-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
في ذكرى وفاة أول رئيس للجمهورية الجزائرية المؤقتة

لهذه الأسباب استقال فرحات عباس من رئاسة المجلس الوطني التأسيسي

الشروق أونلاين
  • 13185
  • 0
لهذه الأسباب استقال فرحات عباس من رئاسة المجلس الوطني التأسيسي

كشفت رسالة استقالة الراحل فرحات عباس، من رئاسة المجلس التأسيسي، أن انسحاب الرجل من المعترك السياسي يومها، كان احتجاجا على التوجه الجديد الذي بدأه أول رئيس للجمهورية الجزائرية المستقلة، ممثلا في شخص أحمد بن بلة، في فرضه على شركائه السياسيين.

  • وبينت الرسالة المحررة بمدينة سطيف والموقعة في 12 أوت 1963، أن القطرة التي أفاضت الكأس ودفعت فرحات عباس للخروج عن صمته هي الكيفية التي تعاطى بها، الرئيس الأسبق أحمد بن بلة، مع مشروع تبني أول دستور للجمهورية الجزائرية المستقلة، والتي قرأ فيها المستقيل انحرافا جسيما عن مبادئ ثورة التحرير المجيدة.
  • هذه الوثيقة التي يمكن أن تتحول اليوم إلى مادة دسمة وموضوع بحوث حول الديمقراطية في كبرى الجامعات العالمية والمعاهد المتخصصة، شرحت بدقة مكمن الداء الذي بدأ ينخر جسم دولة فتية مقبلة على الحياة، أكدت أن طبيعة الأزمة واحدة في الجزائر، محورها فقدان التوازن بين المؤسسات الثلاث، شعارها طغيان التنفيذي على التشريعي، وغياب النقاش الحر والديمقراطي.
  • وضمن هذا المنظور، يقول فرحات عباس “لقد آليت على نفسي كسر جدار الصمت هذه المرة، بعد أن قررت الصمت لمدة سبع سنوات من البطولات والتضحيات، خشية من أن يستغل المستعمر الفرنسي الذي كان بين ظهرانينا، الفرصة“.
  • والسبب الذي دفع الرجل للخروج عن صمته، كما جاء في وثيقة الاستقالة، هي الظروف التي أحاطت بمشروع وضع أول دستور للجمهورية، وهنا يقول فرحات عباس “منذ أفريل 1963 كانت هناك مسودتان للدستور، المسودة الأولى أسندت للإخوة بن عبد الله، مراد أوصديق، حسين المهداوي، والنائبين بن ديمراد وبن غزال اللذين يعملان قنصلين في فرنسا، في حين أن المسودة الثانية عدت إلي، وهما المسودتان اللتان ستعرضان للنقاش قبل عرضهما على المجلس التأسيسي للمصادقة عليها.
  • ويضيف الرئيس الأول للحكومة المؤقتة، أنه في الوقت الذي بدأ فيه النقاش على مستوى لجنة إعداد الدستور، قررت الحكومة وضع مسودة ثالثة خاصة بها، وتابع صاحب الرسالة: “وقبل حوالي شهر من نهاية عهدة المجلس التأسيسي، عمدت الحكومة إلى التأثير على لجنة الدستور، من خلال التشهير لمشروعها في وسائل الإعلام العمومية، وهو الإجراء الذي يتعارض مع القانون، لأن أي مشروع ينبغي أن يحسم فيه على مستوى المجلس التأسيسي قبل أن يتم عرضه على الرأي العام، الأمر الذي عبّرت عن رفضي له بكل قوة – يضيف فرحات عباسإيمانا مني بأن في ذلك إهانة لمجلس سيد“.
  • ومن المؤاخذات اللافتة التي سجلها فرحات عباس على مسودة الحكومة وكانت وراء رفضه لها، قوله بأنهاترسم معالم نظام يجعل من رئيس الدولة، رئيس للوزراء، ورئيس للحزب (جبهة التحرير الوطني).. وليس من الديمقراطية في شيء أن يكون المجلس التأسيسي الوطني (بمثابة البرلمان حاليا) تابع لشخص يعين الوزراء، وعن طريق سيطرته على الحزب يعين أعضاء المجلس التأسيسي“.
  • ومما سبق، يرى صاحب الرسالة، أن “الحوار بين الجهازين التنفيذي والتشريعي يسير في اتجاه واحد، بل يصبح عبارة عن مونولوج، طرفه الفاعل هو الرئيس والطرف الآخر مفعول به”، لكن فرحات عباس يرفض هذا انطلاقا من اقتناعه بأن “الثورة فجرها الشعب من أجل الشعب، وليس من أجل شخص واحد، ويجب أن تبقى في خدمة الشعب بكامله، وإلا غاب التوازن بين السلطات وساد التعسف بينها“.
  • وبأفكار سبقت زمانها في الجزائر المستقلة، يقول فرحات عباس “إن الديمقراطية لا تعني الفوضى، كما لا تعني السلطة الضعيفة، بل تعني الحكومة من الشعب وإلى الشعب.. والديمقراطية تعني دستور يعطي الكلمة للشعب، ويسمح بالنقاش الحر. هذا النقاش الحر يجب أن يكون في إطار المبادئ الوطنية، ويسمح بكشف الأطر المناسبة، التي تثري مؤسسات الدولة.. والدولة التي تصادر فيها الديمقراطية هي دولة ولدت ميتة“.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!