لصوص محترفون!..

يكون الأمر في غاية من الخطورة، حين تكشف وزارة الداخلية والجماعات المحلية عن إدانة العدالة لأكثر من ستمائة رئيس بلدية بسبب تورطهم في قضايا تتعلق باختلاس المال العام والمتاجرة في الأملاك العقارية والرشاوى واستغلال النفوذ خلال ممارستهم لوظائفهم.
إبراهيم قارعلي
لا شك أن الثراء الفاحش الذي يتم بواسطة الطرق غير القانونية وغير المشروعة، يعبر في حقيقة الأمر عن الفساد السياسي الذي ماانفك ينخر الدولة والمجتمع معا، من القمة إلى القاعدة.
وحين لا يرتدع المسؤولون الكبار، من الطبيعي أن يصبح المسؤولون الصغار على دينهم! حين يختفي القانون وتصبح العدالة على الحياد وكأن الأمر لا يعنيها أو لا يعني الدولة التي يفترض فيها أن تسهر على تنفيذ قوانينها.
يعرف الجميع أن رؤساء المندوبيات التنفيذية البلدية الذين خلفوا رؤساء المجالس الشعبية البلدية المنتخبة غداة تعطيل العمل البرلماني، قد اتبعوا سياسة الأرض المحروقة، حيث تحولت البلديات إلى إقطاعيات أو إلى امبراطوريات صغيرة، وفي أسوأ الأحوال تحولت البلديات إلى شركات ذات أسهم أو ذات الشخص الوحيد!
وللأسف، لم يتغير من الوضع شيء بعد ما عادت البلاد إلى المسار الانتخابي، حيث تحول المندوبون المعنيون إلى رؤساء منتخبين، فكان همهم تسوية وضعياتهم غير القانونية والاستمرار في التلاعب بالمال العام، والأكثر من ذلك أن التدهور لم يتوقف رغم انتقال السلطة من حزب إلى آخر، سواء على المستوى المحلي أو على المستوى الوطني.
ترى كيف يكون موقف المواطنين حين يكتشفون أن نصف رؤساء البلديات الذين انتخبوهم عبر التراب الوطني لصوص محترفون! بالتأكيد لا يكفيهم أن يندموا على تلك الثقة التي منحوهم إياها خلال المواعيد الإنتخابية، إنهم لا يبكون لأنهم ضربوا أنفسهم بأيديهم، ولكنهم سوف يضحكون على أنفسهم!!
وما الفائدة من أن تنظم الدولة انتخابات أخرى بعدما تنتهي العهدة الانتخابية، وما الفائدة أيضا أن يتوجه الناخبون بعد ذلك إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم ذات خميس! في الوقت الذي كان فيه من الأجدر أن لا يضيّع الناس وقتهم في هذه الانتخابات، بل من الأفيد أن تحفظ الدولة هذا المال العام الذي سوف تنفقه على مثل هذه الكرنفالات الإنتخابية.
إن المترشحين للانتخابات البرلمانية أو البلدية الذين يشترون رؤوس القوائم الانتخابية، يستحيل عليهم أن يتحولوا إلى منتخبين، لأنهم اشتروا مناصبهم بالمال، يصبح من الهذيان أن نطلب منهم أن يحافظوا على المال العام، ما دام حاميها في كل مرة حراميها!!!