-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
في محاولة لشحن الرأي العام ضد تقارب البلدين

لوبي اليمين يتحرك لتسميم العلاقات بين الجزائر وفرنسا

محمد مسلم
  • 5064
  • 0
لوبي اليمين يتحرك لتسميم العلاقات بين الجزائر وفرنسا

لم يمر سوى أقل من أسبوع على الإعلان الرسمي عن عودة التواصل بين المسؤولين في كل من الجزائر وفرنسا، بلقاء الأمينين العامين لوزارة خارجية البلدين بباريس، حتى استيقظت اللوبيات المعادية للجزائر في دواليب الدولة الفرنسية، لتشحن الرأي العام هناك في محاولة لشحن الرأي العام ضدها، ومن ثم التأثير على الرئيس إيمانويل ماكرون، لكبح جماح هذا التقارب من الجانب الفرنسي.

وليس هناك من لوبي سياسي وإعلامي يعادي المصالح الجزائرية في صالونات باريس، غير اليمين واليمين المتطرف، اللذان لم يتجرعا بعد هزيمة جيش الاحتلال الفرنسي في الجزائر قبل أزيد من ستة عقود. وتعتبر صحيفة “لوفيغارو”، هي الواجهة الإعلامية ومنبر هذا التيار السياسي، ولذلك عمدت إلى تسميم التقارب الحاصل بين العاصمتين في الآونة الأخيرة، من خلال نشرها مقالا يتحدث عما تعتبره مضايقات جزائرية للغة الفرنسية في قطاع التربية والتعليم، ولاسيما الخاص منه.

وتزعم الصحيفة أنها اطّلعت على مضمون رسالة موجهة إلى أولياء الأمور، يشير فيها مدير مدرسة جزائرية إلى أن وزارة التربية الوطنية قررت مطاردة ما يسمى “البرنامج المزدوج”، الذي يسمح للطلاب بمتابعة المنهجين الجزائري والفرنسي، والاكتفاء فقط بالبرنامج الرسمي، وكذا منع إجراء الاختبارات في الثانوية الدولية “ألكسندر دوما” المعروفة بـ “الثانوية الفرنسية”، وهو ما يقود إلى تشديد شروط الالتحاق بالجامعات الجزائرية بالنسبة للجزائريين الحاصلين على البكالوريا الفرنسية.

وبغض النظر عن صدقية ما أوردته الصحيفة اليمينية، فإن فرض منهج دراسي واحد في دولة ما يعتبر قرارا سياديا، وإذا كانت هناك حالات خروج عن القانون بالسماح للغة أجنبية مثل الفرنسية مثلا، بتسيّد المشهد التربوي في دولة مستقلة لغتها الرسمية هي اللغة العربية، فإن تصحيح الوضع لا بد منه ولا يمكن اعتباره قرارا سياسيا موجها ضد دولة ما، مهما كانت خصوصية العلاقات والاعتبارات المتعلقة بالتاريخ، كما يحاول البعض تبرير مسخ المشهد التربوي في الجزائر تملقا لجهات خارجية.

وبهذا الصدد، نقلت الصحيفة اليمنية عن والدة إحدى الطالبات، قولها إن ابنتها البالغة من العمر 15 عاماً تلقت تعليما باللغة الفرنسية بالكامل تقريبا، ولا تتقن اللغة العربية، ولم تعد قادرة على الالتحاق بالمدرسة الجزائرية، وهذا أخطر ما في الأمر، بل ويتعين محاسبة كل من أوصل الأمر إلى هذا المستوى المنحدر جدا من المسخ اللغوي، فهل يعقل أن تخرج والدة تلميذ أو تلميذة في فرنسا لتقول إن ابنها أو ابنتها غير قادرة على مواصلة تعليمها باللغة الفرنسية، لأنها تعلمت باللغة العربية مثلا.. هذا أمر لا يمكن توقعه أصلا، في دولة مثل فرنسا.

ويعتبر إبراز الصحيفة الفرنسية لهذا الملف الحساس في وقت استأنفت فيه الجزائر وباريس التواصل تمهيدا لتصحيح قطار العلاقات الثنائية، مناورة الهدف منها تسميم الأجواء ومن ثم محاولة التأثير على المسؤولين الفرنسيين وعلى رأسهم الرئيس ماكرون، لعدم الاندفاع بسرعة في تطبيع العلاقات الثنائية.

وتلتقي هذه المقاربة مع هاجس النظام المغربي الذي لا يرى في التقارب الجزائري الفرنسي، إلا على حساب المصالح المغربية، وهو الشعار الذي رفعه الكثير من الفاعلين في النخب الدبلوماسية والسياسية والإعلامية في المملكة العلوية، التي لم تهضم الجمود الحاصل على محور الرباط باريس، مقابل انتعاش التقارب الجزائري الفرنسي، وذلك بالرغم من أن العلاقة بين فرنسا والمملكة المغربية هي علاقة عشق من جانب واحد، كما قال ذات مرة السفير الفرنسي في الولايات المتحدة الأمريكية، فرانسوا دولاتر: “إن المغرب يشبه العشيقة التي نجامعها كل ليلة رغم أننا لسنا بالضرورة مغرمين بها، لكننا ملزمون بالدفاع عنها”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!