-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ليلة‮ ‬الشك‮!‬

الشروق أونلاين
  • 2332
  • 0
ليلة‮ ‬الشك‮!‬

تتمثل قوة الأمم والشعوب في وحدتها، بل إن الوحدة هي السلاح الوحيد الذي تستطيع هذه الأمم والشعوب أن تقهر به أعداءها، ولذلك فإن أول ما يعمد إليه الأعداء هو القضاء على هذه الوحدة، فالاستعمار لم يتمكن من العرب والمسلمين إلا باعتماد سياسة فرّق تسد.
إبراهيم‮ ‬قارعلي
وإذا كانت مظاهر الوحدة بين الأمة الواحدة تتمثل في الأعياد، سواء كانت هذه الأعياد وطنية أو دينية، فللأسف القاتل أن مثل هذه الأعياد قد أصبحت تجسّد مظاهر التفرقة والتشتت بين الشعوب الإسلامية الذين يمثلون أمة واحدة من الخليج إلى المحيط.
إن الوحدة تمثل رباطا مقدّسا إذا ما كانت تتصل بالدين، لأن الدين يملك سلطة روحية على المؤمنين، ولذلك فإن الخلاف هو الذي سوف يذهب بريح هذه الوحدة وتسود الفتنة التي تقضي على أبناء الأمة الواحدة.
وكان من الغرابة أن رمضان الذي تتوحد فيه مشاعر المسلمين، قد أصبح في كل سنة يفضح عورتهم ويظهرهم أمام غيرهم متفرقين مثل القطيع هنا وهناك، على الرغم من أن الصيام عبادة ويعد من الأركان الأساسية التي يقوم عليها الدين الإسلامي الحنيف.
لقد أصبح المسلمون يختلفون في كل مرة حول هلال الصيام وهلال العيد، فلا تراهم يصومون في يوم واحد، ولا تراهم أيضا يحتفلون بالعيد في يوم واحد! فإذا ما كان رمضان في العراق كان شعبان في الكويت وإذا ما كان شوال في الجزائر مازال رمضان في المغرب! وعلى الرغم من أن الهلال‮ ‬واحد‮ ‬في‮ ‬السماء،‮ ‬فإنه‮ ‬سرعان‮ ‬ما‮ ‬يصبح‮ ‬أهلة‮ ‬فوق‮ ‬أرض‮ ‬كل‮ ‬دولة‮. ‬وكأن‮ ‬الأمر‮ ‬يتعلق‮ ‬بالعلم‮ ‬الوطني،‮ ‬حيث‮ ‬يصير‮ ‬لكل‮ ‬دولة‮ ‬هلالها‮ ‬الذي‮ ‬تصوم‮ ‬لرؤيته‮ ‬وتفطر‮ ‬لرؤيته‮!‬
أليس من السخرية أن الدول العربية التي تمثل قطعة جغرافية واحدة، يصوم بعضها ويفطر بعضها الآخر، على الرغم من أنه لا يفصل بين دولة وأخرى غير المراكز الحدودية التي تقيمها الجمارك عند الدخول وعند الخروج، وكأن هلال رمضان أو العيد يحتاج إلى تأشيرة للعبور أو أن جمارك‮ ‬هذه‮ ‬الدولة‮ ‬تكون‮ ‬قد‮ ‬منعته‮ ‬من‮ ‬أن‮ ‬يدخل‮ ‬الى‮ ‬الدولة‮ ‬المجاورة‮!!‬
بالتأكيد، أن أنظمة الحكم في البلاد العربية والإسلامية التي فرضت جوازات السفر والتأشيرات على أبناء الأمة الواحدة، هي الأنظمة السياسية نفسها التي فرضت عليهم هلالها الذي رأته، ومن الطبيعي أن الحكام العرب والمسلمين الذين خلدوا في الحكم أكثر مما خلد الفراعنة، لا‮ ‬يورون‮ ‬شعوبهم‮ ‬إلا‮ ‬ما‮ ‬يرون‮!!‬
وقد وصل الأمر إلى أن يختلف أبناء الدولة الواحدة في يوم صيامهم وفي يوم عيدهم، وقد حدث ذلك بين الجزائريين أكثر من مرة خلال سنوات الفتنة التي كادت أن تقضي على وحدتهم الدينية ووحدتهم الوطنية.
ويصبح‮ ‬المشهد‮ ‬في‮ ‬غاية‮ ‬من‮ ‬السخرية،‮ ‬حين‮ ‬ينتقل‮ ‬هذا‮ ‬الخلاف‮ ‬إلى‮ ‬الجالية‮ ‬الإسلامية‮ ‬في‮ ‬أوربا‮ ‬أو‮ ‬أمريكا،‮ ‬فتصبح‮ ‬جالية‮ ‬كل‮ ‬دولة‮ ‬تصوم‮ ‬في‮ ‬المهجر‮ ‬على‭ ‬هلال‮ ‬دولتها‮ ‬الأصلية‮.‬
والواضح، أن مثل هذه الخلافات لا تعبّر في النهاية إلا عن انحطاطنا السياسي وسوء فهمنا للدين الحنيف. فالاختلافات المذهبية ليست في حقيقة الأمر سوى خلافات سياسية، فكم أفسدت السياسة على المسلمين دينهم الذي يكاد يتحوّل إلى أديان!
‮.. ‬ومع‮ ‬كل‮ ‬ليلة‮ ‬شك،‮ ‬يزداد‮ ‬المسلمون‮ ‬شكوكا‮ ‬في‮ ‬وحدتهم‮.. ‬ولو‮ ‬أصبح‮ ‬العيد‮ ‬أعيادا‮ ‬يبقى‮ ‬عيدنا‮ ‬مباركا‮.‬

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!