-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لهذه الأسباب الجزائر تنتصر

حسان زهار
  • 1832
  • 9
لهذه الأسباب الجزائر تنتصر

ليس المؤيدون للانتخابات هم من انتصروا، وليس الحراك أو الرافضون للانتخابات هم من انهزموا.. الجزائر الدولة والتاريخ والهوية هي التي انتصرت، وانهزم الأعداء التاريخيون للوطن.

بانتخاب الرئيس تبون على رأس الدولة الجزائرية، بعد حوالي عشرة أشهر من الخوف والشك، وعشرة أشهر من المخاطر والصراع، تكون الجزائر قد حققت معجزة ربانية، بفضل جيشها العظيم، وهي معجزة النجاة من مخطط الإلحاق بثورات الخراب والدم في الوطن العربي، وقد كانت المخططات الشيطانية، كما قالها أحد ساسة التخريب العالمي، تقضي بترتيب الجزائر بعد سوريا لكي يتم تقديمها قربانا على مذبح رقعة الدومينو الدولية.

لهذا تحديدا الجزائر انتصرت، ولم ينتصر أنصار الانتخابات، على الرافضين للمسار الانتخابي، لأن هؤلاء جميعا أبناء وطن واحد اختلفت رؤاهم فقط في كيفية حب الجزائر، بل إني أزعم، أن الذين انتخبوا ساهموا بنصف الانتصار العظيم الذي تحقق، والذين رفضوا وما زالوا داخل الحراك، يرفعون شعارات مطلبية إصلاحية، تخص الحريات والديمقراطية، ساهموا بدورهم في تحقيق النصف الآخر من الانتصار.
الجزائر تنتصر، لأنها تخطت عتبة الفراغ الدستوري، وفوتت الفرصة على المتربصين بها الدوائر، لكي يتدخلوا في الشأن الداخلي، فكانت الشرعية الدستورية التي أصر عليها الجيش، الدرع الصلب الذي ألجم كل الأطماع، وأسقط كل المخططات التآمرية في الماء.

الجزائر انتصرت، لأنها رفضت الدخول في متاهات المراحل الانتقالية، والمخاطر الجسيمة التي كانت ستشكلها، بفتح المجال أمام قوى غير منتخبة، تعينها السفارات الغربية، لكي تقود البلاد إلى صراعات طائفية وعرقية مدمرة، لن ينتهي بها الحال إلا على الطريقة السودانية التعيسة.

الجزائر انتصرت، لأنها رفضت تدمير كل المكتسبات في ضربة واحدة، عبر اللجوء إلى مجلس تأسيسي، تكون فيه للأقليات اللغوية والدينية والإثنية، الدور الحاسم، وحق الفيطو، في ترسيم مستقبل البلاد، وتدمير هويتها، وتحويلها من باديسية نوفمبرية، إلى فسيفسائية مثلية، “يتربب” فيها الشواذ جنسيا على أرض الشهداء.

الجزائر انتصرت، لأنها انتخبت لأول مرة في تاريخها رئيسها بطريقة حرة وديمقراطية، فانتخابات الرئاسة الحالية (12 ديسمبر 2019)، هي تتويج لمسار نضالي بدأه الجزائريون في الانتخابات البلدية (12 جانفي 1990) والتشريعية (26 ديسمبر 1991)، كمحطات فارقة للشفافية التي يناضل من أجلها الجزائريون، ويصرون على أن يبقى الصندوق الانتخابي الشفاف هو الطريق الوحيد للوصول إلى السلطة.

والجزائر انتصرت، ثم انتصرت وانتصرت، لأن قطرة دم واحدة لم ترق في هذه الشهور العصيبة من تاريخ البلاد، ليسجل بذلك الجيش الوطني الشعبي، وقيادته الوطنية، بأحرف من ذهب، تاريخا غير مسبوق في العالم العربي، بل والعالم بأسره، عن جيش يحمي ثورة الشعب، فيرافق سلمية الجماهير في الشارع، ويرافق العصابة إلى السجون.

بقي فقط، أن يثبت هذا الانتصار ويتقوى، بأن يفتح الجزائريون على مختلف توجهاتهم ومشاربهم، ابواب الحوار الحقيقية، وأن يستمعوا إلى بعضهم البعض، وأن تتوقف آلة التخوين الرهيبة عن العمل، ومعها يتوقف التسفيه في الرأي، والتحقير واحتكار الوطنية.

ففي النهاية، الملايين التي توجهت لصناديق الاقتراع، لا يمكن أن يكونوا كما يتوهم بعض المرضى، “خونة” أو “لحاسين” أو “ذباب” أو “كاشريست”، إنما هم جزء أصيل من هذا الشعب، اختار الصندوق كآلية للتغيير وإنقاذ الوطن.

تماما كما لا يمكن اعتبار المقاطعين، مهما كان عددهم، كبيرا أم صغيرا، بأنهم جميعا خونة وحركى وأولاد فرنسا، إنما هم جزء أصيل من هذا الشعب، إذا كان قد فقد البوصلة حينا، فإن ما جمعته يد الرحمن لا تفرقه بالنهاية يد الشيطان.

نعم، الجزائر انتصرت وتنتصر بأبنائها، برجالها ونسائها، بالمؤيدين منهم والمعارضين، بالذين هم في الداخل أو أولئك الذين يتحرقون شوقا إلى وطنهم في خارج البلاد.

نعم.. الجزائر انتصرت وتنتصر، بالحراك العظيم في بداياته العظيمة، وبالحراك الصامد في مساراته الحالية، وبالصندوق الانتخابي الذي أغلق كل منفذ للهزيمة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
9
  • alilao

    ستنتصر الجزائر حقا عندما تنصت السلطة لكل فئات الشعب ولكل مطالبه وليس فقط للقلة المصفقة. تذكروا ما كان يقوله خاشقجي رحمه الله : المواطن الناقد لسياسة بلده أنفع من المواطن الصامت أو المصفق على كل شيء.

  • الشعب

    أي الشعب الجزائري انتصر على نفسه ...

  • Rahma /Italia

    اللهم انصرنا يا ناصر ولا تنصر علينا....

  • مامون

    فهنيئا لكل الوطنيين المخلصين الذين فوتوا الفرصة على اعداء الجزائر وعلى المواطنين الذين لا يرون الا افق ضيق ولم يعتبروا مما حدث ويحدت في دول مجاورة باسم الحرية والديمقراطية الغربية.المفككة للدول والمشردة للاسر.

  • صالح بوقدير

    انتهى التكهن والدجل فالميدان يزكي ماتقول أو ينفيه فالرئيس في المحك فحبل الكدب قصير كما يقال يازهار

  • مقبرة المواهب

    الجزائر ستنتصر يوم تقيم اقتصاد قوي بمنتجاتها التي تجتاح الاسواق المحلية الاقليمية العالمية
    الجزائر ستنتصر يوم تكون لها عملة محترمة و مكاتب صرف
    الجزائر ستنتصر يوم يحكمها الشرفاء ذوي المواهب العدل الهمة والحزم
    الجزائر ستنتصر لما تكون مدارسها و جامعاتها نوعية تنتج العلم الادب و الفنون
    الجزائر ستنتصر لما يكون لها برلمان يشرع للوطن و المواطن , و قضاء يحمي الضعيف و ينصف المظلوم و يعاقب المجرم مهما كانت صفته
    الجزائر ستنتصر بشعبها شبابها بناتها تاريخها اختلافاتها حراراتها تسامحها كرمها انصافها ابتسامتها.

  • HOCINE HECHAICHI

    الانتصار الوحيد هو :
    -اجراء الانتخابات في موعدها وفي ظروف عادية
    -الآن عندنا رئيس حمهورية
    -"الباقي" سيبقى كما كان إلى أجل غير مسمى.

  • عبدالله FreeThink

    لما يجمع الحراك الثاني المخترق قياديا ومن يتبعه بسذاجة من المغررين بهم .. لما يجمعوا " عشرة ملايين" في شوارع البريد المركزي يحق لهم القول بتمثيل الشعب والتكلم بإسمه.

  • عبدالله FreeThink

    لابد من عملية التصفية في كل الإدارات والمراكز الحساسة والمستشفيات والمدارس والشركات ...لابد أن تنطلق القطط لإصطياد العصافير الزرقاء ...قد عاثوا في الجزائر فسادا وأوصلوها إلى الحضيض ويدعون أنهم على درجة عالية من الثقافة والذكاء وهم من أوصلنا إلى أسوء الأحوال ولولا رحمة الله وإرادته وتوفيقه للشرفاء في الجيش والشعب لكانت الكارثة ..التصفية فعلها أردوغان من قبل ضد جماعة غولن ..وفعلها بوتين ضد جماعتي الليبرالية الغربية وعملاء أمريكا وجماعة الشيوعيين والخونة .. وكلا الدولتين نجحتا في الإقلاع وصنع المعجزة ...المعجزة الجزائرية ممكن بعون الله وتوفيقه ، لكن لابد من الحكمة والصبر والمنهجية والوحدة.