-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ليبيا: حلول إدارية لإشكاليات أمنية – سياسية

ليبيا: حلول إدارية لإشكاليات أمنية – سياسية

في أيِّ خانة نضع اتفاق إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في موعد محدد، في غياب سلطة تنفيذية حاكمة، لم يُتفق على تشكيلها؟

هذا ما تمخضت عنه محادثاتُ تونس بين شخصيات ليبية اختارتها الأمم المتحدة، لطي صفحات أزمة أمنية سياسية دخلت عامها العاشر، وجزأت البلاد إلى أقاليم ثلاثة، ومجلس رئاسي محاصَر في العاصمة طرابلس، تكاد ميليشيات مسلحة تختطف سلطته لولا ضغط عالمي يستند على قرارات الأمم المتحدة.

فشلٌ في حسم أولوية تعيد الدولة إلى مسارها الصحيح، فشلٌ يرسم فشلا منطقيا في تنفيذ اتفاق إجراء انتخابات في ظل غياب سلطة تنفيذية تتوحد في منظومتها المؤسساتُ الوطنية المشتتة في سلطات متفرقة.

الفشلُ الجوهري في معالجة إشكالية سياسية أمنية، لا يغطيه اتفاقٌ على إجراءات إدارية تقليدية، في فتح طرق مغلقة أمام انسيابية نقل عمومي وحركة تجارية، وتوحيد حراسة الحقول النفطية، فالأزمة مازالت أبعد من إيجاد حل جوهري لها، طالما تجدد إخفاق القوى المتحكمة بالمشهد الليبي بشقيها العسكري والسياسي في إنشاء مجلس رئاسي جديد على قاعدة الوحدة الوطنية.

بأيِّ قاطرة سيصل الليبيون إلى محطة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية يوم 24 ديسمبر 2021 وخارطة الطريق لم تُرسم بعد؟

قفزت محادثات تونس، التي تسللت إليها أولوية مصالح القوى الخارجية، وضمان استمرار فاعلية أذرعها في حكم قواعد نفوذها، قفزت فوق المراحل دون مراعاة لتسلسلها المنطقي الذي يبدأ من قاعدة التوافق على مسارات الوصول لبناء وطن موحَّد مزقته الصراعات الأهلية.

أقرت ستيفاني وليامز مبعوثة الأمم المتحدة إلى ليبيا إن “الوصول إلى الانتخابات يتطلب سلطة تنفيذية جديدة لتوحيد البلاد، وهذا يتطلب إنشاء مجلس رئاسي مُعدل وحكومة وحدة وطنية فعَّالة وموحَّدة”.

لكن ما جرى في محادثات كان فيها التناحر حول إشكالية الأزمة أكبر من بروتوكول تنظيمها، رغم انطلاقها بعد اتفاق الطرفين الرئيسيين على وقف إطلاق النار الساري المفعول بين حكومة الوفاق الوطني وقوات شرق ليبيا “جيش حفتر”.

الشكوك في إحلال السلام، مازالت قائمة وربما تفاقمت أكثر بعد الإخفاق في تسمية حكومة جديدة تتولى مسؤولية تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ويتفق حولها الليبيون بعد طي صفحة التناحر منذ إسقاط نظام الراحل معمر القذافي بهجمة غير محسوبة النتائج من قبل حلف شمال الأطلسي، وتنفيذ فرنسي مباشر.

اتفاق الصخيرات 2015 برعاية الأمم المتحدة، انطوى على فشله، رغم الاتفاق على مبادئ عمل وتشكيل حكومة الوفاق الوطني وصلاحياتها، إلى جانب آلية صلاحيات مجلس النواب المنتخب كأعلى جهة تشريعية في ليبيا، وتشكيل المجلس الأعلى للدولة كسلطة استشارية تنفيذية، فبقيت ليبيا منقسمة بين جيش حفتر “الحاكم” لإقليم الشرق، وحكومة الوفاق الوطني الحاكم السياسي الشرعي في مركز إقليم الغرب “طرابلس”.

فشل اتفاق الصخيرات أبقى الوضع على ما هو عليه، بعد ما فشلت حكومة الوفاق الوطني في إدارة مرحلة انتقالية لمدة 18 شهرا قابلة للتمديد ستة شهور أخرى، وخرج جيش حفتر من طور السلطة السياسية المعترف بها دوليا.

فشل محادثات تونس سيتجلى في ضمان بقاء القوى المتناحرة في الشرق والغرب، والحفاظ على مكاسبها، مع تجدد حضورها بإبقاء الباب مفتوحا أمام مباحثات “غير حاسمة” هدفها اختيار سلطة تنفيذية حاكمة، تفتقر لشرط التوافق الوطني المتحرر من قيود حاضنات خارجية، وفقا لمرجعية دستورية تتوحد البلاد على قاعدتها التشريعية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!