-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لِمَ لا أكون رئيسا؟

لِمَ لا أكون رئيسا؟
أرشيف

يكشف التوجُّه بأعدادٍ كبيرة نحو الترشح للانتخابات الرئاسية في أحد جوانبه وجود مشكلة أخلاقية حقيقية في المجتمع. ويعكس في جانب آخر الانقلاب الكبير الحاصل في القيم على المستويين الرسمي والمجتمعي.

المشكلة الأخلاقية، يُمكِنُ التعبيرُ عنها بأن التواضع لم يعد سمة من سمات المجتمع، وأن الكثير من الناس لم تعد عبارة “رحم الله امرأ عرف قدر نفسه” تعني لهم شيئا، فكل الموازين مقلوبة وليس هناك مِن مانع لأي كان أن يَدَّعي القدرة على فعل أي شيء، حتى ولو كان ذلك رئاسة الجمهورية… أما المشكلة القيمية، وهي الأخطر، فتتعلق بوصول الناس إلى قناعة أن كل سُلَّم القيم أصبح مقلوبا في المجتمع، واستخلاصهم تبعًا لذلك أنه لا مانع لأي كان أن يتطلع إلى أي منصب كان ولو كان منصب رئيس الجمهورية، ماداموا يرون ما دونهم مستوى وكفاءة في مناصب كبيرة، وأحيانا تشريعية سامية في الدولة، فلِمَ لا يتطلع أحدُهم أن يكون القاضي الأول في البلاد؟

وقد تمَّ الوصول بالناس إلى هذه الحالة من الشعور نتيجة ملاحظتهم طيلة عقود من الزمن أن قاعدة “انزلوا الناس منازلهم” كما جاءت في الأثر، لا مجال لها عند التطبيق في مجتمعنا سواء أكان ذلك على مستوى المعاملات أو تولي المسؤوليات؛ إذ يُمكن لأي كان أن يكون مديرا أو مسؤولا أو سفيرا أو وزيرا لاعتبارات ذاتية لا علاقة لها بالكفاءة أو المقدرة، كما يُمكن لأي كان أن يتقدَّم الصفوف ويجلس على الأرائك الأولى، فقط لأنه من النوع الذي يدوس على كل القيم والأخلاق والقوانين لأجل تحقيق أهدافه، فكيف لا يفعل ذلك اليوم والأمر يتعلق بأعلى منصب في الجمهورية؟ ولذلك فلا مانع “أخلاقي” لديهم، هم أيضا، من أن يتقدموا بالترشح إلى مسؤوليات حتى وإن كانوا أعلم من غيرهم أنهم لا يستطيعون تحمُّل أوزارها…

ومن هذه الزاوية يكشف سؤال “لِمَ لا أكون رئيسا؟” الانقلابَ الحاصل في سلم القيم في المجتمع، وعلينا في هذا الجانب أن نُعيد ضبط الأمور وفق شريعتنا السمحة وتقاليدنا ونُعيد النظر في القوانين الناظمة لهذه المسألة لعلّنا نستعيد الأمل في أن يتريث الراغب في المسؤولية إلى أن يُرشِّحه الآخرون، (أحزاب أو هيئات أو جمعيات… الخ)، وأن يكون لذلك، حد أدنى من الشروط بعيدا عن كل شعبوية أو ديمقراطية شكلية… وقد كتب في ذلك الأوَّلون ما كتبوا، بشأن شروط تولي الإمارة، وليس علينا سوى أن نقتدي بهم إن لم يكن لنا من اجتهادٍ نضيفه، ولا أظن أننا نملك ذلك أو اقتربنا من ذلك.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • جزاءرية

    لا فض فوك يا دكتور!
    لقد مضى وقت طويل على اختلال منظومة القيم والمفاهيم، وذلك منذ خلق ما سمي بتشغيل الشباب ( او بالاحرى استغلال الشباب)، حيث تستنفذ طاقات مقتبل العمر في عقود تضيع العمر والفرص لتولي المسؤولية واكتساب الخبرة، بهدف ان يبقى الشيوخ عديمو الكفاءة في مناصبهه حتى يموتوا او يقضي الله امرا كان مفعولا، فيفوتوا بذلك الفرصة على الشباب الذين يموتون ببطء في ظل هذا الوضع المنقلب! ما عسانا نجني من وضع كهذا ال التخلف
    والالنحطاط.

  • نمام

    المشكلة ليست هذه الانتهازية وانما ما الذي اوصلنا اليها تساهلنا مع الاستغلال والفقر و التطبيع مع الاستبداد و لم ننتفض لاجله و نحتار في عددالراغبين وهم يدركون ان لا حظ لهم لان كل دول العالم تختار رئيسها لظروفها و تغيرا ت ما حولها و ان ادعت الديمقرطية و المشاركة الشعبية بعيدا عن التسلط ولكن القضية عندنا ذرا قرن خطر حدتها لاننا على عتبة انقلاب بشري لم يعرف من قبل هؤلاء الذين شاخوا في مناصبهم وكانهم لا يدركون اننا على شفا هذه العتبة والهوة تحتها بدون قرار وهؤلاء لن يصنعوا تحولا سواء الحاكمين او طامحين الذين لا يملكون مشروعا خارج السلطة وسنكون مظطرين لرئيس سينزل من المظلة نظرا لهذا الكرنفال المتعمد

  • صالح بوقدير

    فرصة لاتعوض للعاجز عن كسب قوت يومه للخروج من العجز بترقب الحمامة تنزل عليه ليتوج وتمنح له مفاتيح خزائن الارض فهذا حلم جميل وإن كان في اليقظة فلا تفسد على الناس أحلامهم واترك أمرهم للصندوق فالمباح لاتثريب عليه

  • Dine Mehyaoui

    فعلا هي مسألة مفاهيم وقيم فاذا كان البرلمان ومجلس الامة والكثير من الهيءات حتى السيادية منها يعجون بأعضاء فاقدين للاهلية العلمية والاخلاقية والثقافية فلماذا لايطمع من هب ودب فيما هو أعلى من ذلك..هذا يهدد مستقبل البلد..

  • الطيب

    العبقرية التي تفتقت بعد 57 سنة استقلال...
    هاذو جاو ارواحهم برك ولا جابتهم منظومة ؟!

  • tahar-saida

    الناس على دين ملوكها.......!! نقطة الى السطر.

  • بشير

    انه السلم المقلوب فعلا و الحال ان سياسة التمييع وصلت الى كل شىء حتى لمنصب الرءيس