لجنة لمراجعة وتحيين البرامج والحسم في وصاية وزارة التعليم العالي قريبا

كشف مدير المدرسة العليا للفنون الجميلة، طرشاوي بلحاج، في حوار مع “الشروق” عن تفاصيل استلام الوصاية البيداغوجية النهائية من طرف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، كما أكد أن حل المشاكل البيداغوجية للمؤسسة يعد من أبرز أولويات الإدارة قبل انطلاق الموسم الدراسي المقبل.
بصفتكم مديرا جديدا للمدرسة، ما هي الاستراتيجية التي سطرتموها لحل المشاكل التي تتخبط فيها المؤسسة في السنوات الأخيرة؟
أغلب المؤسسات التعليمية تعاني من مشاكل. وهذا أمر بديهي بالنظر إلى المسؤولية الموكلة إليها، والمدرسة العليا للفنون الجميلة تسير تحت وصايتي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة الثقافة والفنون، وهي تضم أزيد من 300 طالب، بالإضافة إلى 100 موظف و30 أستاذا، وأنا بصفتي مديرا جديدا على رأس المؤسسة، وضعت سلما للأولويات ورتبت المشاكل بحسب أهميتها، وأول نقطة ركزت عليها أكثر هي المشاكل المتعلقة بالتكوين البيداغوجي وتفاصيله كالامتحانات والدروس والاحتياجات البيداغوجية للطلبة، بالإضافة إلى القانون الأساسي للمؤسسة الذي نتجت عنه الكثير من المشاكل، لذا، اعتمدنا على دفتر الشروط الذي وضعته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ونحن في تواصل دائم معها لتجسيد مختلف التعديلات في انتظار استلام الوصاية البيداغوجية النهائية مع بداية الموسم الجامعي القادم.
وهناك أيضا أولويات مكملة، متمثلة في وضعية الأساتذة التي تستدعي إعادة النظر من أجل التحسين من مردوده في العمل، وبالمقابل، علينا الأخذ بعين الاعتبار نقص الأساتذة بسبب إحالة الكثير منهم على التقاعد، ولهذا، فنحن أمام تحدي إيجاد البديل لتعويضهم بحسب التخصص وتحديد صيغة قانونية لإيجاد طريقة تعاقد تسمح بالاستعانة بخبرتهم لفترة أطول، في ظل النقص الكبير في أساتذة الفنون على مستوى المؤسسات الجامعية.
اشتكى الطلبة مؤخرا من بعض المشاكل التي أثرت سلبا على مردودهم الدراسي، فهل تم حلها؟
سبق وأن ذكرت أن المشاكل البيداغوجية من بين الأولويات التي عملت رفقة الإدارة على حلها منذ التحاقي بالمؤسسة، حيث قمنا بعدة اجتماعات في هذا الشأن، ودرسنا مختلف الملفات المتعلقة بالمنحة وتصنيفها بحسب الأحقية، ليتم صبها للطلبة مباشرة بعد استلام الميزانية، أما مشكل الإيواء فقد طرحناه على وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، التي أبدت تعاونا كبيرا في هذا الشأن، ونحن بصدد دراسة عدة صيغ لإيجاد حل نهائي لهذا المشكل في القريب العاجل.
في ظل التطور السريع في مجال الفنون، هل اتجهت المدرسة إلى تحيين برامجها؟
حاليا، تعتمد المدرسة العليا للفنون الجميلة على نسخة البرنامج المحينة في سنة 2018، إلا أننا شكلنا لجنة مصغرة لإعادة النظر في البرامج ومراجعتها وتحيينها مع الأخذ بعين الاعتبار نظام التعليم كالـ “آل. آم. دي” والنظام الكلاسيكي بالشكل الذي يعود بالفائدة على الطالب والمنظومة على حد سواء.
كيف تسهم المدرسة في مرافقة خريجها في سوق الشغل؟
مهمة المدرسة الأساسية هي التكوين، فهي تضمن تقديم الجوانب النظرية والتطبيقية للطلبة وفق برنامج دراسي مضبوط يسمح لهم بولوج سوق الشغل مباشرة بعد التخرج، كما أن تكوينهم يجعلهم مطلوبين لتنفيذ بعض المشاريع حتى خلال دراستهم وهذا دليل على قدراتهم العالية في مجالات تخصصهم، مما يسمح لهم بتعبيد الطريق أمامهم لما بعد التخرج، كما أن الدولة الجزائرية تمشي وفق توجه يخدم فئة الشباب بالأهمية الواسعة التي توليها لإنشاء المؤسسات الناشئة التي تعتبر خطوة مهمة في دخول سوق الشغل، والحمد لله، أصبحنا نرى نتائجها في الواقع عبر تجسيد العديد من المشاريع التي منحت فيها الأولوية لأصحاب هذه المؤسسات من الشباب دون اللجوء إلى الأجانب، كتزيين الفضاءات العمومية، وتصميم الواجهات والمشاركة في التظاهرات الوطنية والدولية، كما أصبحنا كمؤسسة نستفيد من خبرة هؤلاء الخريجين ومؤسساتهم الناشئة في تقديم الخدمات لنا في الكثير من المرات.
هل أثرت هجرة خريجي المعاهد الفنية إلى الخارج على نقص المؤطرين؟
طبيعة التكوين في المعاهد والجامعات الفنية تعطي مساحة أكبر للإبداع، في ظل مشكل “الشهادة” ومعادلتها، وهو ما يدفع بالمتخرجين إلى التوجه نحو الجامعات الأجنبية، لمزاولة دراستها ودخول سوق الشغل، لكن نحن متفائلون خيرا بتقدم مشروع معادلة الشهادة وفتح فرع الدكتوراه كخطوة قطعت أشواطا لا بأس بها، وسترى النور قريبا. وبالتالي، سيتم القضاء نهائيا على هذا المشكل مما سيسهم في توفير جيل جديد من المكونين من خريجي المدرسة.
إلى أي مدى يمكن أن تسهم اتفاقيات الشراكة بين المدرسة ومختلف المؤسسات في دعم الطلبة وحتى المتخرجين؟
تبقى المدرسة العليا للفنون الجميلة محط أنظار الكثير من المؤسسات العمومية والخاصة نظرا لما تقدمه من تكوين ثري، لذا، نسعى دائما إلى الانفتاح على الأوساط الاجتماعية والساحة الثقافية، ولهذا تبقى أبوابنا مفتوحة لكل الاقتراحات التي تفيد الطلبة، وقد سبق وأن أمضينا العديد من الاتفاقيات سواء مع السفارة الإيطالية بالجزائر، بالإضافة إلى مشروع توقيع اتفاقية مع سفارة “التشيك” والعديد من المتاحف والجامعات في المستقبل القريب لفتح المجال لتعاون مشترك يعود بالفائدة على الطرفين.
مع اقتراب نهاية الموسم الدراسي الحالي، كيف تجري الاستعدادات لاستقبال الدخول الجامعي المقبل؟
كخطوة أولى لاستقبال الموسم الجامعي المقبل، سطرت المدرسة العليا للفنون الجميلة برنامجا للتعريف أكثر بالمؤسسة ونوعية التكوين فيها وذلك من خلال المشاركة في العديد من الأبواب المفتوحة على التكوين خلال شهري افريل وماي، حيث شاركنا مؤخرا في فعاليات الأسبوع الوطني الإعلامي والأبواب المفتوحة على التوجيه المدرسي والمنظم من طرف وزارة التربية الوطنية، بحضور وزيرة الثقافة والفنون، ووزير التكوين والتعليم المهنيين ووزير الاتصال، ومشاركة مدراء مراكز التوجيه المدرسي والمهني، ومستشاري التوجيه والإرشاد المدرسي والمهني وممثلي القطاعات، وذلك بهدف تقديم التفاصيل حول التكوين الذي تقترحه المدرسة العليا للفنون الجميلة والشهادة الممنوحة للمتخرجين والبرنامج الدراسي المعتمد لتقريب المؤسسة من الشباب خاصة المتمدرسين في الطور الثانوي والمقبلين على اجتياز شهادة الباكالوريا.
بعد استحداث ثانوية خاصة بالفنون، هل هناك معايير جديدة خاصة للالتحاق بالمدرسة؟
على العموم تبقى المعايير المعتمدة للالتحاق بالمدرسة العليا للفنون الجميلة نفسها، بالمقارنة مع السنوات الماضية، التي تتمثل في ضرورة الحصول شهادة البكالوريا واجتياز امتحان القبول المبرمج بتاريخ 11 و12 سبتمبر القادم، لكننا نحبذ طبعا التحاق عدد هام من طلبة الثانوية الفنية بالمدرسة خاصة في ظل نوعية التكوين الذي تقترحه الشعب الفنية التي تم استحداثها هذه السنة في مرحلة التعليم الثانوي العام والتكنولوجي بالثانوية الوطنية للفنون “علي معاشي”، حيث سنشهد بداية من السنة الدراسية القادمة 2023-2024 تنظيم أول بكالوريا في شعبة الفنون التي تتكون من جذع مشترك آداب وجذع مشترك علوم وتكنولوجيا، وتستغرق مدة الدراسة فيها سنتين وتميزها أربعة خيارات (الموسيقى، الفنون التشكيلية، المسرح، السمعي البصري)، وهو ما يسهم في خلق قاعدة تكوين مهمة لدى الملتحقين بالمدرسة العليا للفنون الجميلة.
كيف يمكن لثانوية الفنون أن تسهم في استقطاب الطلبة إلى مدرسة الفنون الجميلة؟
التوجيه إلى مختلف الشعب العلمية والتكنولوجية وغيرها ينطلق من مرحلة الثانوي، ومع استحداث ثانوية خاصة بالفنون والتحاق الشباب بها عن قناعة سيسهل من عملية توجيه توجيههم إلى التخصصات الفنية في الجامعة كونهم خطوا الخطوات الأولى في المجال الفني مما سيسمح باتضاح الرؤية أمامهم، على عكس ما كان معمولا به في السابق، حيث كان الطلبة ينتقون تخصصاتهم بعد حصولهم على شهادة البكالوريا، وبالتالي، فإن الثانوية الفنية هي المرحلة المثلى لشق الطريق نحو عالم الإبداع.
سطرتم برنامجا خاصا بشهر التراث، كيف سيتم إشراك الطلبة فيه؟
سيستفيد الطلبة خلال النشاطات المسطرة في إطار شهر التراث من العديد من اللقاءات والمحاضرات المبرمجة من تنشيط أساتذة ومختصين على غرار نجيب فرحات وزبير هلال، كما ستنشط المصممة الإيطالية “باربارا ليمان” محاضرة بعنوان “محاكاة النوعية لتطوير الفكرة النقدية”، فيما سيقدم مصطفى نجاي كتابه الذي يحمل عنوان “الفنون المعاصرة في الجزائر”، وينشط الفنان جمال بوعلي لقاء حول “طريقة الحفاظ على القطع الفنية كموروث”، فيما يقدم توفيق فاضل محاضرة حول “التصميم والفنون الشعبية”.