مؤرخ فرنسي يفضح انتقائية النخب في قضية صنصال
وقف المؤرخ الفرنسي، سيباستيان لودو، على حجم التناقضات الكبيرة التي تنام عليها النخب السياسية والإعلامية في فرنسا، والتي فجرتها حادثة إيقاف الكاتب بوعلام صنصال في الجزائر، أو ما أسماها المؤرخ “الوحشية في النقاش”، بشأن حادثتين منفصلتين ولكنهما متشابهتان.
ويقارن هنا المؤرخ الفرنسي بين تعاطي النخب السياسية والإعلامية في فرنسا مع حادثة إيقاف بوعلام صنصال، والحملة التي تعرض لها الباحث في العلوم السياسية، نجيب سيدي موسى، بعد ظهوره في قناة تلفزيونية عمومية فرنسية (فرانس 5)، معلقا على قضية صنصال.
يقول المؤرخ الفرنسي إنه وعلى الرغم من إدانة الباحث الفرنسي من أصول جزائرية، نجيب سيدي موسى، لحادثة إيقاف الفرنسي الآخر، بوعلام صنصال، إلا أن دكاكين اليمين المتطرف ونخبه لم تغفر له انتقاد المواقف المثيرة للجدل لصنصال، والتي وضعته كمدافع شرس عن مواقف وسياسيات اليمين المتطرف، المعروف بعداوته للمهاجرين وللإسلام ولكل ما هو جزائري على وجه التحديد، وفق ما جاء في صحيفة “لوموند” الفرنسية، الأحد، عبر موقعها على الأنترنيت.
وبرأي سيباستيان لودو، فإن نجيب سيدي موسى، وجد نفسه “هدفا لهجمات لا حصر لها في العديد من وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي. وفي تحول مذهل للأحداث، لم يتردد البعض في اتهامه بالعمل سرا لصالح الجزائر، أو بالتهاون مع التيار الإسلامي، وذلك من خلال عنف لا يصدق”.
ومباشرة بعد مشاركة الباحث نجيب سيدي موسى في برنامج “سي بوليتيك”، الذي تقدمه القناة التلفزيونية الفرنسية العمومية الخامسة، إلى جانب مثقفين آخرين، على غرار المؤرخ بنجامان ستورا، خصصت قناة “سي نيوز” الخاصة، المحسوبة على اليمين المتطرف، برنامجا آخر خصص للرد على ما جاء في القناة العمومية، حملت شتائم وتوصيفات عنصرية مقيتة، صدرت عن مقدم البرنامج، باسكال برو، المعروف بتأييده المطلق للكيان الصهيوني.
وفي هذا البرنامج تهجم باسكال برو بشكل فج على مقدم البرنامج، توما سنيغاروف، لأنه استضاف نجيب سيدي موسى الذي وصفه بكل الأوصاف. ولمن لا يعرف باسكال برو فهو الذي استضاف برنامجا حول العدوان الصهيوني على غزة، أين حاول قبل البرنامج استدراج ضيفه للتغطية على جرائم الكيان الصهيوني في غزة وعدم مهاجمته، غير أن الضيف قام بتسجيل باسكال برو خلسة وفضحه أمام الرأي العام.
ويقول المؤرخ لودو إن الباحث نجيب سيدي موسى دفع ثمن تصريحاته ضد صنصال، وهي علامة على استمرار ردود الفعل العنصرية القديمة في فترة ما بعد الاستعمار، وفق ما جاء في الصحيفة، والتي ترى أن الهجمات التي تعرض لها الباحث ذي الأصول الجزائرية، لم تأت من مجموعة متطرفة صغيرة تفتقر إلى الظهور، بل من صحفيين ووسائل إعلام معروفة وحتى من جهات سياسية بارزة وفاعلة، وهو أمر يثير القلق كما قال.
وبالنسبة لـ”سيباستيان لودو”، فإن ما يقوم به اليمين المتطرف في الاعلام والسياسة، إنما هي “تصرفات عنصرية وعنف ضد المستعمرين، كما عرفناها عبر التاريخ الاستعماري لبلدنا. ويحدث ذلك في سياق تم فيه إطلاق خطاب عنصري ما بعد الاستعمار مع احتمال فوز التجمع الوطني في الانتخابات التشريعية”، مستشهدا بحالات مشابهة طالت صحافيين وسياسيين من أصول غير فرنسية، على غرار وزيرة التربية الفرنسية سابقا، نجاة فالود بلقاسم.