-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لن يجدوا من يبيع

صالح عوض
  • 2573
  • 0
لن يجدوا من يبيع

في خطابه قبل يومين في المجلس الثوري لحركة فتح، أكد الرئيس الفلسطيني أنه لم يولد الفلسطيني الذي يتنازل عن الثوابت.. وفي رده على دعايات صفقة القرن، أكد أنه لا أحد يستطيع أن يفرض على الشعب الفلسطيني صفقاته.. وكرر في أكثر من ذي مرة موقفا اعتبره الكثيرون متميزا عن خطاب استمر طيلة عقود.

هنا لابد أن يكون واضحا أن الجسم الفلسطيني الذي أثخنته الجراح وحاصرته كل قيود الشر الكونية لم يفقد الروح العنيدة المصرة على الحياة الحرة العزيزة.. وأن الأعداء ولفيفا من الإخوة الجهلة ظنوا أن مناورة ما يمكن أن تُسقط هذا الجسم صريعا بمجرد إعلان عن كلمات على ورق فذهبوا إلى إشغال الإعلام بروايات وفبركات توحي بأن المعركة قد انتهت بتسليم الفلسطينيين بعضا من حقهم لعدوهم.

قرنٌ من الزمان والفلسطينيون في معركة تتعدد أشكالها.. فمنذ نزول قوات الاستعمار البريطاني 1917 أرضَ فلسطين بالتفاهم مع فرنسا وامريكا توطئة لإنشاء كيان عنصري غريب على أرض فلسطين انطلقت موجات الثورات الفلسطينية، وخلال ثلاثين عاما من الثورة المستمرة ضد الانجليز المستعمرين عُلقت أعواد المشانق للوطنيين الفلسطينيين واعتقل آلاف الفلسطينيين ودمرت مصالحهم وحُرموا من اقتناء السلاح فيما أطلقت اليد للعصابات الصهيونية لجلب السلاح من كل مكان وتدفق المستوطنون الصهاينة من الاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية والغربية.. وكانت المؤامرة التي لا يمكن إعفاء البعض العربي منها بتهجير اليهود من بلاد عربية إلى فلسطين لإكمال المخطط الصهيوني.

قرن من الزمان كان نصفه الأخير شاهدا على اندلاع ثورة وانتفاضات واشتباك من مكان إلى آخر، وفي هذه الرحلة لم يكن للفلسطينيين ظهير من العرب بل حروب ومحاصرات ومؤامرات من الأردن إلى سورية الى لبنان الى حيث الشتات الاخير في 1982 مرورا بكامب ديفد الكارثة.. نصف القرن الاخير شهد اعنف جولات الصراع التي استهدفت إخراج الفلسطينيين من يقينهم، وفي هذه المعركة المتشعبة والقاسية ذاق الفلسطينيون مرارة المزايدات الشعاراتية من قبل اصحاب الايديولوجيات المعلبة واجتهدوا ولعل في اجتهادهم بعض الخطأ وبعض الصواب وإن كان ضميرهم يرفضه وروحهم ترفضه لكنهم حاولوا الهروب من النسيان والابتعاد عن الوطن فكانت اتفاقيات أوسلو 1993  بما حملته والتي غرق فيها البعض ظنا انها تمنح العدو حصانة او انها تعطيه اعترافا مجانيا ولم ينتبه البعض ممن سلكوا تفصيلاتها الى ان الضمير الفلسطيني والروح الفلسطينية تقوقعت لكنها لم تمت، سكنت لكنها لم تستسلم.. وان اتفاق اوسلو ما قبله الفلسطينيون ووقعوا عليه الا للخروج الى المواجهة الميدانية ضد الكيان العنصري الصهيوني..

وها هي التجربة تكشف لنا انهم عندما ظنوا ان الوقت حان لإرغام ابوعمار على التوقيع على التنازل عن الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني كان رفضه مدويا وكبيرا دفع ثمنه شهادة مجلجلة.. الامر نفسه يتكرر اليوم.. فأبو مازن الموصوف بالاكثر مجاراة للتسوية والمدافع عنها باستماتة الى درجة ان كثيرا من الفلسطينيين والعرب تشكك يقينهم به كزعيم لحركة تحرر وطني.. ها هو امام الامتحان يقول “لا” كبيرة للتنازل عن القدس وحق العودة وقيام دولة فلسطينية… وتسير الأمور جميعها الآن لإخراجه من مسرح الحياة السياسية من خلال مؤامرات تبحث عن بديل فلسطيني يصلح لمهمة التنازل..

لن يجدوا في فلسطين واحدا يمكنه التنازل عن حق العودة أو القدس، وسيدفع الشعب الثمن باهظا لثبات موقفه.. تولانا الله برحمته.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!