع القومي غير لبنان، سواء كان راغبا أو غير راغب، فلا قدرة له على فرض شرط تقاسم الأعباء بين دول تلتزم باتفاقية الدفاع العربي المشترك، اتفقت على حصار منظمة التحرير الفلسطينية بفصائلها المقاتلة في العاصمة بيروت، بينما كانت جبهة المواجهة في الجنوب اللبناني مغلقة بـ”جيش لبنان الحر” بمثابة الجدار العازل عن الأراضي العربية المحتلة.

حروبٌ أهلية جعلت البشر وقودا، وصراع عربي– عربي يستنزف قدرات المقاومة الفلسطينية في لبنان قبل أن تجبر على مغادرته بعيدا عن جبهات المواجهة مع “إسرائيل” التي فرضت شروط غزوها عام 1982، لتترك وراءها جيشا سوريا يهيمن على مفاصل البلاد، دون الدفاع عنها أمام أي غزو عسكري “إسرائيلي”، مهد لتغلغل إيراني بديل برفع شعار المقاومة ويؤسس لوجود قاعدة عسكرية- سياسية تمثلت في “حزب الله” الذي أضحى ذراعا لـ “ولاية الفقيه” احتوى كيان الدولة بكامل سلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية.

احتواء لبنان من قبل “ذراع ولاية الفقيه” جعلته معزولا عن محيطه العربي، ومعزولا عن المحيط الدولي العام، بعد وضع دول كبرى “حزب الله” في قائمة “التنظيمات الإرهابية”، فدخل في أزمة اقتصادية خانقة، أدَّت إلى إعلان إفلاسه، مع إعلان عجزه عن تسديد الديون المترتبة عليه، فجَّرت أكبر انتفاضة شعبية.

انتفاضة شعبية فجّرها الشعب اللبناني، محمِّلة “حزب الله” مسؤولية الكوارث التي تضرب لبنان وجعله مجرد ولاية خاضعة لإيران، فرضت عليه العزلة والمجاعة، وجرَّدته من سيادته الكاملة، انتفاضة امتدت في أرجاء البلاد، جعلت الوجود الإيراني عبر ذراعه المسلح في مواجهة الشعب اللبناني بجميع طوائفه وشرائحه تأذن بقرب نهايته في ظل العقوبات العالمية التي تحاصره وتحاصر حاضنته الأم إيران.

أزمة تتصاعد عزَّزها انفجار مرفأ بيروت المثير، كاشفا عن ضعف أجهزة الدولة التي يحتويها حزب الله الذي أباح كل الأماكن في تعزيز وجوده العسكري بما فيها الأماكن ذات الوظائف المدنية، فهذا الانفجار الذي دمَّر نصف العاصمة بيروت وأصاب المئات بين قتيل وجريح حدث وفق معلومات أولية في عنبر مخصَّص لتخزين أسلحته والمواد اللازمة في صناعة المتفجرات، مع اعتراف رئيس وزراء الحكومة اللبنانية بتخزين 2700 طن من نترات الأمونيوم في أحد مستودعات المرفأ منذ ست سنوات.

كارثة وصفها رئيس الوزراء السابق سعد الحريري بأنها “استهدافٌ مقصود”، واعتبرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنها “هجوم بقنبلة ما”، ونفت “إسرائيل” علاقتها بانفجار مرفأ بيروت، و”حزب الله” نفسه لم يتهم “إسرائيل” كعادته، ولمَّح رئيس لبنان بأنه “إهمالٌ إداري” مما يُبقي الحادث المروِّع مفتوحا على كل الاحتمالات التي ستكشف عن الفاعل الحقيقي.

وأيًّا كانت الاحتمالات فأنَّ مستقبل “حزب الله” بات على المحك، ولحظة الاستفاقة من صدمة “مرفأ بيروت” ستضعه في قفص الاتهام، فهي التوقيت الأنسب لقطع الذراع الإيراني الذي حمَّل لبنان أكثر مما يحتمل على مدى ثلاثة عقود.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • نمام

    عندما نسمع الترامب بانه سيعجل التفاوض بينه و بين ايران و كوريا الشماليةوان دخوله الشرق الاوسط خطا وسينسحب ويركز على الباسفيك مما يعني ان ايران ستدخل النادي النووي وهذا يعني السعودية و مصر اضرق اوسطجديد وتصبح اسرائيل دولة كيان تخضع لتوازنات الدولية وردعها النووي في الادراج مما يثير هاجسها ولذا تسعى لاشعال المنطقة و الهجوم علي ايران التي تسير الحدث بحكمة رغم التفجيرات الداخلية و بيروت وتعلم انها وراءالوراء ولم يبق لها الا الاستفزاز للشعب الايراني كفتيل للمواجهة ما دام ترامب اليوم يدللها وان نجح فاقواله ستتركها لاستراجيات و توازنات عالمية جديدة هل نقر با الضربة اللبنانية اسرائلية ترامب قالها

  • محمد

    إذا قرأنا ماحدث لقوم لوط وقوم التبع وغيرها من الأمم السابقة وجدنا أن عذاب الله شديد على المفسدين.الكيان اللبناني مثل إسرائيل أنشئ من طرف الاستعمار بمباركة العرب الفاشلين الذين تعاونوا على تفكيك الدولة العثمانية كما يفعلون اليوم بزعامة حاكم مصر.لقد ساعدوا على تكوين بلد لا ينتج حتى طعامه بل يسمح لهم بتلبية طبائعهم الفاسدة فصار موطن الخونة واللصوص الذين أقاموا فيه الملاهي الليلية وما يحدث فيها من مجون وبؤر التجسس على بعضهم البعض لخدمة أعداء الأمة بكاملها.ليس لبنان من تتربص به الدوائر وتونس ليست ببعيدة عنا وكذلك كل من فتح وطنه للسياحة الخارجية للانفتاح على الخارج.هل نسينا ما يجري بالمغرب الأقصى؟

  • ELrahabi Sami

    سامي
    لا تعليق على المقال، يبدو كاتبه قلم من أقلام مجموعة 14 آذار/مارس وحاضنتها التي جلبت للبنان والمنطقة برمتها الويلات والمصائب والوقائع تشرح ذلك ، فلبنان كبيرا بوعيه وليس قاصرا ، يكفيه فخرا انه رفع منسوب الكرامة العربية بشعبه وجيشه ومقاومته، في هذا الزمن الرديء زمن الذل والخنوع والانبطاح
    عشت لبنان حرا سيدا أبيا.

  • محمد

    على الشعب اللبناني قطع كل شيء مع حزب الله و إيران لان الشعب هو الضحية والبدء من جديد لتكوين لبنان جديدة بعيدة على اي ارهاب يزعزع استقرار البلاظ