لصوص يستهدفون الدراجات والهواتف والشرطة بالمرصاد في سطيف

تشهد ولاية سطيف، في الآونة الأخيرة، ارتفاعا لافتا في وتيرة السرقات، خاصة مع حلول فصل الصيف الذي يبدو أنه أصبح موسما مفضّلا لدى بعض اللصوص، ممن يستغلون تزايد الحركة والتنقلات واكتظاظ الفضاءات العامة، لاصطياد ضحاياهم في وضح النهار.
السرقات التي تم تسجيلها في مختلف الأحياء لم تعد تقتصر على الممتلكات الثمينة المحمية داخل البيوت، بل امتدت إلى ما هو أخف وزنا وأسهل منالا، على غرار الدراجات الكهربائية والهواتف الذكية، التي أصبحت تمثل هدفا مغريا للجناة، بالنظر إلى سهولة خطفها وسرعة التخلص منها في السوق السوداء.
في هذا السياق، باشرت مصالح الأمن الحضري عمليات متفرقة أسفرت عن توقيف عدد من المتورطين في قضايا سرقة متسلسلة ومتنوعة. وتمكّنت أول أمس، عناصر الأمن الحضري الخامس عشر بسطيف من وضع حد لنشاط ثلاثة شبان تتراوح أعمارهم بين 19 و21 سنة، ثبت تورطهم في سرقة أجهزة كهرومنزلية من داخل أحد المنازل إضافة إلى دراجة مزوّدة بمحرك كهربائي بحي عين موس بسطيف، وذلك إثر شكاوى تقدّم بها المواطنون. التحريات التي باشرتها الضبطية القضائية ارتكزت على الأدلة التي تم رفعها من مسرح الجريمة من طرف عناصر الشرطة العلمية، إلى جانب الاستعانة بالدعم التقني للمراقبة بالفيديو، ما سمح بتحديد هوية الجناة وتوقيفهم تباعا مع استرجاع كافة المسروقات وتسليمها لأصحابها.
من جهته، سجل الأمن الحضري الثالث عشر بسطيف حادثتي سرقة في الطريق العام، استهدفتا هواتف نقالة لمواطنين كانا يهمان بإجراء مكالمات أمام المحطة البرية للمسافرين، حيث باغتهما شخصان مجهولان بخطف الهواتف وفرا، غير أن انتشار عناصر الشرطة بالزي المدني في المنطقة مكّن من توقيف الجناة في حالة تلبس، ليتم اقتيادهما إلى مقر الأمن وتقديمهما لاحقا أمام النيابة المختصة، في وقت تم فيه تسليم الهواتف المسترجعة إلى أصحابها. أما الأمن الحضري الحادي عشر، فنجح في توقيف شخصين متورطين في سرقة دراجة كهربائية من طفل لم يتجاوز العاشرة من عمره، حيث تم توثيق الحادثة في فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي. الواقعة التي هزّت الشارع المحلي دفعت والد الضحية إلى تقديم شكوى رسمية، مرفقة بالمقطع المسجل، وهو ما سهّل على مصالح الأمن تحديد هوية المتورطين اللذين استخدما دراجة نارية لتنفيذ فعلتهما، وتم توقيفهما بعد عمليات تحرّ دقيقة، واسترجاع الدراجة المسروقة.
كما سجلت الجهات الأمنية محاولة سرقة دراجة نارية بحي حشمي، غير أن التدخل الفوري لدورية راكبة لعناصر الشرطة حال دون نجاح العملية، بعد أن تم رصد الجانيين في حالة ترصّد للضحية، ليتم توقيفهما متلبسين واسترجاع الدراجة التي أعيدت لمالكها.
هذه الوقائع المتكررة تعكس نمطا إجراميا متجدّدا يرتكز أساسا على عنصر المفاجأة والترصّد، ويستغل أجواء الحركة المكثّفة التي تميز فصل الصيف لتوجيه ضربات خاطفة ثم الانسحاب في لمح البصر، وهو سلوك بات يتطلب يقظة مزدوجة من مصالح الأمن والمواطنين على حد سواء.
ويرى مختصون في علم الاجتماع أن ارتفاع درجة الحرارة لا ينعكس فقط على سلوك الأفراد العاديين، بل يمتد كذلك إلى سلوك المنحرفين الذين يجدون في الفضاء العام بيئة مثالية للتحرك بحرية وسط الزحام، خصوصا عندما يتسلل الإرهاق إلى المارة بفعل حرارة الجو وكثرة التنقل، فتقلّ لديهم درجات الانتباه، ويصبحون أكثر عرضة للاستهداف من قبل المتربصين ويكون الهدف خفيف الحمل وسهل التسويق، كما هو الحال مع الدراجات أو الهواتف الذكية. ويشير بعضهم إلى أن فئة من اللصوص لا تتحرك بدافع الحاجة فقط، بل بدافع الاعتياد على السرقة، ووجود بيئة اجتماعية تسمح بإعادة تكرار الفعل بعد الخروج من السجن. في المقابل، فإن المجهودات التي تبذلها مصالح الأمن بولاية سطيف تستحق الإشادة، من خلال الجاهزية الميدانية والتفاعل السريع مع بلاغات المواطنين، وذلك لا يغني عن ضرورة التزام المواطن بالحيطة والحذر، وتفادي ترك مقتنياته في أماكن مكشوفة أو استخدامها بطريقة تثير انتباه المتربصين.
وسط هذا المشهد المتغير، تبقى مدينة سطيف بحاجة إلى تكثيف التوعية، وتفعيل آليات المراقبة المشتركة واليقظة لغلق الأبواب أمام من اختاروا السرقة نمطا للحياة.