-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لن يربح أحد في سوريا…

لن يربح أحد في سوريا…

كان المُخطَّط الصهيوني التخريبي لتغيير خارطة الشرق الأوسط يرجِئ إخضاع سوريا إلى مرحلة ما بعد استسلام المقاومة في فلسطين، وما بعد القضاء على حزب الله ثم باقي فصائل المقاومة وكل محور المقاومة.
وكان المخطط التركي للتمدد بمنطقة الشرق الأوسط قائما على أساس ضرورة الوصول إلى سوريا قبل الكيان الصهيوني لتحقيق أكبر قدر من المصالح بعد حدوث هذا الأمر.. كما أن الموقف الروسي كان ينتظر هذه اللحظة لتعزيز وجوده في الشرق الأوسط ومَنع الأمريكيين من الاستحواذ بمفردهم على ما يعتبره عمقه الاستراتيجي.
وكان الموقف الأمريكي يراقب الجميع وهو يعلم قدراته العالية على المناورة…
أما الفواعل الغربية والدولية والمحلية الأخرى فكانت تترقب هذه اللحـظة أيضا لِتَتَموقَع بشكل أفضل أو تفوز ببعض الامتيازات…
أي أن الكل كان يُسارع الخطى بأجندته الخاصة المختلفة قبل أن يصل “ترامب” بعد شهر من الآن إلى المنطقة بصفقاته التي لا تقبل الانتظار..
في ظل تضارب المصالح والسياسات هذا، تَعقَّد الوضع في سوريا إلى درجة كبيرة في الشكل الذي نراه…
الكيان الصهيوني رأس حربة المحور الأمريكي الغربي بعد أن يئس من هزيمة المقاومة مع بقاء سوريا وإيران داعمة لها باتت سوريا هدفه المقبل، وتركيا بعدما يئست من إيجاد تفاهم مع الأسد جراء رفضه المستمر اللقاء بأردوغان وهو من يحتل أرضه، أصبحت في حاجة إلى لعب أوراقها الرابحة في سوريا، وأوكرانيا التي أوجعتها ضربات الروس في المدة الأخيرة وجدت في الساحة السورية هي الأخرى ضالتها للانتقام، والكل في عجلة من أمره خائف من ورقة اللاعب الجديد للبيت الأبيض، ويريد أن يَضمن أكبر قدر من الأرباح أو على الأقل تقليل خسائره… لذا بدا الجميع في الصورة التي نراها اليوم مُتكالبين على سوريا وكأن هذا البلد المحوري في المنطقة بات “الفريسة” الاستراتيجية التي يريد كل طرف الفوز بها أو على الأقل الفوز بأفضل قطعة منها… وشهدنا كيف حدثت التطورات بسرعة فائقة على الأرض كدليل على هذا، ساعات قليلة بعد الإشارة الأولى التي تقول باقتراب نهاية معركة طوفان الأقصى خلال وقف إطلاق النار بلبنان.. لا مجال للانتظار، سارع الجميع… كلٌ يستخدم الورقة التي هيأ وأعَدَّ لها هذه سنوات: الجماعات المسلحة! وكل له فصيله أو فصائله ويخفي خططه عن الآخر!
أما باقي المشهد فليس من الواقع في شيء، إخراج إعلامي للتلهية والتعمية بما في ذلك صيحات “الله أكبر”! لا أحد من المتخاصمين يريد الخير للشعب السوري، ولا أحد منهم يريد إعلاء كلمة الله كما يزعمون! أما الحديث عن إرساء نظام ديمقراطي حر في سوريا فهي الكذبة التي يعرف الجميع أنها كذلك ومع ذلك مازالوا يقبلون ترديدها…
هي ذي للأسف الحقيقة لما يجري في هذا البلد المركزي في المنطقة.. الهدف الأساسي لِما يحدث في سوريا، محاولة كسر هذه الحلقة الأخيرة التي مازال بالإمكان من خلالها ربط قوى المقاومة من اليمن إلى فلسطين… والكل يراهن على ذلك ناسين أمرا جوهريا: أن غزة مازالت تقاوم رغم الخراب والدّمار، والضفة الغربية مازالت تسندها، والأسرى في سجون الاحتلال مازالوا صامدين، وحزب الله لم يستسلم ولم يحل، واليمن مازال قادرا على توجيه الضربات، والمقاومة في العراق لن تتردد لحظة لمواصلة ضرب أهداف العدو… بمعنى آخر أن الذي يجري في سوريا اليوم إنما يفترض حدوث عكس هذا، أي التفكك السريع لِعُرى وحدات المقاومة، وهو ما لم يحدث في الميدان… وبالنتيجة أنه حتى في حالة افتراض تحييد المقاومة لفترة من المعركة، فإن الآخرين لن يربحوا في سوريا..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!