-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الأطباء جاهزون والمرضى يعانون..

لهذه الأسباب تعثر زرع الكلى من الموتى دماغيا

كريمة خلاص
  • 4024
  • 0
لهذه الأسباب تعثر زرع الكلى من الموتى دماغيا
أرشيف

ينتظر آلاف المرضى المصابين بالقصور الكلوي الاستفادة من عمليات الزرع والاستمتاع بحياة طبيعية “تفطمهم” عن آلات التصفية التي تقيّد يومياتهم، ورغم أنّ الجزائر كانت أولى الدول مغاربيا في القيام بعمليات الزرع وتحوز خبرة طبية عالية معترفا بها عالميا، إلاّ أن النسب الوطنية للزرع لا تزال غير مرضية وأقل من المعدلات المطلوبة بسبب الاعتماد على الزرع من الأحياء فقط وتعثر سياسة الزرع من الموتى دماغيا..
“الشروق” فتحت الملف مع البروفيسور علي بن زيان رئيس مصلحة زرع الكلى بمستشفى محمد لمين دباغين “مايو” سابقا بباب الوادي وعضو الوكالة الوطنية لزراعة الأعضاء، وتطرّقت إلى مختلف الجوانب المتعلقة بواقع المرض وآفاق التكفل التي تبقى على أبواب الأمل والتفاؤل مفتوحة لغد أفضل…

60 بالمائة من مرضى السكري والضغط مصابون بالقصور الكلوي
أكّد البروفيسور علي بن زيان رئيس مصلحة زرع الكلى بمستشفى محمد لمين دباغين “مايو” سابقا بباب الوادي أنّ السكري وارتفاع الضغط الدموي والتليف الكبدي كلها أمراض تؤدي إلى القصور الكلوي، بمعنى كلما ارتفع انتشار هذه الأمراض كلما ارتفع معها داء القصور الكلوي، حيث إنّ 60 بالمائة تقريبا من هؤلاء المرضى يكون مصيرهم الإصابة بالقصور الكلوي، لذا، يجب العمل على الوقاية من هذه الأمراض ومن أمراض الكلى.
وأضاف البروفيسور بن زيان أن التداوي الذاتي والاستهلاك العشوائي للأدوية الذي يسبب القصور الكلوي واستشهد بأبسط مثال وهو البراسيتامول فتناول 3 غرامات منه باستمرار لمدة 10 أيام يؤدي إلى الإصابة بالقصور الكلوي.
وتحدث المختص بن زيان عن نوعين من أمراض القصور الكلوي وهي القصور الكلوي الحاد الذي يتسبب فيه الحصيات الكلوية والقصور الكلوي المزمن الذي يكون مصير المصابين به هو التصفية ويمكن علاجه من خلال 3 أساليب هي التصفية والعلاج البريتوني والزرع الذي يعد أفضل الحلول.
الوقاية تأخر الإصابة بالقصور
ودعا محدثنا إلى الوقاية من المرض من خلال متابعة مسبقة خاصة لمرضى السكري وذلك بإجراء التحاليل والتنسيق مع مختلف الأطباء، مشيرا إلى وجود وعي لدى المرضى والأطباء المختصين في هذا الجانب لاسيما أنّ المرض صامت ولا يبدي أعراضا إلا في المرحلة التي ينتشر فيها فتبرز مظاهر الغثيان والدوار والقيء وهذه أعراض تظهر في المرحلة الأخيرة.
وأضاف قائلا: “لا نستطيع توقيف الإصابة بالقصور الكلوي إذا كانت الأسباب قائمة ولكن يمكننا تأخيره لبلوغ المرحلة الأخيرة.. بنوع من الريجيم والنصح والمرافقة الطبية، فالسيطرة على المرض يقابلها السيطرة على المضاعفات.”.
وبحسب المختص يجب التفريق بين أمراض الكلى وبين القصور الكلوي الذي يعني نقص الاشتغال فعندما تقل نسبة التصفية عن 60 بالمائة يعني هنالك خلل في الوظيفة.

الزرع أفضل الحلول العلاجية لمرضى القصور
وركّز البروفيسور بن زيان على أنّ أفضل علاج لمرض القصور الكلوي هو الزرع الذي يسمح للمريض بحياة طبيعية رغم كونه أكثر عرضة للأمراض مقارنة بالأشخاص الآخرين نظرا لضعف المناعة خاصة في العام الأول الذي يتعرض فيه لعلاج مكثف يثبط المناعة ويجنب رفض العضو المزروع.
وتأسّف المختص لعدم بلوغ الجزائر المستويات اللازمة لعمليات الزرع وعدم تحقيق خطوات للأمام في تفعيل سياسة التبرع من الموتى دماغيا بسبب بعض الذهنيات التي تكبح هذا التقدم، رغم وجود قوانين وإرادة سياسية وكفاءات طبية جاهزة.
وقال بن زيان: “المشكل عندنا هو تأخر إطلاق الزرع من الموتى دماغيا فزراعة الكلى من الأحياء التي نعتمد عليها حاليا، قد تلبي نسبة تتراوح بين 20-25 بالمائة وقد نصل إذا توفرت الإرادة والسياسة إلى 50 بالمائة، لكن ما يقدم فعلا نتائج ودفعا هو الزراعة من الموتى والمزاوجة بين النمطين نظرا لخصوصية التبرع من الحي ونسبة النجاح التي تكون أعلى خاصة في المجال العائلي”.
ويخضع حاليا 34 ألف جزائري لعملية تصفية الكلى، 3 آلاف شخص منهم على الأقل بحاجة إلى زرع كلى، أي نسبة 10 بالمائة فقط من مرضى القصور الكلوي يحتاجون إلى زرع.

المطلوب تسريع النصوص التطبيقية لتفعيل قانون الزرع من الموتى
ويدعو المختص إلى ضرورة تسريع تفعيل قانون التبرع من الموتى دماغيا والإفراج عن النصوص التطبيقية، فالكفاءات موجودة والإرادة الطبية موجودة وكل ما ينقص هو توفير البيئة المناسبة والآليات لتخطي العقبات، حيث قال: “القانون موجود، لكن النصوص التطبيقية لم تصدر بعد رغم إعدادها ومناقشتها وهو ما يعني أنّ الطبيب غير محمي، حيث تم تجميد العمل لاعتراض وزارة الشؤون الدينية على السجل الوطني للرفض الذي يعتبر جميع الموتى دماغيا موافقين على التبرع والرافض فقط هو من يتقدم للتوقيع وتسجيل اسمه، وإلى جانب ذلك يطرح مشكل آخر يتعلق بعدم صدور القانون الأساسي للمنسق واستشارة العائلة في التبرع وهو ما يعتبر عقبة أخرى فمنح الاختيار يفتح المجال للرفض والتردد ويعني أننا لم نذهب في عمق وجوهر القضية…”

أعضاء الميت الواحد تنقذ 12 مريضا على الأقل
وتحدث بن زيان عن تعيين منسق وطني يتواصل مع جميع مصالح الإنعاش ويقدم إحصائيات عن الأشخاص المتواجدين في حالة موت دماغي وهو ما سمح بمعرفة العدد في المستشفيات بشكل تقريبي، حيث تحصي الجزائر سنويا نحو 20 شخص يمكن الاستفادة من أعضائهم، مع المحافظة على كرامة الميت”.
وإمكانية التبرع من هؤلاء ستسهم، بحسب المختص، في إنقاذ حياة عشرات الأشخاص فكل تبرع من ميت دماغيا ينقذ 12 مريضا على الأقل في مختلف عمليات الزرع، إذ يمكن الاستفادة من كليتين وقرنيتين وقلب ورئتين وكبدين والأمعاء والجلد والبنكرياس، وعليه تبرز الأهمية الكبرى للانتقال إلى هذا النوع من الزرع الذي يحتاج إلى ثقافة وشجاعة وتدخل رجال الدين الأمر الذي تعمل عليه الوكالة الوطنية للتبرع بالأعضاء.

هكذا يتم استشارة عائلة الميت بخصوص انتزاع الأعضاء
وحددت وزارة الصحة 12 مستشفى مرخص لها بإجراء عمليات انتزاع الأعضاء وزرعها على المستوى الوطني.
وتتطلب عملية استشارة العائلة في انتزاع الأعضاء من الميت دماغيا أسلوبا خاصا وأخلاقيات مهنية، وفق ما أشار إليه البروفيسور بن زيان علي ومنها أساسا الفصل بين الطبيب المعالج والطبيب الذي يقوم بالانتزاع أو الزرع إذ يجب تحضير أهل المريض لتقديم الموافقة والتعامل معهم والحديث إليهم بأسلوب يراعي الوضع النفسي الذي هم فيه، وعادة يتم الاستعانة بإمام من باب المواساة والحث على فضل التبرع.
وأبرز أهمية ذلك بالقول: “كلمة واحدة من عامل أجهضت عملية زرع من ميّت دماغيا”، وعليه، فإنّ من يقوم بأخذ رأي العائلة يجب أن يكون من لجنة التنسيق سواء طبيب نفسي أو تقني أو غيره ويكون ذلك بعد جزم الطبيب المنسق بأن الحالة متعلقة بموت دماغي مؤكد.
وأكّد الأخصائي أنّ الموت الدماغي يعني وفاة حقيقية ومن المستحيل عودة الشخص إلى الحياة.

300 عملية زرع كلى في الجزائر سنويا
وأشار المختص إلى أنّ “أوّل عملية زرع للكلى في الجزائر تمّت في 1985 في مستشفى مصطفى باشا الجامعي وكانت بذلك الجزائر أوّل دولة في بلاد المغرب العربي تجري عملية زرع الكلى.. وتعمّمت وسارت بشكل جيد مع حلول عام 2006 لتراوح أفضل معدلاتها حاليا 300 عملية في العام هو رقم جيد لكنه غير كاف”.
وتأثرت زراعة الكلى بجائحة كورونا أين كادت تنعدم، لكن يجري حاليا استئنافها بوتيرة متسارعة حيث تم تسطير برنامج مكثف لاستئناف العمليات مع بداية شهر سبتمبر وأكتوبر، بحسب ما كشف عنه رئيس مصلحة زرع الكلى بمستشفى مايو الذي يقوم بـ 25-30 عملية سنويا.
ويرى بن زيان بأنّ الفشل في عملية زرع من الحي للحي خطأ فادح لا يغتفر وغير مسموح، فهو يدمر أي فريق طبي ويفقده الثقة في نفسه، ففقدان الشخص المستفيد وارد وممكن لكن فقدان المتبرع الذي يتمتع بصحة جيدة يعد كارثة لا يقوى على تحملها أي فريق وتصعب عليه النهوض من جديد“.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!